الوقت- أجمعت قوى المعارضة في البحرين بكامل أطيافها عن مقاطعتها الشاملة للانتخابات حيث أعلنت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية وجمعية العمل الإسلامي وتيار الوفاء الإسلامي وائتلاف ١٤ فبراير وحركة أحرار البحرين الإسلامية وحركة الحريات والديمقراطية (حق) مقاطعتها للانتخابات النيابية والبلدية المقرّرة من قبل النظام في 12 تشرين الثاني الحالي.
و من خلال بيان مشترك، وصفت قوى المعارضة الستة الانتخابات بـ"العملية الصورية الفاقدة للمشروعية والتمثيل الشعبي"، وأكدت أن "النظام في البحرين يستثمر هذه العملية الانتخابية لمزيد من الاستبداد والتسلّط ومصادرة الإرادة الشعبية والاستحواذ على الثروة ونهب خيرات ومقدرات البلد وزيادة الضرائب على الناس ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم الماسة بحقوق الانسان وتغول الفساد".
و أكدت قوى المعارضة من خلال بيانها المشترك على أن "جميع أبناء البحرين بلا استثناء متضررون ومستهدفون في معيشتهم وحرياتهم وأمنهم وكل حقوقهم بسبب هذه العملية الانتخابية التي يشكلها النظام من كل المناطق والمكونات الى مقاطعة العملية الانتخابية الهزلية من أجل الحفاظ على سيادة البلد وحمايته من الفساد والتهويد والقضاء على الهوية الوطنية وذلك رعايةً لمستقبل بلدنا ومستقبل جميع أبنائه.على مقاساته فقط"
من جانبه أطلق زعيم الشيعة في البحرين "اية الله الشيخ عيسى قاسم"، رسالة لعموم الشعب البحريني؛ محذرا اياه من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة.
واعتبر "الشيخ قاسم" في خطابه، أن "مشاركة شعبِ البحرينِ في الاِنتخاباتِ القادمةِ، خدمةٌ للظّلمِ وإعانةٌ على النَّفس وإضرارٌ بها".
واكد على "الشعب وكلّ أبناء المملكة حتى يكونوا على بيّنة من أمرهم ويتحمّلوا مسؤوليّاتهم الوطنية إزاء ما يريد نظام آل خليفة تكريسه وتثبيته من طغيان واستبداد لا يتوقّف".
وأضاف، ان "كلّ ذلك لا يقرّه عقلٌ ولا دينٌ ولا سيرةٌ عقلائيَّة"؛ مشددا على أن "البديل هو الإنكارُ على تفريغ الاِنتخاباتِ من أيِّ محتوىً مُجْدٍ للشَّعبِ وجعلِها أداةً لتركيزِ الانفراديَّة".
ومما جاء أيضا في نص بيان آية الله قاسم، نازل الشعوب عن حقها السياسي -وسائر حقوقها الأخرى- للحكومات جريمة كبرى فيها فساد الطرفين. الرَأي الصحيح الذي لا ينبغي المراء فيه هو إما انتخابات فيها حل لمشكلات الشَعب، وإما لا مشاركة شعبيَة تزيد من طغيان الحكم واستبداده. ولكنَ الباحثين عن المال والمنصب لا يعيرون الحق سمعا، ولا كوارث الشعوب هما.
الكلام عن الانتخابات يزيد لدى الشعوب من حضور حق الشهداء والسجناء المعذبين عليها، ويثير غيرتها على دينها وكرامتها، ويشدد من تمسُكها بحقها في الحرية والكرامة. ومدهش جدا أن يتحول إلى فرصة استغفال واستحمار من الحكومات للشعوب، وتكريس للديكتاتورية باسم الديموقراطية، فانتبهوا، انتبهوا.
وكانت قوى المعارضة قد وجهت دعوة لأبناء الشعب البحريني- شيعة و سنة- من كل المناطق والمكونات إلى مقاطعة العملية الانتخابية الهزلية؛ من أجل الحفاظ على سيادة البلد، وحمايته من الفساد والتهويد والقضاء على الهوية الوطنية، وذلك رعايةً لمستقبل البلد وأبنائه.
ثمار مقاطعة الانتخابات
يقوم قرار المقاطعة على الوصول إلى حزمة من الأهداف السياسية، أبرزها العمل على تصفير صناديق الانتخابات أو التأثير على نسبة المشاركة، ترشيحاً وترشّحاً. تحقيق هذا الانجاز من شأنه أن يزيد من الضغط الدولي على نظام ال خليفة وأن يفقد صفة التمثيل الشعبي وبالتالي خدش شرعيته السياسية، يمكن القول أن مقاطعة الانتخابات، كما تراها المعارضة، تعني نزع شرعية العملية الانتخابية، وبالتالي نزع شرعية المؤسسات السياسية القائمة التي لا تتمثل المعارضة فيها. في هذا السياق يمكن فرض حالة من العزلة السياسية على نظام ال خليفة.
و من أبرز الانتهاكات التي تمارسها سلطات آل خليفة بحق الأكثرية الشيعية نسرد التالي:
لابد من التذكير في هذا المقال ببعض انتهاكات سلطات ال خليفة بحق الأكثرية الشيعية في البلاد، فمع بداية شهر محرم من كل سنة تشهد البحرین استمرار الانتهاكات التي تقوم بها القوات التابعة للداخلية البحرينية بحق المواطنين الذين يقيمون فعاليات في معظم مناطق البحرين، بمناسبة ذكرى عاشوراء من خلال غلق بعض المجالس الحسینية وکذلك الاعتداء علی المظاهر العاشورائیة ووصل الامر بهذا النظام إلى هدم المساجد و دور العبادة حتى وصل بهم الأمر لهدم 30 مسجدا، باللإضافة لاعتقال وإيقاف الكثير من خطباء المنبر الحسيني والمنشدين “الرواديد” وتسريح الكثير من الشيعة من أعمالهم.
في هذا السياق هناك العديد من التقارير الحقوقية التابعة لمؤسسات حقوقية المستقلة تتحدث بشكل مستمر عن بلوغ الإنتهاكات ضد المواطنين الشيعة مرتبة “قد يرقى لمستوى العقاب الجماعي لطائفة بعينها”.
وضع حقوق الانسان في البحرين منذ ثورة فبراير
انطلقت انتفاضة الربيع العربي في البحرين في فبراير/ شباط 2011 وكان الكثيرين يأملون أن تكون نتيجتها عهداً جديداً من الديمقراطية في البلاد. لكن، تم مقابلتها بقمع الحكومة العنيف للاحتجاجات، ولم تتحقق أي من الإصلاحات الموعودة. ولا يزال قادة الحركة الاحتجاجية، وبعضهم من كبار السن، في السجن حتى الآن.
و منذ عام 2017، حظرت السلطات البحرينية جميع وسائل الإعلام المستقلة وألغت جميع أحزاب المعارضة السياسية. وسجنت العديد من قادتهم ومن بين أبرز السجناء حالياً قادة معارضون سياسيون بارزون، ونشطاء، ومدونون، ومدافعون عن حقوق الإنسان ، حكم عليهم بالسجن مدى الحياة لدورهم في انتفاضة عام 2011 المؤيدة للديمقراطية. ومن هؤلاء نذكر: حسن مشيمع، وعبد الجليل السنكيس، وعبد الهادي الخواجة، والشيخ محمد حبيب المقداد، وعبد الوهاب حسين.
في العام 2018، تم الحكم على رئيس أكبر كتلة معارضة في البحرين، الشيخ علي سلمان، بالسجن مدى الحياة بعد محاكمات بتهم تتعلق بالتعبير واتهامات ملفقة بالتجسس.
وعلى مدى السنوات الماضية، تحمل النشطاء والقادة السياسيون القسم الأكبر من القمع السياسي في البحرين، حيث واجهوا الاعتقال التعسفي والسجن لفترات طويلة، وفي بعض الحالات التعذيب، لمعارضتهم الحكومة. كما تم تجريد المئات منهم من الجنسية تعسفاً، بينما يتعرض النشطاء والصحفيون الذين يواصلون عملهم من المنفى لخطر الانتقام من أفراد عائلاتهم الذين بقوا داخل البحرين.
وفي هذا السياق أعلنت "لجنة حماية الصحفيين"، أن ستة صحفيين على الأقل هم مسجونين حالياً بسبب عملهم في البحرين، وتحتل البحرين المرتبة 169/180 في "التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2020" و الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود". كما سجلت البحرين مرتبة متدنية جداً للحقوق السياسية في تقرير "فريدم هاوس" للحريات في العالم لعام 2020
صمت لأسباب خفية
في الواقع دائماً ما كان الرد الدولي على انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين مشابهاً للردود على الانتهاكات في المملكة العربية السعودية ، فهو مصحوباً بصمت من بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، أو في أحسن الأحوال مثالياً، يقتصر على بعض التصريحات والإدانات الشفوية والسطحية من قبل بعض الدول الأوروبية ، ولم ترغب الدول الغربية والأوروبية أبداً في محاسبة البحرين ومحاكمة حكامها على أفعالهم اللاإنسانية.
فالدول الغربية، حتى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، بصفته الهيئة الدولية الأكثر رسمية لرصد أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأخرى ، لم يتحركوا أبداً تجاه قضية قمع المعارضين والنشطاء السياسيين والدينيين من قبل حكومة المنامة، كما أنهم لم يتخذوا أي إجراء حتى الآن لتعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في البحرين ويبدو أن صمت هذه الدول تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين له عدة أسباب اقتصادية ، ويمكن الاستنتاج أن الدول الغربية تواصل تفضيل البحرين كسوق لتصريف أسلحتهم ومعداتهم العسكرية بالإضافة إلى استضافتها لقواتهم في قواعد عسكرية على أراضي البحرين ، بدلاً من انتقادها لانتهاكات حقوق الإنسان.
أكذوبة الانتخابات والديمقراطية
السلطات السياسية والقضائية التي قامت بحل الجمعيات السياسية المعارضة، قامت بسلسلة من الإجراءات منها: إبعاد رجل الدين الشيعي المعارض، الشيخ عيسى قاسم، بطريقة غير مباشرة بعد إسقاط جنسيته، كما وأوقفت صلاة الجمعة في جامع الدراز الذي كان يؤمه قاسم لحشده آلافًا من المصلين كما وفعلت السلطات سياسة الاستدعاءات والتحقيقات والمحاكمات القضائية للمعارضين ونشطاء المجتمع المدني بلا هوادة.
ومثُلّ مئات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أمام وحدة الجرائم الالكترونية ومن ثم النيابة العامة ومن ثم المحكمة بسبب مواقفهم السياسية أو تناول سياسات الدولة بالنقد او مخالفة السياسات الخارجية للدولة تحت تهم بث دعايات مثيرة من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية للقوات المسلحة والتحريض على كراهية النظام ونشر أخبار كاذبة وغيرها من التهم المطاطة.
كما استمرت السلطات في سياسة المواجهة والاعتقال لمجاميع صغيرة من أهالي المحكومين الذين يتجمهرون بشكل سلمي داخل القرى على جوانب الطرقات للمطالبة بالإفراج عن ذويهم. يشمل ذلك المتظاهرين ضد التطبيع مع إسرائيل، أو غضبا لوفاة سجين في السجن.
إذاً لا يزال القمع مستمراً أما الحكومة تدّعي أنها عنوان الديمقراطية وأنها مثال في الديمقراطية أمام المجتمعات الدولية.