الوقت- لم تمض سنوات كثيرة على توقيع "اتفاق إبراهام" بين حكّام الكيان الصهيوني ومشيخة الإمارات، حتى اتضح أن المستفيد الوحيد من الإتفاق هو الكيان الصهيوني .
في 15 أيلول/سبتمبر 2020، أعُلن عن توصل الكيان الصهيوني والمشيخة الإماراتية إلى اتفاق لإقامة علاقات رسمية بينهما ، وكان ذلك تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب آنذاك، وبهذا أصبحت الإمارات بصورة رسمية أداةً اخرى لتنفيذ المشروع الصهيو- أمريكي في المنطقة، والمتثمل بتصفية القضية الفلسطينية و صناعة الفوضى والخراب في البلدان العربية، وقد رأينا أمثلةً واضحةً على ذلك كما حصل في اليمن وليبيا وسوريا وتونس وغيرها من البلدان.
سياسة الإمارات تجاه بلدان المنطقة و اتفاق إبراهام
أظهرت المشيخة الخليجية وخاصة خلال السنوات الأخيرة أنها تعمل بالضد من إرادة الشعوب في المنطقة التي طالما ناصرت القضية الفلسطنية وحركات التحرر من الرأسمالية الغربية. فبالنظر لسياسات المشيخة تجاه الدول العربية المقاومة وخصوصاً سوريا والعراق في الفترات السابقة نستطيع التوصل إلى أن حبال الوصل بين حكام الإمارات والكيان الصهيوني قديمة ولكنها ظهرت موخراً للعلن بصورة رسمية وتدخلات مباشرة وتدمير كامل للبلدان المقاومة كما حصل في عدوان الإمارات على اليمن . شمل اتفاق إبراهام بين المشيخة الخليجية والكيان الصهيوني مستويات متعددة، كالتعاون الأمني والعسكري، ولم يقف عند هذا الحد بل شمل اتفاقات لتبادل الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية، اضافةً إلى تبادل الزيارات بين مسؤولي النظامين.
الطمع الإماراتي في تحقيق مكاسب أكبر من حجمه وهوس حكامها بالبقاء على كراسيهم دفع النظام الإماراتي ليكون أداةً طائعة للمشروع الصهيوني منفذاً أكثر سياسات الكيان إجراماً في المنطقة بمهاجمة شعب عربي مسلم آمن وارتکاب ابشع الجرائم في حقه لا لشيء سوى أنه يصدح بالموت بمعارضة إسرائيل. ولا يمكن نسيان الدور الإمارتي في دعم المجموعات الإرهابية الوحشية في سوريا مالياً وعسكرياً ومن المعروف أن سوريا كانت ولا تزال من أشد البلدان عداوةً للكيان الغاصب.
ولكن يبدو أن مشايخ الإمارات لايدركون أن الكيان الإسرائيلي هو كيان لا يهتم الا بمصلحته ولو على حساب حلفائه. فالعمى الذي اصاب أبناء زايد جعلهم يقفون مع المشروع الصهيوني ولم يدركوا مخاطر وتأثيرات وتداعيات ماقاموا به ونسوا أن مع إسرائيل السحر سينقلب يوماً ما على الساحر ، وهو مايحدث الان، فعلى ما يبدو أن العلاقات الإسرائيلية الإماراتية تشهد هذه الأيام خلافات كثيرة رغم الهرولة السريعة لدولة الإمارات للتطبيع مع العدو الإسرائيلي مع حملة إعلامية موجهةً لتجميل هذا الإتفاق وتبيان المنافع الكبيرة التي ستحصل عليها المشيخة من علاقتها مع الكيان . ولكن ياتُرى إلى أي مدى استطاع القناع الجميل للعلاقات بين النظامين أن يبقى صامداً قبل أن يظهر الوجه الحقيقي لتلك العلاقات إلى العلن.
خلاف إماراتي إسرائيلي وفرض شروط إسرائيلية على الإمارات
بعدما تمادت الإمارات في حربها على الشعب اليمني رغم وعودها وإعلانها المتكرر عن انسحابها من حرب اليمن، وبعد تحذيرات متكررة من الجيش اليمني بقصف الاماكن الحيوية في الإمارات مالم تتوقف عن عدونها على اليمن، تعرضت الإمارات إلى قصف شديد بالصواريخ والطائرات المسيرة من قبل أنصار الله. وقد أدى ذلك إلى توقف رحلات الطيران في مطار أبو ظبي، وعلى خلفية ذلك اشترط الكيان الإسرائيلي ان تقوم شركات إسرائيلية بتوفير أمن المطارات في الإمارات متجاهلاً أن الإمارات دولة ذات سيادة ولو على الظاهر . ويبدو أن الكيان الإسرائيلي لم يقم وزناً للشركات الأمنية الإماراتية التي تحفظ أمن مطارتها.
وعلى الرغم من أن الإمارات تعمل منذ سنين على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل إلا أنه من الواضح ان النظام الإماراتي الذي إرتمى في أحضان الصهاينة حقق فوائد قصيرة المدى، فخلال الأيام الماضية ظهرت الخلافات بين الإمارات و إسرائيل على السطح، حيث حذر الكيان الصهيوني من أزمة كبيرة مع الإمارات بعد خلافها الأمني بشأن الطيران، حيث قال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) إن شركات الطيران الإسرائيلية ستوقف رحلاتها إلى مطار دبي الدولي ما لم يتم التوصل إلى حل مع الإمارات، بالمقابل وكالعادة لم تعلق السلطات في دبي بعد على الأمر.
في الواقع أن فشل الإمارات ومن يدعمها في مواجه الطائرات المسيّرة اليمنية ، أثبت أن حلفاءها الامريكين والإسرائيليين يبيعون الوهم لها ، فالإسرائيليون لا يثقون بهذه الدويلات الزجاجية، ويريدون فقط ابتزازهم، وسرقة أموالهم، وهنا يتضح أن تورط الإمارات في اليمن وليبيا، تسبب بإلحاق أضرار مالية جسيمة بأمنها وإقتصادها ، ناهيك عن ذعر قيادتها و إحساسهم بأنه لن يأتي أحد لإنقاذهم إذا تورّطو أكثر ، فعلى مايبدو أن التعويل على الاسلحة لحماية الدولة ليس سوى مجرد وهم لن يفضي الا إلى تقديم مزيد من التنازلات واستهلاك الثروة الاستراتيجية للمشيخة بشراء الأسلحة الإسرائلية الباهضة التكلفة.
في الحقيقة لقد تبيَّن في الفترة الأخيرة تصاعد تساؤلات عن مصير التطبيع الإسرائيلي الإماراتي فما لايخفى على أحد أن الكيان المحتل يدسّ السم في العسل للإمارات ، فلقد غرق أبناء زايد وأغرقوا بلدهم في اليمن وأصبحو اليوم أكثر من أيّ وقت مضى يخسرون حربهم الظالمة على هذا البلد، بينما بالمقابل يسطر اليمنيون أروع البطولات في التصدي للإجرام الإماراتي. ومع استمرار الإمارات في تنفيذ أوامر 'العدو ' الإسرائيلي المتمثلة في تدمير بلدان شعوب المقاومة المعادية لإسرائيل تتسول إمارات الشر الدعم من اربابها الصهاينة بصورة رخيصة، إن ما يجرى من عدوان على شعب اليمن يؤكد حجم الخيانة التي يمارسها النظام الإماراتي ضد أبناء الأمة الإسلامية.
وبناء على هذه الوقائع، أظهرت التطورات المتلاحقة أنه من غير المستبعد استمرار توريط الإمارات في اليمن من قبل الصهاينة عن طريق دفعها لمزيد من الأعمال العدائية ضد اليمن .