الوقت- بعد انتهاء رحلة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى لبنان، الذي يلعب دور الوسيط في قضية الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، أعلنت المصادر ذات الصلة أنه أبلغ الجانب اللبناني بموافقة إسرائيل على اقتراح لبنان، بشأن انسحاب الإسرائيليين من ساحة قانا، وملكية هذا الحقل للجانب اللبناني والاتفاق على استئناف المفاوضات وفق الخط 23، لكن بشرط أن تحصل تل أبيب على حصة في المربع 8 الذي يخص لبنان. وأضافت هذه المصادر، لكن الجانب اللبناني رفض العرض المذكور من قبل الكيان الصهيوني وأكد التزامه بكامل مواقفه السابقة، لذلك قال المبعوث الأمريكي إنه سيتوجه إلى فلسطين المحتلة ليجلب الرد الإسرائيلي على لبنان.
وأكدت مصادر لبنانية مطلعة أنه إذا كان الطرفان الأمريكي والصهيوني يعتزمان التأجيل واللعب مع الوقت، فهناك احتمال أن ينفجر الوضع. حيث أعلن النظام الصهيوني أنه يخطط لاستخراج الغاز من حقله في سبتمبر القادم. لذلك، إذا لم تحل قضية الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة بحلول ذلك الوقت، فسيكون أمام إسرائيل خياران أمامها: إما وقف عمليات الحفر والاستخراج أو مواجهة آثار تهديدات المقاومة.
وفي حديث مع شبكة المنار، أكدت مصادر متابعة لهذه القضية أن تغيير مسار المبعوث الأمريكي ورحلته الليلية إلى فلسطين المحتلة بدلاً من واشنطن تظهر أن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني بعد عملية حزب الله "الطائرة دون طيار" في حقل كاريش وتهديدات السيد "حسن نصر الله" الأمين العام لـ "حزب الله"، اجبرت المبعوث الأمريكي على أخذ هذه القضية على محمل الجد والبحث عن طريقة لحلها.
وقال مصدر رسمي لبناني إن الرئيس ميشال عون أبلغ الوسيط الأمريكي تمسك بلاده بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وفق الخط 23. وأضاف المصدر إن عون أبلغ هوكشتاين تمسك لبنان بكامل الحقول النفطية التي تقع ضمن الخط 23، إضافة إلى حقل قانا النفطي. ونقل عن الإدارة اللبنانية تأكيدها أن الفجوة ضاقت بين لبنان وإسرائيل بخصوص ترسيم الحدود البحرية، وأن الوسيط الأمريكي سيستكمل مساعيه للتوصل إلى اتفاق نهائي. وعقب لقائه مع عون -في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري- قال الوسيط الأميركي هوكشتاين إنه سيعود إلى لبنان خلال الأسابيع المقبلة لاستكمال جهود ترسيم الحدود البحرية للاتفاق بين لبنان وإسرائيل، معربا عن تفاؤله بإمكانية التوصل لاتفاق.
وفي الإطار نفسه، قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض إن المبعوث الأمريكي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين يحمل طرحا جديدا لترسيم الحدود، مضيفا -في تصريحات عقب لقائه المبعوث الأمريكي في بيروت- أن هوكشتاين أبلغه أن الطرح إيجابي وأنه نفى أي إشاعات عن التنقيب المشترك بين لبنان وإسرائيل.
ولقد أعلنت وسائل إعلام عبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد عقد اجتماعا سريا مع المبعوث الأمريكي، ما يشير إلى إحراز تقدم في المحادثات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل. وذكرت مصادر لبنانية أن المبعوث الأمريكي جاء إلى لبنان بوثائق مكتوبة وبعد ملاحظته للمواقف الموحدة للبنانيين، قال إن إسرائيل تقبل بملكية لبنان لساحة قانا، لكن على البلاد الانسحاب من جزء من الخط 23 وهو ما عارضه اللبنانيون ورفضوه. وأراد هوكشتاين الوصول إلى هدفه في فترة قصيرة والحصول على الإجابة التي يريدها. ربما تم إحراز تقدم في قضية الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، لكن اقتراح المبعوث الأمريكي لم يكن مكتملاً ولم يلبِ مطلب لبنان بالكامل.
وحسب هذا التقرير، من المفترض أن يعود المبعوث الأمريكي إلى لبنان خلال أيام قليلة وأسبوع على الأكثر ويقدم عرضاً يفي بمطالب لبنان. وفي غضون ذلك، يصر اللبنانيون على أنهم لن ينسحبوا بأي شكل من الأشكال من الخط 23 وميدان قانا، حتى لو تداخلت هذه المناطق مع المياه الفلسطينية المحتلة. وعلى سياق متصل، أكد مسؤول رفيع في تل أبيب يعمل في قطاع الغاز، قبل عدة أيام، أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي يتم وضعها مع لبنان ما هي إلا استسلام كامل لإسرائيل، وهذا الانسحاب الإسرائيلي هو بمثابة انتصار للسيد "حسن نصرالله".
أكد الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله أنه على ضوء نتائج المفاوضات الغير مباشرة مع كيان العدو حول ترسيم الحدود البحرية، نحدد كيف سنتصرف في الآونة المقبلة، مضيفًا أنه عشية زيارة المفاوض الأميركي آموس هوكشتاين، نجدد التأكيد أننا لسنا طرفًا في التفاوض ولم نكلف أحدًا للتفاوض عنا كحزب والمفاوضات مسؤولية الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية.
ويعود تاريخ النزاع على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان إلى أكثر من 10 أعوام، شهدت كثيرا من التوترات وتبادل التهديدات وكذلك الوساطات، وخاصة الأميركية منها. وفي موازاة ما يراه لبنان تباطؤا متعمدا من تل أبيب في الرد على المقترح اللبناني لتسوية النزاع، هدد حزب الله بأنه لن يسمح لها باستخراج الغاز في سبتمبر/أيلول المقبل من حقل "كاريش" وما بعد هذا الحقل. في المقابل، تصر إسرائيل على أن هذا الحقل يقع ضمن مياهها الاقتصادية الخالصة، وأنها ستعتبر أي تحرك ضده اعتداءً على أمنها القومي يستوجب الرد. والشهر الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية أن عون قدّم للوسيط الأمريكي ردا على مقترح واشنطن الذي قدمّته قبل أشهر بشأن ترسيم الحدود البحرية مع "إسرائيل".