الوقت- بعد سنين من استخدام الفاظ مثل "انحراف البرنامج النووي الايراني عن المسار السلمي" و"وجود جوانب عسكرية في البرنامج الايراني" و "قيام ايران بتجارب مريبة" و ما شابه ذلك في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ايران جاء التقرير الاخير لمدير الوكالة الدولية يوكيو امانو و الذي اصدره قبل ايام خاليا من مثل هذه العبارات والالفاظ و المصطلحات ما يثير تساؤلات كبيرة حول سبب توجيه تلك الاتهامات لايران خلال السنوات الماضية و دور و اهداف الوكالة و شرعية الاجراءات العقابية التي فرضت على ايران في السنوات الاخيرة.
ان تقرير امانو يقول بوضوح ان وجود انحراف في البرنامج الايراني لم يثبت فلماذا كان الامريكيون يقولون و لايزلوا يقولون بأنهم استطاعوا منع ايران من صنع السلاح النووي عبر التفاوض وعقد اتفاق نووي معها؟ أليس من الافضل للامريكيين الآن ان يعترفوا بالحقيقة و يذعنوا بسلمية البرنامج الايراني منذ البداية او ان يصمتوا على الأقل؟
ومن يقرأ تقرير امانو يجد ان الوكالة تعترف بعدم وجود دورة الوقود النووي في اي نشاط عسكري في ايران كما يقول التقرير بوضوح ان ايران لم تكن لديها في الاساس اية دورة وقود نووي غير معلن كما لم تدخل مادة اليورانيوم في النشاطات العسكرية الايرانية وهذا ما يثبت عدم وجود اي انحراف في البرنامج النووي الايراني السلمي بشكل واضح.
ومن منا لايتذكر قيام الوكالة الدولية خلال الـ 12 سنة الماضية بتكرار المزاعم المخابراتية الغربية بأن هناك احتمال بان ايران قامت باجراء اختبارات على تفجيرات تستخدم في الرؤوس النووية و غير ذلك من القضايا، فكيف يذعن تقرير مدير الوكالة الآن بعدم اجراء اي اختبار نووي في ايران؟ ألم يكن الايرانيون على حق حينما كانوا لايسمحون بفتح البلاد بالكامل امام من كان يبحث عن اثبات المزاعم المخابراتية الغربية والاسرائيلية داخل المنشآت الايرانية؟
ان مزاعم المخابرات الغربية والامريكية على وجه الخصوص خلال السنوات الماضية كانت تدور حول وجود حاسوب محمول فيه بعض المعلومات التي تثير التساؤلات بشأن سلمية برنامج ايران النووي لكن التقرير الاخير لامانو يقول بكل وضوح انه لا يمكن الاستناد الى هذا الحاسوب المحمول وان التقارير المتعلقة به غير معتبرة ولايمكن الاستناد اليها.
ان المسؤولين الايرانيين لم يصروا طوال السنوات الماضية على مجرد براءة ساحة ايران من الاتهامات الغربية بل كانوا يريدون ان تعلن الوكالة الدولية بأنها لم تستطع خلال تحققاتها وعمليات تفتيشها في ايران ان تلصق اية تهمة الى ايران وهذا ما يكفي لاغلاق الملف النووي الايراني في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لا شك ان التقرير الاخير لامانو هو وثيقة تاريخية هامة وسيكون ساري المفعول لسنين عديدة مع استمرار التعاون المستقبلي بين ايران والوكالة الدولية وتنفيذ الاتفاق النووي المبرم مع الدول الست خلال السنوات القادمة وان هذا التقرير يجب ان يسكت من الان فصاعدا كل من كان يتهم ايران باتهامات مختلفة في الفترة السابقة لانه اثبت تعاون ايران مع الوكالة وعدم وجود ابحاث نووية عسكرية في ايران في الوقت السابق.
وليس غريبا ان نسمع بعد صدور تقرير الوكالة كلام المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر بأن هذا التقرير يكفي لاغلاق ملف الجوانب العسكرية المحتملة في البرنامج النووي الايراني في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأن كلام تونر يثبت ان الامريكيين ليست لديهم ذرائع بعد الآن لكيل الاتهامات ضد ايران واذا تم اغلاق هذا الملف في مجلس حكام الوكالة الدولية فذلك ليس "منة" امريكية او "منة" من اية جهة بل فقط بسبب عدم وجود اية ادلة تثبت انحراف البرنامج النووي الايراني عن مساره السلمي.
لقد خرجت ايران مرفوعة الرأس مرة اخرى ليس فقط بسبب عدم وجود اثبات حول انحراف برنامجها النووي بل ايضا بسبب معرفة الجميع بصوابية مواقفها في الملف النووي منذ بدء خلق هذا الملف حتى الان فهذا البلد الذي كان يؤكد زيف التقارير المخابراتية الاجنبية بشأن انشطتها لم يتراجع امام الضغوط الهائلة التي كانت تريد كسر ارادته مثل العقوبات الاقتصادية و التهديدات العسكرية فلم تفتح ايران ابواب منشآتها العسكرية امام اي مفتش اجنبي ولم تتراجع عن مواقفها الدولية المحقة حتى اصبح الطرف المقابل مجبرا على الاعتراف باخطائه و التراجع امام الايرانيين.