الوقت - انعقد الاجتماع الثاني والأربعون للمجلس الأعلى لمنظمة التعاون الخليجي يوم أمس بحضور زعماء الدول العربية الست المطلة على الخليج الفارسي.
ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، أن الاجتماع، الذي خلص ببيان حول الوحدة والتضامن والاستقرار في العلاقات بين الدول الأعضاء، اختتم أعماله في قصر الدرعية بالرياض. من جهة، كان الاجتماع الأخير هو القمة الأولى بعد انتهاء واضح للأزمة الكبرى في مجلس التعاون في العلا. من ناحية أخرى، تستمر الأزمة اليمنية في شبه الجزيرة العربية، ولكن مع توجه مختلف عن بداية الحرب، وتبقى القضية الأمنية المستمرة قوية مع همسات ودلائل على التخفيض التدريجي للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية هي جزء مهم آخر من التطورات الحساسة التي يتابعها مجلس التعاون. ويبقى أن نرى كيف كان رد فعل قادة مجلس التعاون على الوضع المعقد الحالي في المنطقة وأزماتها.
لغز الاستقرار والأمن
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن قادة مجلس التعاون أكدوا التزام الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات جماعية ضد جميع التهديدات والتحديات. وكان من أبرز جداول أعمال اجتماع الأمس إعادة بناء التحالف العسكري الأمني في مجلس التعاون، لأنه في السنوات الأخيرة ظهر بشكل كامل عدم كفاءة الآليات القائمة لحل الخلافات والمواجهة المشتركة للتهديدات الأمنية. أدى هذا الوضع على مدى العقود الماضية إلى البحث عن الأمن في الخارج، وبالتالي الاعتماد الأمني على الجهات الفاعلة عبر الإقليمية. في الوقت الذي دفعت فيه رغبة الولايات المتحدة في الحد من مشاركتها في صراع غرب آسيا، أو حتى إثبات عدم قدرة الجهات الفاعلة عبر الإقليمية على سد الثغرات الأمنية، أعضاء مجلس التعاون الخليجي على القلق بشأن الأزمات المستقبلية، كانت الجهود المبذولة لإعادة بناء واستعادة آليات التعاون العسكري والأمني المشتركة (مثل درع الجزيرة) على جدول أعمال قادة مجلس التعاون بشكل كبير. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن الاجتماع الأخير لوزراء دفاع الدول الأعضاء، والذي توصل خلاله الأعضاء إلى اتفاق على إنشاء مركز قيادة واحد في الرياض. وبحسب البيان، فقد تلا بيان القمة أمس نايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي. واتفق أعضاء هذا المجلس على الوحدة الاقتصادية ونظام الدفاع والأمن المشترك وتنسيق المواقف لتعزيز التضامن والاستقرار لدول مجلس التعاون وحماية المصالح وتجنب النزاعات الإقليمية والدولية وتلبية مطالب المواطنين وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لدول المجلس، مع السعي إلى توحيد المواقف السياسية. وبحسب البيان، شدد قادة دول مجلس التعاون الخليجي على أن أي اعتداء على أي من دول مجلس التعاون الخليجي هو اعتداء عليهم جميعا، مضيفين: "أي خطر يهدد أحدهم يهددهم جميعا. إلا أن ترديد شعار التحالف العسكري لن ينهي المخاوف الأمنية للأعضاء، ولن يؤدي الادعاء بالحفاظ على الاستقرار إلى وضع حد لعدم الاستقرار في المنطقة. عدم جدية السعوديين لإنهاء الحرب في اليمن أمر يتجلى في حقيقة القصف اليومي لليمنيين واستمرار الحصار الشامل لهذا البلد المنكوب بالأزمات، وقول بضع كلمات حول حل سياسي للأزمة لا تتعدى كونها حبراً على ورق. لذلك، فإن بناء الوحدة ومكافحة عدم الاستقرار وزيادة عامل الأمن يتطلب أولاً مراجعة السياسات التدخلية والقتالية والمسببة للأزمات، وهو السبب الأكبر لانعدام الأمن وعدم الاستقرار في منطقة الخليج الفارسي.
ستبقى الخلافات
ومع ذلك، مع انتهاء أزمة حصار قطر التي استمرت ثلاث سنوات، يحاول مجلس التعاون مرة أخرى إظهار صوت موحد. لكن أزمة قطر كانت نقطة تحول في تاريخ المنظمة الإقليمية الممتد على مدى أربعة عقود، حيث كشفت عن مستوى الانقسامات والاختلافات الأساسية. الاختلافات الأيديولوجية (الضغط المستمر على حركات الإخوان في شبه الجزيرة المتمركزة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، والمنافسات الجيوسياسية، والخلافات السياسية (خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران) ليست قضايا يمكن حلها بسهولة من خلال البيانات. تتجلى الخلافات حتى في البعد الاقتصادي، الذي يبدو أنه كان أحد أولويات الاجتماع الأخير. على الرغم من استخدام الاجتماع الأخير من قبل قادة دول مجلس التعاون الخليجي كفرصة لمناقشة المشاريع طويلة الأجل، بما في ذلك تنفيذ الاتحاد الجمركي للخليج الفارسي والسوق المشتركة والمواطنة الاقتصادية وبناء شبكة سكك حديد الخليج الفارسي، ومع ذلك، لا تزال الخلافات حول تنفيذها قائمة. قالت دول مثل عمان إنها لن تنضم إلى اتحاد اقتصادي، وكان وضعها مستقرًا منذ سنوات. أيضًا، على الرغم من التأكيد على أهمية العمل معًا لزيادة فرص الاستثمار، تستمر المنافسة على رأس المال الأجنبي وحصص إنتاج النفط.
في فبراير، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستعلق العقود الحكومية مع الشركات التي تنشئ مراكز شرق أوسطية في دولة أخرى في المنطقة، عمل تم تصميمه بالكامل ضد أبو ظبي. رداً على الخطوة السعودية، قال ناصر الشيخ، المدير المالي السابق لدبي، إنه يتعارض مع مبادئ سوق الخليج الفارسي الموحد. كما اختلفت السعودية والإمارات في يوليو تموز بشأن حصص إنتاج نفط أوبك. جادلت الإمارات بأن خط الأساس لحصتها من إنتاج النفط الخام منخفض للغاية، وهو ادعاء نفته المملكة العربية السعودية.