الوقت - توجد روايات عديدة حول الأحداث التي جرت مع المتقاعدين العسكريين في قطر وانتهت بقرار السلطات القطرية ترحيل الآلاف منهم قبل بدء كأس العالم.
فالجدل بقي متواصلاً على المستوى الاجتماعي والرسمي وعلى مستوى منصات التواصل الاجتماعي في الأردن بصفة يومية وللأسبوع الثاني على التوالي تحت عنوان ما حصل مع قوة الواجب القطري الأردنية التي تضم 6,000 متعاقد من متقاعدي الأجهزة الأمنية الاردنية قررت قطر قبل خمسة ايام على نحو مفاجئ الاستغناء عن خدماتهم وإلغاء عقد استخدامهم وإعادتهم جميعا إلى بلادهم عبر أسطول من الطائرات القطرية مع دفع جزء من مستحقاتهم بمعدل 1500 دولار لكل منهم.
ظروف القرار القطري وملابساته لم تتّضح بعد. لكن النتيجة أن ما حصل تسبّب بصدمة عارمة وجدل عنيف في الأردن فيما تصر السلطات الرسمية والحكومية على منع إصدار أي صوت أو تعليق أو إصدار بيان يوضح للناس ما الذي حصل من مقتضيات القرار القطري لكن بصورة لافتة كل الأردنيين الذين عبّروا عموما عن غضبهم لما حصل تقدّموا بالشّكر لدولة قطر واعتبروا أن عودة أبنائهم و بهذا الحجم الجماعي وضمن أسطول الطائرات وبمعدل رحلتين أو ثلاثة يوميا مُؤشّر على حصول خطأ أردني بكُل الأحوال.
وتكشفت بعض التفاصيل الجديدة حول خلفية ما حصل وأغضب السلطات القطرية بخصوص قوة الواجب الاردنية.
العقد شريعة المتعاقدين، هي الرواية الأولى، وتحدث عنها الإعلامي الاذاعي الأردني المعروف حسام الغرايبة على الهواء مباشرة ولقي هجوماً واسعاً، لدرجة أنه من الممكن أن شعبيته تضررت بصورة فادحة.
حيث قال إن لديه معلومات دقيقة من داخل الاجتماعات تشير إلى أن فئة من المتعاقدين الاردنيين الذين أثاروا الشغب لجأت إلى حالة “ابتزاز” واضحة للدولة القطرية عبر الإصرار في اجتماع رعاه السفير الأردني في الدوحة مع مسؤولين قطريين لحل الإشكال على أمل الاستجابة لمطالب معقولة من الأردنيين المُعترضين.
وحسب المداخلة الإذاعية للمذيع الغرايبة يبدو أن بعض المتقاعدين الأردنيين فكّر في ابتزاز الدولة القطرية وطالب بإلغاء عقد استخدامه الموقع مع الشركة الوسيطة واجراء تعاقدات مباشرة بين الطرفين ثم طلب بعضهم حسب الغرايبة 10,000 دولار نظير كل شهر من المشاركة في الواجب القطري وهو أمر رفضته السلطات القطرية ودفعها باتجاه الاستغناء عن العقد الأردني.
وحسب الغرايبة حاول بعض المُتعاقَد معهم إقامة فعاليات حراكية على الطريقة الأردنية المحلية ظنا منهم أن دولة قطر في وضع يسمح لها بالاستجابة وأشار الغرابية ايضا لمعلومة جديدة لم تنشر سابقا قوامها أن اليوم الذي كان يفترض أن يبدأ فيه تمرين أمني تعبوي برعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم حضر فقط 120 أردنيا من أكثر من 5600 متعاقد تم التعاقد معهم ووصلوا إلى الدوحة.
وبالتالي أعاق غياب الأردنيين الذين بقوا في مقرّات إقامتهم الترتيب القطري وتسبّب ذلك بإحراجٍ شديد.
وأشار المذيع الغرايبة بجرأة إلى أن الاعتراض على البدل النقدي كان ممكنا عبر السلطات الاردنية وليس القطرية وبعد إنجاز المهمة التي رأى أنها الآن حظيت بتشويه عبر أردنيين هذه المرّة لسُمعة المتقاعدين المحليين.
لكن الجدل عموما لم يبق في هذا السياق فقط فقد أصدرت عشيرة العتوم بيانا وقعه نحو 300 شخصية من أبناء العشيرة بيانا شديد اللهجة يتّهم فيها بيان سابق يخلو من الأسماء الموقعة بالافتراء والكذب باسم العشيرة مع إعلان التضامن مع دولة قطر والامل بنجاح مونديال كأس العالم إضافة إلى التضامن مع ابن العشيرة حسين العتوم الذي يُعتقد أنه صاحب المبادرة أصلا كرجل أعمال في مقاولة الواجب الأمني الأردني واحد رموزها.
وأعلنت عشيرة العتوم في بيانها الموقع أنها لن تتسامح مع محاولات الإساءة للعشيرة أو ادّعاء تمثيلها ومع أي افتراء أو ذم أو تشهير أو اغتيال شخصية لابنها رجل الأعمال حسين العتوم والتذكير بأن الحق أبلج والحقيقة ستظهر لاحقا وبأن كل ما جرى عبارة عن مسرحية بدأت فصولها في الخارج وتواصلت في بعض المحافظات في الداخل مع الإشارة إلى أن أبناء العتوم لن يتساهلوا مع أي محاولة للمساس بعشيرتهم وبكل الأحوال.
وفي التداعيات لا تزال دعوات التحقيق في واقعة ملف قوة الواجب القطري تتصدّر كل الاعتبارات والمعطيات في الشارع الأردني وسط حالة شعور بالخجل جراء ما حصل وخصوصا أن أحدا في الشارع الأردني لم يقدّم أي لوم لدولة قطر على إجرائها.
وفي الوقت الذي دعا فيه متقاعدون عسكريون إلى تجنب أي اساءة لسمعة المتعاقدين الاردنيين جرّاء ما حصل تواصلت البيانات والمزاعم والادّعاءات التي تتحدّث عن حقائق غائبة ولا بد أن تظهر.
لكن يبدو في المقابل أن السلطات القطرية اتّخذت قرارها خوفا من أن يتعرقل برنامجها الأمني الحيوي في حماية المونديال وهو أحد أبرز البرامج الأساسية بالنسبة للفيفا وللأسرة الرياضية جراء حالات تظاهر أو وقفات احتجاجية لأسباب مالية يُمارسها أي من الأردنيين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم خوفا أيضا من تقليد القوى الأمنية الأخرى التي استعانت بها قطر لمثل هذا السلوك وهو ما دفع باتجاه قرار بترحيل القوة الأمنية الأردنية الخاصّة جميعها.
ويبدو أن السلطات القطرية وقبل أيّام قليلة من انطلاق مونديال كأس العالم بصدد إجراءات أخرى حازمة.
ومن جانبهم ظهر متقاعدون عائدون يتحدّثون عمّا حصل ويعتبرون أن دولة قطر لم تُقصّر معهم و يشيدون بها ويتمنّون لها التوفيق مع التاكيد على ان قلة قليلة من مواطنيهم هي التي تسبّبت بقطع أرزاق عائلات أردنية واثارت مشكلة لم تكن مبررة إطلاقا عبر المطالبة بمخصصات وحوافز مالية في ظرف حساس خلافا لشروط العقد الذي وقعته معهم الشركه التي نقلت قوة الواجب من المتقاعدين الذين تم التعاقد معهم بمعزل عن السلطات الأردنية الرسمية.
وفي أحد مقاطع الفيديو يتحدث متقاعد عائد مؤخرا من الدوحة مهند الزعبي عن ظهور بلبلة.
وتحدّث متقاعد آخر عن مراسلات على مجموعات واتس آب مجهولة وغامضة بين المتقاعدين أثارتهم وعن عملية تصوير جرت لبعض الاضطرابات والمطالبات والوقفات الاحتجاجية تم تداولها عبر منابر المعارضة الخارجية على نحو مفاجئ، الأمر الذي يشير الى بلبلة لم تكن مبررة على الاطلاق وظهر متقاعدان ايضا تحدث كل منهم في نفس الأشرطة عن شعوره بالاسف بسبب ما حصل مع الاشارة إلى أن قلة قليلة من الاردنيين انفعلوا في توقيت غريب وخلافا للاتفاقيات الموقعة معه وطالبوا بحوافز مالية من وفد قطري رسمي، الأمر الذي ألهب المشاعر وظهرت شائعات دفعت باتجاه حصول مشكلة وعبر المتقاعدون مجددا عن قناعتهم بعدم وجود ما يستوجب توجيه الملامة للجانب القطري بطريقة أو بأخرى معبّرين عن أسفهم تجاه تصرفات بعض المتعاقد معهم من مواطنيهم المحليين والتي نتج عنها التسبب بإشكالية.
وظهرت مثل هذه الإقرارات فيما تمتنع الحكومة الأردنية عن التعليق على مجريات ما حصل في قطر تحضيرا للواجبات الأمنية المرتبطة بمونديال كأس العالم.
لكن الأزمة تتفاعل خلف الستارة والكواليس وظهرت خلال اليومين الماضيين بوادر محاولة أردنية رسمية مع الدولة القطرية باحتواء الموقف وعدم التوسّع في الحديث عنه واعتباره مشكلة في العلاقات بين البلدين.
ويبدو أن الجانب القطري يظهر مرونة هنا فيما لم توجه الحكومة الأردنية أي لوم من أي نوع للدوحة بعد قرار مفاجئ ومباغت بترحيل وتفسير نحو 6000 اردني تم التعاقد معهم وبعد 20 يوما فقط من موجبات اتفاق العقد وواجبات تستمر لثلاثة أشهر، الأمر الذي اثار عاصفة من الانزعاج وسط الأردنيين أعقبت حالة تبادل للاتهامات وخصوصا في اوساط المتقاعدين العسكريين أنفسهم.
ومن المرجّح أن زيارة وفد أمني أردني رفيع المستوى قبل عدّة أيّام وإجراء مشاورات مع مسؤولين امنيين قطريين تصب في اتجاه احتواء هذه الاشكالية مع إعلان الأردن وإبلاغ القطريين رسميا باسم مديرية الأمن العام بأن الأجهزة الأمنية الأردنية تقف خلف قطر في مساندة إقامة المونديال، وأنها مستعدّة لتغطية أي احتياجات قطرية في هذا السياق.
وهو ما اعتبر رسالة مودّة إيجابية من الجانب الأردني على أمل فتح صفحة جديدة وترك ما حصل وخصوصا إبعاده عن التجاذبات الإعلامية بصفة حصرية ويفترض أن ذلك يحدث بالتوازي مع مُحاولات أردنية مبكرة لاجراء تحقيق داخلي فيما حصل وخصوصا أن أعضاء في البرلمان وجّهوا أسئلة للحكومة ومنهم النائب الإسلامي الشيخ أحمد قطاونة الذي وجّه أربعة أسئلة عن رئاسة البرلمان لرئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة.
الرواية الثانية، تحكي عن استغلال وغبن تعرض له المتقاعدون من الشركة التي تدبرت العقود لهم للمشاركة في تنظيم كأس العالم، فالمتقاعدون عايشوا تقصيراً واضحاً من الشركة المنظمة، وعلموا أن نظراءهم من دول أخرى يتقاضون مبالغ أعلى بكثير مما تقاضوه.
الغبن مسألة خلافية، فالشركة تتكبد أيضاً أموالاً من أجل إعاشة المتقاعدين، يمكن أن تصل إلى آلاف الدولارات في سبعين يوماً من الإقامة.
وقال أحد المتقاعدين إن الشركة حصلت على مبلغ 15 ألف دولار عن كل شخص يشارك من خلالها، فيما تم الاتفاق معهم على دفع أجورهم واصفا إياها بمبلغ بالزهيدة. وأفاد بأن الشركة لم تلتزم ببنود العقد، الأمر الذي أثار حفيظتهم واكتشفوا ذلك بعد وصولهم إلى قطر، ما تسبب باستيائهم ودفعهم للتظاهر احتجاجا على ما وصفوه بـ"التغرير" بهم من قبل تلك الشركة.
وخاطب المتقاعدون العسكريون في كتاب لهم السلطات المعنية في قطر للتدخل من أجل حل الأزمة وضمان حقوقهم، مطالبين بفسخ العقد المبرم بينهم وبين الشركة في الأردن التي وصفوها بأنها "ليست معروفة لديهم". وحسب معلومات لم يتم التأكد من صحتها، فإن القائم على الشركة أبدى تجاوبه في التعاطي مع الأمر والوقوف على مطالب الموقعين للعقد، من منطلق التزامه بالبنود وحفاظا على حقوق المتقاعدين.
مصدر في جمعية المتقاعدين العسكريين، أكد في حديث لاحدى وسائل الإعلام أن الشركة حصلت على الموافقات اللازمة ونفذت دورها بالشكل المطلوب، قبل سفر المتعاقدين معها إلى الدوحة. وأوضح أن إجراءات السفر جرت بشكل طبيعي إلى أن اعترض عدد من المتعاقدين بعد وصولهم لمكان إقامتهم في الدوحة على قيمة أتعابهم التي تم الاتفاق على دفعها لهم سابقا. وأشار المصدر في حديثه إلى أن حكومة قطر تضغط على الشركة حيث تدفع مبلغ 5 آلاف دولار لكل شخص من المحتجين لتحقيق المساواة في الأجور بين جميع المتعاقدين مع الشركة.