الوقت_ خلال جلسة عقدتها في الجولان السوريّ المحتل، بحثت حكومة العدو الصهيونيّ الغاشم، إقرار خطط لتعزيز الاستيطان في الجولان الذي ضمته العصابات الصهيونيّة إليها بقرار غير شرعيّ عام 1981 مع رفض أمميّ كامل، وصف رئيس وزراء العدو، نفتالي بينيت، الخطط الإسرائيليّة العدوانيّة بأنها الكبرى منذ احتلال الجولان عام 1967، قائلاً: "إن الخطط الاستيطانيّة تحظى بوفاق عام داخل حكومته التي وصفها بأنها حكومة صهيونية بالأعمال لا الأقوال"، بعد أن دعم الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، العدو الصهيونيّ الغاصب في نهجه الاحتلاليّ والعنصريّ بشكل لا متناهٍ وفي ملفات كثيرة، واعترف بسيادة الكيان الإرهابيّ على مرتفعات الجولان المحتلة من سوريا، في خطوة أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، بنيامين نيتنياهو ووصفها بالـ "تاريخية"، وقبل أشهر ذكر ترامب أنّ الأخير كان يمثل عقبة أمام ما تُسمى "خطة السلام"، موضحاً أنّه لولا اعترافه بسيطرة "إسرائيل" على مرتفعات الجولان السورية عام 2019، لما فاز نتنياهو بالانتخابات التشريعية في حينه، ما يظهر حجم الاستخفاف الأمريكيّ والصهيونيّ بحقوق الشعوب والقرارات الدوليّة والإنسانيّة.
مُجدداً تثبت الوقائع أنّ اتفاقات الخيانة والعار التي قامت بها بعض الدول العربيّة مع العدو الصهيونيّ، لا يمكن أن تساهم إلا في رفع عدوان وعنجهيّة الصهاينة المحتلين، في ظل استغلال من الإدارة الأمريكيّة لما تزعم أنّها "عمليات سلام"، لتطبيق "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة وقضايا الانعتاق العربيّ من الاحتلال، وإعطاء شرعيّة للكيان الإسرائيليّ اللقيط، ليسرح ويمرح على الأراضي السوريّة واللبنانيّة والفلسطينيّة التي يحتلها بدعم أمريكيّ لا متناهٍ.
وفي الوقت الذي يقضي فيه المخطط بإقامة مستوطنتين جديدتين وبناء أكثر من 7 آلاف وحدة استيطانية على مدى السنوات الخمس المقبلة، أكّدت دمشق في أكثر من مناسبة على أنّها مؤمنة بتحرير كامل التراب السوري من أي شكل من أشكال الاحتلال، وذلك مع التدخلات السافرة في الشؤون السورية والحديث عن عودة بعض الدول التي قاطعت وحاربت سوريا لسنوات طويلة إلى العاصمة السوريّة عبر الطريق الدبلوماسيّ، بالتزامن مع الانتصارات الكبيرة التي حققتها في الميدان العسكريّ بعد دحر الجيش السوريّ المجموعات الإرهابيّة المسلحة المدعومة إسرائيليّاً في أغلب مناطق البلاد وسيطرته على معظم مساحة الأراضي السوريّة.
ومن المتوقع بحسب خبراء، أن تصادق حكومة بينيت على الخطط الاستيطانيّة في الجولان السوريّ المحتل، متشجعة بموقف إدارة ترامب اعتبار الجولان جزءاً من دول "إسرائيل" المزعومة، فيما لدى السوريون إيمان لا يتزعزع، بأن كل ذرة تراب سوري ستعود إلى كنف بلادهم، وهي رسالة سوريا التي دخلت مرحلة هامة بعد سنوات طويلة من الحرب، حيث أكّد وزير الخارجيّة السوريّ، فيصل المقداد، قبل مدّة، أنّ تلك القناعة ليست لدى القيادة السوريّة أو المسؤولين السوريين فحسب، بل لدى أطفال سوريا أيضاً، في إشارة واضحة وصريحة بأنّه لا يمكن التخلي عن أيّ شبر من الأراضي السوريّة، خاصة فشل بعض الدول الغربيّة والعربيّة بإسقاط الدولة السوريّة عبر مساندة المليشيات والتنظيمات المتطرفة ودعمها بالمال والسلاح والدعم اللوجستيّ.
وتنص خطط حكومة العدو على تطوير المرتفعات السورية المحتلة بما يؤدي إلى مضاعفة عدد المستوطنين فيها من 50 ألفا إلى 100 ألف، وتعتزم إنشاء مستوطنات جديدة ومضاعفة أعداد المستوطنين الصهاينة في مرتفعات الجولان السوريّ المحتل بحلول عام 2025، إذ يبلغ عددهم اليوم نحو 22 ألفا، يتوزعون على 32 مستوطنة صغيرة تحت اسم "مجلس إقليم الجولان"، وترسيخ الوجود اليهوديّ فيها، ويعمل رئيس وزراء العدو، نفتالي بينت، على تسريع إنشاء مجلس تخطيط عمرانيّ جديد غير منتخب يتمتع بصلاحيات واسعة لتسريع البناء وزيادة المستوطنين في مرتفعات الجولان المحتل، وإنّ المخطط هذا يسعى إلى إنشاء "لجنة خاصة" للتعامل مع إنشاء المستوطنات الجديدة وإنشاء مناطق صناعيّة وتجاريّة وسياحيّة لتسريع عملية الموافقة، وستتمتع اللجنة بصلاحيات لجان التخطيط والبناء المحلية والإقليمية، ولكن بشكل غير عادي.
وتأتي الخطوات الصهيونيّة الجديدة لحكومة العدو في الجولان المحتل، في وقت يواصل فيه أهالي تلك المنطقة احتجاجاتهم الشعبيّة والقانونيّة والدوليّة لمنع السيطرة على مساحات شاسعة من أراضيهم، مع غياب في اللجنة التي أقرها بينيت لأي ممثلين عن الجمهور أو الهيئات الشعبيّة، كما هو متبع في كل لجان التخطيط السابقة، وهو أمر غير مسبوق، لكنه سيضمن وفقاً للصهاينة تنفيذ الخطة من دون عراقيل ولا حتى تأجيل في جدولها الزمنيّ، فيما صرّح بينيت في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم بأن حكومته تخطط لبناء بلدتين جديدتين في الجولان المحتل، وزعم رجل الأعمال والضابط الصهيونيّ ذو الأصول الأمريكيّة والمعارض الأكبر لقيام دولة فلسطين، أنّ "هضبة الجولان السوريّة ستظل تحت السيطرة الإسرائيليّة بغض النظر عن الموقف الدوليّ من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد".
ومن الجدير بالذكر، أنّ العدو الصهيونيّ الباغي، وبفضل الدعم الأمريكيّ المُطْلق، يُغيب القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على العرب ويستبح دامائهم، ويخرق بشكل فاضح كل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخططات الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب العربيّ، في إصرار واضح من حكومة العدو المجرم على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ.
خلاصة القول، إنّ الممارسات الصهيونيّة الاحتلاليّة والعدوانيّة لا يمكن أن تتوقف بحق العرب والمسلمين إلا باقتلاع جذور هذه الكتلة الخبيثة في جسد الأمّة والأدلة كثيرة، وإنّ الحديث عن الخطط الاستيطانيّة الإسرائيليّة اليوم لا يعدو عن أنّه استكمالٌ لتلك المشاريع الهدامة الهادفة لإضفاء صبغة يهوديّة على أراضي الغير بعد طردهم وقتلهم وسجنهم، وإنّ الإسرائيليين يُدركون جيداً أنّ دمشق ليست أبوظبي ولا الرباط والمنامة ولا الخرطوم، والدليل هو الحرب الهمجيّة التي تعرضت لها من العرب قبل الغرب والصهاينة، وزادتها تمسكاً في جميع مواقفها البطوليّة التي حوربت من أجلها وأصبحت "نادرة" في عالم السياسة، لهذا فإنّ على الصهاينة أن يأخذوا العبرة من التاريخ وبالأخص من فترة الاحتلال العثمانيّ التي دامت لأربعة قرون وفترة الاحتلال الفرنسيّ التي دامت لعقود، ةانتهت كل واحدة منهما بعودة الحق إلى أصحابه وإن لم يكن كاملاً وتبقى منه "لواء اسكندرون".