الوقت - أثناء التركيز على حالة حقوق الإنسان وتطوير الديمقراطية، كأحد الموضوعات الرئيسية في السياسة الخارجية الأمريكية، وأحد الشعارات الرئيسية لجو بايدن والديمقراطيين في الحملة الانتخابية لعام 2020 لهزيمة ترامب، وقبل أسابيع قليلة من الذكرى الأولى لانتصار بايدن في انتخابات البيت الأبيض، تسعى الولايات المتحدة إلى عقد قمة افتراضية تسمى "الديمقراطية" بدعوة من العديد من الدول حول العالم. وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فقد تمت دعوة 110 دول لحضور الاجتماع الذي سيعقد يومي 9 و10 ديسمبر.
يعتقد العديد من النقاد حول العالم، استنادًا إلى الإجراءات السابقة للحكومات الأمريكية في استخدام مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كأداة لتعزيز مصالحهم، أن مسؤولي البيت الأبيض يهتمون بنتائج القمة أكثر من اهتمامهم بتطويرها فيما يتعلق بالعرب، فإنهم يركزون على إحياء الموقف الأمريكي في قيادة ما كان يُطلق عليه ذات مرة "العالم الحر" في مواجهة أعداء مثل الاتحاد السوفيتي، وإعادة بناء مصداقية واشنطن التي أضرت بترامب. من ناحية أخرى، يأمل بايدن في تقليل الانحدار الحاد لشعبيته المحلية من خلال تقديم مناورة دعائية داخل الولايات المتحدة، خاصة بين الشباب الأمريكيين غير الراضين عن أدائه المحلي والأجنبي في مجال حقوق الإنسان. يشار إلى أنه على الرغم من استخدام الديمقراطيين الكامل لموجة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية للوصول إلى السلطة بعد مقتل جورج فلويد عام 2020، ولكن في الأشهر الأخيرة، مع تضاؤل آمال المجتمع في تشكيل حكومة جديدة للحد من التمييز الهيكلي، تصاعدت احتجاجات السود، وكان هذا أحد أسباب التراجع التاريخي في شعبية الرئيس في أقل من عام في السلطة.
الآن تستعد حكومة بايدن لقمة ديمقراطية مع أكثر من 100 دولة في وضع تبرز فيه قضية عدم دعوة بعض أقرب الشركاء والحلفاء لواشنطن، وخاصة بين العرب. وفقًا لتقارير إعلامية، تمت دعوة العراق والنظام الصهيوني فقط إلى الاجتماع، ولم تتم دعوة أي من الحلفاء العرب التقليديين للولايات المتحدة، بما في ذلك مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات والبحرين. بطبيعة الحال، للوهلة الأولى، فإن حكومة الولايات المتحدة، من خلال عدم دعوة هذه الدول، التي غالبًا ما يكون لها سجل أسود في احترام مبادئ الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان، تسعى إلى إرسال رسالة سياسات عقابية ضد الأنظمة العربية غير الديمقراطية والحفاظ على أهمية الديمقراطية في تنظيم العلاقات مع هذه الدول، ولكن وراء الكواليس هناك محاولة لمنع واقع استمرار استخدام مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كأداة.
ضغوط بايدن الحقوقية: تقليص تدريجي للخوف العربي
في الأشهر الأولى من رئاسته للبيت الأبيض، لجأ بايدن إلى الضغط على الدول العربية لإثبات استعداده للوفاء بواحد من أهم وعوده في السياسة الخارجية، واتخذ المسؤولون الأمريكيون موقفًا بحسب ذلك مرارًا وتكرارًا. على سبيل المثال، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين في سبتمبر / أيلول إن إدارة بايدن "ستقف في وجه انتهاكات حقوق الإنسان أينما حدثت، بغض النظر عما إذا كان الجناة أعداء أم شركاء". في غضون ذلك، اتخذت إدارة بايدن على ما يبدو قرارات مهمة، مثل رفع السرية عن تقارير المخابرات الأمريكية حول اغتيال جمال خاشقجي، والتي أكدت على الدور المباشر لمحمد بن سلمان، وحظر سفر عشرات السعوديين لتواطؤهم في الاغتيال، ووقف دعم الحرب اليمنية وإعلان تعليق المساعدة العسكرية للقاهرة. ولكن على الرغم من اللهجة القاسية والإجراءات العقابية التي اتخذها البيت الأبيض، فقد سار بايدن على خطى رؤساء الولايات المتحدة الآخرين، الذين غالبًا ما يقررون بعد وصولهم إلى السلطة أن مصالح الولايات المتحدة في الاستمرار في الشراكة مع الحكومات غير الديمقراطية والخالية من حقوق الإنسان لها الأسبقية على الدفاع عن الديمقراطية.
في حالة المملكة العربية السعودية، أدرك بايدن بمجرد وصوله إلى السلطة أن استهداف ولي العهد سيضر بشدة بالعلاقات مع الرياض، مما قد يضر بمصالح الولايات المتحدة الأخرى. نتيجة لذلك، خفت نبرة المسؤولين الأمريكيين بشأن محمد بن سلمان في الأشهر الأخيرة، ولم يعد هناك أي انتقاد لسجل الحكومة السعودية في مجال حقوق الإنسان. ومن الأمثلة البارزة الأخرى مصر، حيث أعاد البيت الأبيض 170 مليون دولار من حزمة مساعدات عسكرية أمريكية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار لمصر، مما منحها 170 مليون دولار. أدى هذا النهج إلى جعل الحكومات العربية أقل خوفًا من احتمال تصعيد ضغوط حقوق الإنسان التي يمارسها البيت الأبيض، ومواصلة السياسات التمييزية والقمعية تجاه المنتقدين، وخاصة الشيعة، كما هو الحال في نظام آل خليفة في البحرين أو السلالة السعودية في المملكة العربية السعودية.
وعلى هذا الأساس ينبغي القول إن عدم دعوة الحلفاء العرب لا تعني نهج البيت الأبيض للضغط على هذه الحكومات، وإنما يعني تحركاً للحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة الدولية.