الوقت- أدى العدوان الصهيوني على قطاع غزة يوم الجمعة مرة أخرى إلى استشهاد عدد من المدنيين، وعقب هذا العدوان، توعدت المقاومة الفلسطينية بالانتقام الشديد من خلال إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة، وجاء هذا العدوان في الوقت الذي يواجه فيه الكيان الصهيوني أزمات داخلية عديدة.
ويعتبر الكثيرون أن الهدف من هذه الهجمات هو صرف الرأي العام عن القضايا الداخلية لإسرائيل، وفي هذا الصدد أجری موقع الوقت التحلیلی الاخباری مقابلة مع الخبير في الشؤون الدولية الدكتور حسام الدين برومند:
الوقت: لماذا قرر الكيان الصهيوني مهاجمة قطاع غزة في هذا الوقت؟
حسام الدين برومند: إن الهجوم الوحشي الذي يشنه الكيان الصهيوني على قطاع غزة في الوضع الراهن ناتج عن الوضع المتأزم ويأس الصهاينة الذين حاولوا تغيير شكل المشكلة.
يواجه الكيان الصهيوني قاتل الأطفال الذي تسبب في استشهاد طفل يبلغ من العمر 5 سنوات في هذا الهجوم، أزمات متتالية في الأشهر الأخيرة ، وما يشغل الصهاينة بشكل رئيسي هو أن العامل الأمني لهذا الكيان قد تراجع بشدة.
فحكومة نفتالي بينيت انهارت منذ وقت ليس ببعيد، كما أنه لم يتمكن من إنهاء فترة ولايته كرئيس للوزراء ، ويجب إجراء الانتخابات الخامسة في السنوات الأربع الاخيرة في الأراضي المحتلة بحلول الخريف.
بات عدم الاستقرار السياسي والأزمة الهيكلية لهذا الكيان واضحة جداً، ودفع الصراع الداخلي الحزبي وفقدان الشرعية السياسية، الكيان الصهيوني إلى اختيار سيناريو مهاجمة غزة لصرف الرأي العام.
الوقت: يعتقد الكثيرون أن هذا الهجوم هو في الغالب للاستهلاك الانتخابي للبيد كرئيس وزراء مؤقت. ما هو رأيكم؟
حسام الدين برومند: في الواقع، المهم هو أن هناك الآن شخص هو رئيس وزراء مؤقت للكيان الصهيوني، وهو مقدم برنامج تلفزيوني، وتاريخه الإعلامي جعله يظهر ببروغندا تفيد بأن الكيان الصهيوني ليس في طريق مسدود!
بينما أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ، أنها أطلقت أكثر من 100 صاروخ على إسرائيل في أعقاب هجوم الكيان الصهيوني على غزة. والمثير للاهتمام، أن تل أبيب أعلنت أيضاً في بيان لها أنه من بين 100 صاروخ وقذيفة أطلقتها حركة الجهاد الإسلامي من قطاع غزة ، تم اعتراض حوالي 40 فقط من قبل أنظمة دفاع القبة الحديدية والباقي أصاب المستوطنات الصهيونية.
لذلك، على الرغم من أن رئيس الوزراء ووزير الحرب في الكيان الصهيوني أكدا من خلال نشر بيان مشترك أن العملية في غزة تمت بهدف القضاء على "تهديد ملموس" لمواطني إسرائيل ، إلا أن جريمة الاعتداء على غزة هي مناورة لرئيس الوزراء المؤقت أكثر من ان تحسن وضعه وحزبه في انتخابات (نوفمبر).
الوقت: هل حقق الكيان الصهيوني أهدافه في الهجوم على غزة؟
حسام الدين برومند: التحدي الأكبر للكيان الصهيوني بلا شك هو القوة المتنامية لجبهة المقاومة التي يمكن أن تقلب معادلات الصهاينة. لذلك، أولا وقبل كل شيء، لا يمكن للبيد والكيان الصهيوني أن يوجهوا الهجوم على غزة ببساطة إلى الجهاد الإسلامي وتحويله إلى جماعة مقاومة واحدة فقط، لأن المقاومة الفلسطينية سترد بالتأكيد بشكل موحد على هذا الهجوم الهمجي.
ثانيًا ، أخطأ رئيس الوزراء المؤقت للكيان الصهيوني في التقدير ، لأنه لم يأخذ في الاعتبار الصراع مع حزب الله اللبناني في أزمة حقل الغاز. حيث أكد السيد حسن نصر الله مؤخرا أن أي استخراج لموارد نفط وغاز "كاريش" ستكون له عواقب وجودية على إسرائيل. إن هجوم إسرائيل على قطاع غزة سيقلل بالتأكيد من قوة هذا الكيان في عدة أزمات.
والأهم من ذلك أن القضية التي لا يستطيع الصهاينة إنكارها ونسيانها هي عملية سيف القدس التي نفذت العام الماضي وكشفت نقاط ضعف الكيان الصهيوني في ساحة المعركة والأمن وفرضت معادلة ردع جديدة ضد الاحتلال. والآن، شخص بمواصفات لبيد لا يمكنه ضرب معادلة الردع هذه، وقيامه بمهاجمة غزة هو كالعالق في مستنقع، كلما تحرك، غرق أكثر في المستنقع.