الوقت_ ضجة كبيرة، أثارها إعلان مسؤول بشركة “NSO” الإسرائيلية، المنتجة لبرنامج “بيغاسوس” للتجسس، استقالة مديرها التنفيذي شاليف هوليو، وإقالة 100 موظف، في إطار عملية وصف بأنّها “إعادة هيكلة" للشركة التي حولت برنامجها التجسسيّ إلى أداة بيد الاستخبارات الصهيونيّة وبعض الأنظمة القمعيّة باعتباره أحد أقوى الأسلحة السيبرانية في العالم، ناهيك عن اختراق الهواتف المحمولة للشخصيات البارزة والمهمة على المستوى الدوليّ، حيث أثار هذا البرنامج الخبيث ضجة عالمية منذ مدّة طويلة، بعدما تم الكشف عن تحقيقات موثقة أثبتت أنّه استخدم في التجسس على الهواتف الشخصية للآلاف بينهم قادة دول، كما اخترق عشرات الآلاف من الهواتف لصحفيين وسياسيين ومعارضين ورؤساء وملوك حول العالم.
في الوقت الذي لا يزال فيه برنامج “بيغاسوس” الإسرائيليّ في قلب دوامة التجسّس العالمية التي أحدثها، باعتبار أن مبيعاته باعتراف الصحافة الأجنبيّة، لعبت دوراً سريّاً في الحصول على مواقف سياسية داعمة لكيان الاحتلال الاسرائيليّ، ولا سيما في التصويت داخل أروقة الأمم المتحدة، فيما يساعد البرنامج الذي طوّرته شركة تنسق مباشَرة مع الحكومة التابعة للاحتلال بالتجسس على الهواتف الذكية، من خلال اختراقها بفيروس يسمح بالحصول على الصور والمحادثات والوثائق الموجودة داخل الأجهزة الإلكترونيّة، كما أنّ الشركة التي يُزعم أنّها "خاصة" أُسست من قبل أشخاص عملوا سابقاً في الوحدة "8200"، والتي تعتبر إحدى أقوى أذرع الاستخبارات الصهيونيّة، التي يتركز عملها على التجسس على المؤسسات والأفراد في كل الدول، وقالت الشركة مؤخراً في بيان نشرته وسائل إعلام صهيونيّة، بينها صحيفة “ذي تايمز أوف إسرائيل”، إن هوليو “أحد مؤسسي الشركة، سيتنحى عن منصبه، فيما سيحل يارون شوهات، الرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة، مكانه مؤقتًا ويدير عملية إعادة الهيكلة".
ونصّ بيان الشركة على أن “إعادة الهيكلة تتضمن جميع جوانب أعمال الشركة، بما في ذلك تبسيط عملياتها لضمان بقاء (NSO) واحدة من شركات الاستخبارات الإلكترونية عالية التقنية الرائدة في العالم، مع التركيز على الدول الأعضاء في (حلف شمال الأطلسي) الناتو"، حيث يعتقدون ربما أنّ هذا التغيير ربما يخفف انتقادات وجرائم "إسرائيل" المتورطة في فضائح التجسس الإلكترونيّة لمنع مساءلتها ومحاسبتها وتقديمها للعدالة الدولية، وخاصة أنّ الكيان الصهيونيّ يعتبر نفسه لاعباً قويّاً في مجال الحرب الإلكترونيّة التي تشكل جزءاً أساسياً من “قوته الناعمة” ضد الدول الرافضة لاحتلاله أو التطبيع معه أو تنفيذ أوامر الحلفاء مقابل طلبات إسرائيليّة حول عدة ملفات حساسة، وقد شاهدنا هذا الموضوع في أكثر من دولة.
ولا يخفى على أحد أنّ العسكريين والأمنيين الصهاينة يفتخرون بامتلاكهم الوحدة رقم 8200 والتي تعد من أخطر الوحدات لدى قواتهم المعتدية، وتعمل تحت مظلة جهاز المخابرات الداخليّة أو ما يطلق عليه ”الشاباك”، وهي المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونيّة وجمع المعلومات الاستخباريّة، كما تقوم بشكل مستمر في تجنيد عدد كبير من الشباب ليشكلوا أكبر جيش الكترونيّ لنشر الفكر الصهيونيّ والتوغل في أعماق العالم الإسلاميّ وتسميم ثقافة وفكر المسلمين وضرب قيمهم الأخلاقية والإنسانية والعقائدية، وهم يعملون بهدوء على بث الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج الفتن.
“سيتم فصل 100 موظف، أو ما يقرب من 13 بالمئة من قوة العمل في (NSO)، في إطار عملية إعادة الهيكلة"، هذا ما أشارت إليه وسائل إعلام نقلاً عن مسؤول في الشركة التي ساعدت سلطات العدو باستخدام برنامجها للتجسس على الدول والأفراد البارزين ووافقت على بيع ذلك البرنامج إلى دول عدة تملك سجلاً فاضحاً في حقوق الإنسان لأهداف سياسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان للبرنامج الصهيونيّ بالفعل دوراً حاسماً في تأمين دعم بعض الدول العربية المعروفة في الحملة الإسرائيلية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى التفاوض على ما يُطلق عليها "اتفاقات السلام" التي يدرك العالم العربي حقيقتها، وهي اتفاقيات الاستسلام التي دعمها لدرجة كبيرة الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، عام 2020 وأفضت إلى تطبيع العلاقات بين تل أبيب و4 عواصم عربية هي (المنامة، وأبوظبي، والخرطوم، والرباط).
ومنذ بضعة سنوات، نشرت وسائل إعلام دولية، تقارير كثيرة تُشير إلى استخدام برنامج “بيغاسوس” الذي تنتجه الشركة الإسرائيليّة، من قبل العديد من الدول للتجسس على معارضين وصحفيين وناشطين اجتماعيين، وسياسيين حول العالم، ما يدل على أنّ الحرب الناعمة أو الإلكترونيّة باتت توازي إن لم نقل تنافس الحرب العسكريّة التقليدية، وقد ظهرت أنواع كثيرة من تلك الأسلحة في السوق الصهيونيّة، ما جعل تل أبيب تؤثر بشكل مباشر على صانعي تلك الأسلحة، واشتراط حصولهم على تراخيص تصدير من وزارة الحرب الصهيونيّة لبيع أدواتهم خارج الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ما يوفر لحكومة العدو فرض تأثيرها الخبيث على البلدان التي تشتري منتجات الشركات الصهيونية، رغم أن أميركا بايدن، وضعت "إن إس أو" على القائمة السوداء لواشنطن التي قالت إن لديها دليلاً على أن الشركة الصهيونيّة كانت تمكّن الحكومات الأجنبية من ممارسة "قمع عابر للحدود".