الوقت- خصصت الحكومة السعودية نحو 20 مليار دولار لتطوير مدينة "جدة"، التي تعد البوابة الرئيسية لمكة المكرمة، حيث يتم هدم الأحياء الشعبية لإفساح المجال أمام مشاريع سكنية جديدة، وبناء دار أوبرا ومتحف ومناطق سياحية أخرى الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السعودية.
وفي هذا السياق وصف رجل أعمال سعودي متقاعد في حديثه مع مجلة "فايننشال تايمز" عملية الهدم والبناء بـ"العلاج بالصدمة".
وقال: "النكتة هنا هي أن شخصاً مهماً طار فوق جدة ونظر إليها بازدراء وقال: غيرها الآن".
وحسب تقرير "فايننشال تايمز"، فإن عملية الهدم قد تؤثر على نحو نصف مليون شخص في المدينة أغلبهم من الوافدين والمهاجرين.
وقال أكاديمي محلي طلب عدم ذكر اسمه: "إنها محاولات متضافرة لقتل جدة".
وأشار إلى أنه على الرغم من 20 مليار دولار للمدينة، لكنها تعتبر "ميزانية منخفضة جدا بالنسبة لميزانية الرياض".
كما أعرب الأكاديمي عن خوفه أن يتم تهميش مدينة جدة لمصلحة الأعمال التجارية في الرياض.
ويقول المسؤولون إن العاصمة، التي تريد الحكومة تحويلها إلى واحدة من أكبر اقتصادات المدن في العالم، هي الأنسب للتوسع.
وذكرت المجلة أن سعي الحكومة لمضاعفة عدد سكان الرياض إلى نحو 15 مليونًا بحلول عام 2030 يزيد المخاوف بشأن مستقبل مدينة جدة، التي شهدت بالفعل انتقال البنوك والمكاتب الحكومية إلى العاصمة.
وقال "سعيد الشيخ"، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأعمال والتكنولوجيا وكبير الاقتصاديين السابق في البنك الأهلي التجاري، إن هذه المخاوف في غير محلها.
وتابع: "لطالما كانت جدة المركز التجاري للمملكة وستظل كذلك على الدوام".
ويقول مؤيدو عمليات الهدم إن إعادة تطوير المدينة تم إهمالها لفترة طويلة، ما سمح ببناء آلاف المنازل غير الرسمية على أراض حكومية.
وقال مسؤول سعودي لصحيفة "فايننشال تايمز" إنه سيتم تعويض مالكي المنازل وإن الحكومة تساعد العائلات المطرودة.
وأكد أنه سيتم توفير نحو 5000 منزل جديد لهم بحلول نهاية العام. وأشار إلى أن الحكومة ستحاول تسوية وضع الوافدين المطرودين من المنازل والمنتهية تأشيرات إقامتهم.
وتابع: "الحكومة لن تهمل الجانب الإنساني عند التعامل مع بعض مواطني الدول التي تشهد صراعات"، في إشارة إلى اليمنيين والسوريين.
رفض شعبي جداوي للمشروع
ندد ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، بممارسات السُلطات السعودية في هدم وإزالة أحياء سكنية كاملة في محافظة جدة، مستنكرين تهجير السكان وعدم إعطائهم مهلة لإيجاد بدائل للسكن عوضاً عن بيوتهم التي تعرّضت للهدم بشكلٍ كامل.
وتأتي أعمال هدم أحياء مدينة جدة، في وقتٍ أطلق فيه ولي العهد محمد بن سلمان، مشروعاً استثمارياً جديداً لتشييد أربعة معالم رئيسية عالمية، هي: "دار أوبرا، ومتحف، واستاد رياضي، والأحواض المحيطية والمزارع المرجانية"، إضافة إلى 10 مشاريع ترفيهية وسياحية نوعية، في إطار تنفيذ مشاريع رؤية 2030.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين غردوا عبر وسمي #هدم_جدة" و#هدد_جدة، قالوا بدورهم إنّ "كارثةً إنسانيةً واجتماعية واقتصادية ستمسّ أكثر من مليون إنسان على أقل تقدير، حيث أنّ أمانة جدة أعطت السكان 48 ساعة، والبعض 24 ساعة فقط والبعض أمرته بالإخلاء الفوري لهدم منزله، وأضاف الناشطون أنّ "أمانة جدّة تقطع الماء والكهرباء والخدمات قبل توجيه الإنذار"، مؤكدين أنّ التعويضات المقدّمة للبعض لا تساوي ثلث قيمة المنازل التي يمتلكونها.
وعلّق عضو "حزب التجمع الوطني" السعودي المعارض، عمر عبد العزيز، على أعمال الهدم في جدة، قائلاً "إنّ من يطالهم التطوير وإزالة المباني والمنازل هم من المتقاعدين والجنود السابقين وصغار الكسبة".
وأضاف عبد العزيز في حلقة نقاش بعنوان "الدور عليك"، لبرنامج "صوت الناس" في موقع "تويتر"، إنّ التطوير لم يراعِ إيجاد بدائل لتلك الفئات السكانية، عدا عن ارتفاع الإيجارات الجديدة حال انتقل هؤلاء المهجرون إلى تلك المنازل والشقق التي ستكلفهم مبالغ إضافية من دخولهم المحدودة.
من جانبه، قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، عبد الله العودة، إنّ ما يحدث في مشروع تطوير جدة يمثل تهجيراً قسرياً للأهالي المتضررين، لافتاً إلى أنّ "تهجيرهم غير محدد المصير أو قيمة التعويض أو المكان الجديد الذي سيأوون إليه، بالإضافة إلى سلبهم حقهم في الرفض أو الاستئناف".
يُشار إلى أنّ مصادر حقوقية أفادت لمواقع سعودية بأنّ عمليات الهدم شرّدت 7196 نسمة من حي ذهبان، و10906 من حي ثول، و7973 من حي النزهة، و9388 من حي مشرفة، و121590 من حي الجامعة، و44385 من حي الهنداوية، وحي الثعالبة الذي بدأت السلطات السعودية هدمه في 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأوضحت المصادر أنّ هناك مناطق أخرى صغيرة سيتم هدمها بالكامل، منها الفاو، المحاميد، الثغر، ذهبان، مشرفة، بني مالك، القريات، والشرفية.
يُذكر أنّ السلطات السعودية تشنّ منذ أشهر حملة إخلاء في العديد من أحياء مدينة جدة بذريعة إزالة المخالفات، وتطوير الأحياء العشوائية، وقرارات الهدم تطال أكثر من 13 حياً سكنياً بما فيها من مساكن، مدارس، مشاريع تجارية، قطاعات صحية، ومقابر، دون أدنى اعتبار لكل تبعات هذا التهجير.
مع كل مشروع جديد فشل جديد أكبر
عندما طرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2017 فكرة المشروع الذي أطلق عليه اسم «نيوم»، أبدى كثير من المراقبين عدم تفاؤلهم بمستقبل هذا المشروع جراء ما تعانيه السعودية من أزمة اقتصادية جراء تراجع أسعار النفط الذي أدى الى عجز كبير في ميزانيتها السنوية. وذلك لما يحتاجه المشروع من تكلفة مالية كبيرة تبلغ نحو 500 مليار دولار. ثم جاءت حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد عام من الإعلان، في قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية لتشكل ضغطاً كبيراً على المستثمرين الجانب الذي كانوا يطمحون في ضخ أموالهم في المشروع، فيتراجع عدد كبير منهم ويضع الفكرة جانباً. وها نحن اليوم بدأنا نشهد دعوات حقوقية ضد الشركات الاستثمارية التي كانت قد قررت المساهمة في المشروع وذلك بسبب الانتهاكات الحقوقية للسلطات السعودية بحق أهالي المنطقة.
مشاريع تلو أخرى والفشل مصيرها
نعم كل المؤشرات والتحليلات والتنبؤات التي نشرتها مراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية كانت تؤكد أن الاقتصاد السعودي ومحمد بن سلمان لن يتمكن من إنجاح هذا المشروع الضخم ولكن الأمير الأرعن كان ولا يزال مستمراً في خطته التي أفقرت المواطن السعودي وأغنت الأمراء.
وها هو اليوم يتحدث عن مشروع جدة وكأن كل المشاريع السابقة قد نجحت! فهل ننسى مشروع نيوم أم مشروع القدية الذي يعتبر مشروع القدية هو مشروع ترفيهي رياضي ثقافي سعودي أعلن عن فكرته ولي العهد السعودي رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في 7 إبريل 2017م كوجهة ترفيهية واجتماعية نوعية، ووضع حجر الأساس للمشروع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في يوم 28 أبريل 2018.
تختص بتنفيذ أعمال المشروع وتطويره شركة القدية للاستثمار وهي شركة مساهمة مغلقة تم إطلاقها في مايو 2018، حددت شركة القدية خطة تنفيذ أعمال المشروع في جدول زمني يتم تنفيذه على مدى 4 سنوات، تنتهي بالافتتاح الرئيسي في مطلع عام 2023، وأعلنت عن أعمال المرحلة الأولى في يوليو 2019، حيث تضمنت أكثر من 45 مشروع وأكثر من 300 نشاط عبر قطاعات الإبداع والضيافة والترفيه والرياضة منها ملعب القدية.
يقع المشروع على مساحة 334 كم مربع، كأكبر مدينة ترفيهية في العالم، حيث تتجاوز مساحة ديزني بضعفين ونصف.
يسعى المشروع إلى دفع مسيرة الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل القومي من خلال استعادة 30 مليار دولار ينفقها السعوديون سنوياً على السياحة الخارجية فضلا عن جذب سياح جدد من الخارج، كما يستهدف تطوير قطاع الترفيه وتنمية المناطق الصحراوية مع المحافظة على البيئة الفطرية، وتوفير فرص وظيفية ملائمة في مجالات مبتكرة للمواطنين من الجنسين، حيث من المتوقع أن يساهم المشروع في نمو الاقتصاد السعودي بقيمة اقتصادية تقدر بنحو 17 مليار ريال سنويا، وأن توفر شركة القدية للاستثمار (52) ألف وظيفة للمواطنين من الجنسين.
يعتمد مشروع القدية على 20 شركة عالمية لتصميم المخطط بمساحة اجمالية تبلغ 334 كيلومتر مربع بتكلفة 10 مليارات دولار.
شركة القدية للإستثمار - منفذة المشروع- تقول ان مشروعها يهدف إلى حل مشكلة البطالة وزيادة الإنفاق المحلي, وتتوقع ان يساهم المشروع بإعادة 30 مليار دولار أنفقها السعوديون على السياحة في الخارج.
ولكن.. هناك وجه آخر للحقيقة.. فرئيس مجلس ادارة القدية المنفذة للمشروع هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مما يجعل المشروع جزءاً من امبراطورية الفساد التي يمتلكها والتي بناها لنفسه منذ توليه منصب ولي العهد ولم يُنجز منها شيئاً سوى اهدار مليارات الدولارات.
ويبدو ان هناك شكوكاً في إمكانية انجاز المشروع في موعده المحدد، فصور الأقمار الصناعية الواردة من المشروع تُظهر المكان أرضاً جرداء لا تحوي أي منشآت.
البعض أيضاً استهجن انفاق هذا المبلغ الهائل على مشروع وهمي لمدينة ملاهي والذي كان من الممكن انفاقه في مشاريع أخرى اكثر واقعية.
أموال الشعب ينفقها ابن سلمان
نشرت وكالة “بلومبرج” تقريراً عرضت فيه تفاصيل أغنى 5 عائلات في العالم والتي لم تتأثر بانتشار كورونا؛ وجاءت العائلة المالكة السعودية ضمن القائمة حيث بلغت ثروتها 95 مليار دولار، ووفقاً لوكالة “بلومبرج” فالعائلة تعزو ثروتها لمخزون البلاد من احتياطي النفط، ويستند تقدير القيمة الصافية هذا إلى المدفوعات التراكمية التي نالها أفراد العائلة المالكة على مدى الخمسين سنة الماضية من الدواوين الملكية.
ومن ناحية أخرى وبحسب التقارير والأرقام فإن ثروة بن سلمان تُقدر بما يقرب 3 مليارات دولار فقط، ومثل هذا المبلغ لا يغطي كل تلك المغامرات المالية، والصحيح أن ابن سلمان يُسخر أموال المملكة والتي هي أموال الشعب، في تمويل مغامراته المالية، من خلال صندوق الاستثمارات العامة، والذي يوصف بالمحرك الاستثماري الرئيس لابن سلمان.
منذ تعيينه ولياً للعهد، أطلق الأخير سلسلة خطط ووعود اقتصادية “خيالية”، لكنها لم تطبق حتى الآن بل ذهب بالمملكة إلى الهاوية خاصة مع تورطه في حرب اليمن وأزمة قطر وإيران ومقتل الصحفي جمال خاشقجي وغيرها من القضايا وسجل الجرائم. ويستمر محمد بن سلمان في تبديد مال المملكة ومال المواطن، على أوجه لا تعود للمملكة بمنفعةٍ، اقتصادية أو ثقافية، بل إنها لا تعود بمنافع شخصية حتى لابن سلمان نفسه. وتكشف التسريبات التي روج لها مغردون ومعارضون للنظام السعودي إبان حملة الفساد المزعومة التي قادها محمد بن سلمان ضد رجال أعمال وأمراء من الأسرة الحاكمة، عن تحصيل ولي العهد السعودي لمليارات الريالات من المعتقلين وإيداعها في حسابه الشخصي أو تحت تصرفه المباشر، بدلاً من إيداعها خزينة المملكة بوصفها اموال الشعب المنهوبة على مدى عقود.
عندما يقع شخص ما أو بلد ما في ورطة نراه يتخبط بقراراته وتصريحاته بهدف الخروج من هذه الأزمة أو الورطة وهذا تماماً ما يحصل في السعودية فقد ورطها محمد بن سلمان وأدخلها بمشاريع ضخمة من دون أي دراسة للمخاطر المحيطة بها أو المتوقعة وهذا سيجر الفشل والانهيار لهذا الاقتصاد وكل الشواهد بدأت تشير إلى ذلك وأهمها مؤشر الاستدانة فالدول المتطورة تحاول تخفيض ديونها الخارجية ولكن بالنسبة للسعودية فهذه الديون بدأت تحقق أرقام قياسية.