الوقت- ترك انخفاض اسعار النفط في الاسواق الدولية و دخول السعودية في ازمات امنية و سياسية من جهة اخرى تأثيرا سلبيا كبيرا على الاقتصاد السعودية الذي سيواجه ازمة خلال السنوات القادمة، و قد جاء في دراسة لصندوق النقد الدولي ان مرحلة التطور و الاستقرار في الاقتصاد السعودي قد انتهت و ان كل المؤشرات الاقتصادية تشير الى افول السعودية في عامي 2015 و2016.
ان السياسات السعودية التي ادت الى زيادة التكاليف المالية لهذا البلد قد رسمت افقا مظلما امامه فالاقتصاد السعودي يعتمد على النفط بشكل رئيسي لكن انخفاض اسعار هذه المادة و تلاقي ذلك مع ازدياد التكاليف الاقتصادية في هذا البلد شكل كارثة للسعودية.
ويضاف الى ذلك ازدياد حجم المشتريات السعودية من السلاح خلال السنوات الاخيرة فالسعودية التي خصصت في عام 1997 اقل من 20 مليار دولار لشراء الاسلحة من الخارج اشترت 80 مليار دولار من السلاح في عام 2014.
وهناك اسباب اخرى ادت الى زيادة الاعباء على الاقتصاد السعودي ومنها :
1- الدخول في حرب في اليمن و الذي كلف الرياض 50 مليار دولار حتى الان.
2- دعم الجماعات الارهابية و التدخل في الازمة السورية.
3- تقديم المساعدات لبعض الحكومات لشراء الذمم.
4- صرف الاموال الطائلة في الداخل للتغطية على التذمر الداخلي، وقد ازدادت هذه الحالة بعد اندلاع الثورات العربية ووصول الملك سلمان الى الحكم.
وواجهت السعودية عجزا في الميزانية بمقدار 19.5 بالمئة في عام 2015 كما ان الاحتياطات النقدية السعودية التي بلغت 716 مليار دولار في عام 2013 و724 مليار دولار في عام 2014 تتراجع في الوقت الحالي حسب تقرير صندوق النقد الدولي.
وقد نشرت السعودية ارقام ميزانيتها المالية في السنة القادمة فبلغت الايرادات 190.7 مليار دولار والمصاريف 229.3 مليار دولار وهذا يعني ان هناك فرق بين الايرادات والمصاريف قدره 38.6 مليار دولار وقد قال وزير الاقتصاد السعودي ابراهيم العساف ان الحكومة السعودية تريد تقليص المدفوعات بهدف الحد من ازدياد العجز في الموازنة.
ان تراجع سعر النفط من 100 دولار الى 40 دولار سيؤدي الى تقليص الدعم الحكومي الذي كان المواطنون السعوديون يتلقونه وهذا يعني احتمال اندلاع حالة من التذمر والسخط الشعبي، و وسط هذه الاجواء السلبية امر الملك السعودي باتباع سياسة التقشف الاقتصادي في البلاد ووقف المشاريع العمرانية الكبرى ووقف شراء السيارات للامراء و ما شابه ذلك كما تدرس السلطات السعودية رفع مستوى الضرائب على دخل العمال الاجانب.
ان بيع النفط يشكل 90 بالمئة من الايرادات السعودية ونظرا الى حاجة السعودية لايرادات النفط في التنمية الداخلية و تنفيذ السياسات الخارجية فإن بقاء سعر النفط دون 50 دولارا للبرميل سيضع الاقتصاد السعودي امام ازمة كبيرة وحتى لو استطاعت السعودية التعويل على مدخراتها من العملات الصعبة خلال الاعوام الخمسة القادمة فهذا لايعني نجاة البلاد من الازمة لأن انتهاء المدخرات سيضرر بمكانة السعودية العالمية، واذا استمرت ازمة هبوط اسعار النفط لعشرة اعوام فذلك سيترك تأثيرا اعمق على حياة السعوديين وسيحد من ضخ الاموال في الاسواق السعودية ويضعف قدرة البلاد على شراء المزيد من الاسلحة ويقلل النفوذ السعودي في المنطقة بسبب تراجع النقود التي تدفع لشراء الذمم في الخارج.
ان المجتمع السعودي عاش 4 سنوات من الرخاء النسبي مع ازدياد اسعار النفط لكن الان وبعد هبوط الاسعار وانتهاء حالة الرخاء الاقتصادي فان المحللين يتوقعون حصول حالة من الضغط النفسي في اوساط الشعب السعودي سيؤدي الى التذمر والسخط الاجتماعي واذا ازدادت الازمة الاقتصادية اشتدادا فالاوضاع ستزداد سوءا في الداخل السعودي وهكذا يمكن القول ان هناك احتمال كبير بان تدفع السعودية في المستقبل القريب ثمن سياساتها الداخلية و الخارجية الخاطئة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.