الوقت - تصاعدت التوترات في الأراضي المحتلة بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة.
فمن جهة، وكالعادة، صعَّد الکيان الصهيوني ضغوطه وهجماته على المواطنين الفلسطينيين، من خلال تكثيف الضغط والهجمات في غزة والضفة الغربية. ومن جهة أخرى، قام الشباب الفلسطيني بعمليات استشهادية لمواجهة جرائم هذا الکيان، وقضَّ مضاجع الصهاينة.
وعقب هذه العملية، هاجم جيش الکيان الصهيوني، يوم الجمعة الماضي، في منتصف شهر رمضان المبارك، باحات المسجد الأقصى، واعتدى بوحشية على المصلين.
وحسب الإحصاءات الأولية، أصيب 152 شخصًا واعتقل أكثر من 400 آخرين في الهجوم. وقد تسببت الهجمات الوحشية التي يشنها الکيان الصهيوني على المسلمين في المسجد الأقصى المبارك، في موجة استنكار كبيرة بين المجتمعات الإسلامية.
وهکذا، ومن أجل دراسة أبعاد هذه الأزمة، بحث موقع "الوقت" التطورات الأخيرة مع الخبير في الشؤون الإقليمية السيد حسن هاني زادة.
هاجم الصهاينة المسجد الأقصى انتقاماً للعمليات الاستشهادية
فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في الأراضي المحتلة وتصاعد الأزمة في غزة والضفة الغربية، يرى السيد حسن هاني زادة أنه من أجل متابعة الوضع الراهن، ينبغي النظر في عدة أحداث مهمة.
خلال الأسبوعين الماضيين، وقعت أحداث مؤلمة في الأراضي المحتلة. أولاً، كان الاجتماع المشترك لوزراء خارجية أربع دول عربية، وهي مصر والبحرين والمغرب والإمارات، مع وزيري خارجية الکيان الصهيوني والولايات المتحدة في النقب المحتل؛ وبشكل مثير للسخرية، شبك وزراء الخارجية الستة أيديهم في أيدي البعض كعلامة على تشكيل الناتو العربي-العبري لمواجهة جبهة المقاومة، وقد تظاهروا من خلال ذلك بتشكيل تحالف عسكري وأمني.
وأضاف إن "هذا الاجتماع قوبل برد فعل من قبل الفصائل الفلسطينية المسلحة. بحيث إنه بالتزامن مع الاجتماع، جرت خمس عمليات استشهادية متسلسلة بالقرب من جنوب تل أبيب، على أطراف قصر رئيس الوزراء الإسرائيلي رقم 2، حيث تعقد عادةً اجتماعات أمنية حساسة، ما أدى إلى مقتل العشرات من الصهاينة".
وتابع قائلاً: "وأظهر ذلك أنه ردًا على الأعمال الإجرامية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد محور المقاومة، فقد تبنى المقاتلون الفلسطينيون آليةً نضاليةً جديدةً وصل فيها النضال إلى قلب الأراضي المحتلة. هذه العمليات جعلت الصهاينة علی أهبة الاستعداد. وعقب هذه العملية، قام الكيان الصهيوني، من أجل الانتقام من الفلسطينيين، بتنظيم هجوم على المسجد الأقصى أدى إلى تشكيل انتفاضة جديدة بآلية مختلفة عما كانت عليه في السابق. والانتفاضة الجديدة ليست مجرد ترديد شعارات أو تنظيم مظاهرات، بل تستند في الأساس إلی البراغماتية وتنفيذ العمليات في ساحة المعركة".
جولة جديدة من الانتفاضة اجتاحت الأراضي المحتلة
وفي جزء آخر من تصريحاته حول أهداف الکيان الصهيوني من تكثيف الهجمات في الضفة الغربية وقطاع غزة، أكد الخبير في شؤون العالم العربي: إن "السلطات الصهيونية هاجمت المصلين بحجة الاحتفال بعيد الفصح اليهودي، والتأكيد على أوهامهم المتمثلة في أن هيکل سليمان يقع تحت المسجد الأقصى، وهو ما ترافق مع رد فعل المسلمين. في الماضي، كان التركيز الرئيسي للانتفاضة مقصوراً على غزة والقدس الشرقية، لكن انتفاضة اليوم تشمل الضفة الغربية وحتى فلسطينيي عام 1948. ومجموع هذا الاتجاه يشير بوضوح إلى اندلاع انتفاضة كبيرة الآن عشية يوم القدس العالمي".
جولة حرب جديدة قد بدأت الآن بين الشعب الفلسطيني والصهاينة
وفي جانب آخر من تصريحاته، وفيما يتعلق باحتمال اندلاع حرب جديدة بين الکيان الصهيوني وفصائل المقاومة بسبب رد فعل حماس الشديد على أحداث المسجد الأقصى، قال السيد هاني زادة الخبير في الشؤون الفلسطينية:
"من الآن يمكن القول بأن الحرب بين الشعب الفلسطيني والکيان الصهيوني قد بدأت. والعمليات الاستشهادية المتسلسلة التي استهدفت مراكز عسكرية وسياسية مهمة وحيوية للکيان الصهيوني، هي تجسيد واضح للحرب الجديدة. إن نوع العمليات الاستشهادية في الوضع الجديد مختلف تماماً، وهذا ما أثار قلقاً كبيراً لدى مسؤولي الکيان الصهيوني، وخاصةً فيما يتعلق بالأوضاع في جنوب تل أبيب. وهکذا، إذا واصل الكيان الصهيوني عدوانه، فمن المحتمل جدًا أن تدخل حماس في حرب أكبر مع الكيان الصهيوني".
أمن الكيان الصهيوني مهدد أكثر من ذي قبل
وصرح السيد هاني زادة في جزء آخر من تصريحاته: "في الأساس، تجدر الإشارة إلى أن نتيجة العنف هي إنتاج العنف. وانطلاقاً من هذا المبدأ، يمكن القول إنه كلما استخدم الصهاينة المزيد من العنف، كان رد فعل المقاومة الفلسطينية مناسباً بنفس النسبة. وقد جعل ذلك الكيان الصهيوني يواجه معضلةً أمنيةً كبيرةً في ظل الوضع الراهن. إن تصعيد هجمات الكيان ليس فقط لم يؤد إلى زيادة الأمن له، بل أدى أيضًا إلى وصول التهديدات التي يواجهها إلى ذروتها".
الأنظمة العربية المرتزقة انفصلت عن الشعب الفلسطيني
وأكد الخبير في شؤون غرب آسيا، في الجزء الأخير من تصريحاته بشأن تقييمه لرد فعل الدول العربية على الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى: "لقد غيَّر قادة بعض الدول العربية مسارهم بشكل جذري مقارنةً بالماضي، واتخذوا طريق إقامة علاقات وتهدئة التوترات مع الكيان الصهيوني. وقد قلص هذا الأمر توقعات الشعب الفلسطيني منهم إلى الحد الأدنى، ولم يعد للفلسطينيين أي أمل في هذه الأنظمة. كما تحولت الجامعة العربية إلى الجامعة العبرية، وأزالت قضية فلسطين من جدول أولوياتها".