الوقت- منذ أن شن الجيش السعودي وبعض الدول المتحالفة معه غزوًا واسع النطاق على اليمن في عام 2015، ربما لم يزعج قادة الرياض أي سلاح، مثل الطائرات بدون طيار التي تسببت هجماتها السريعة والعميقة بأضرار مريعة للبنية التحتية للسعودية وأثارت تساؤلات كبيرة حول قدرة الجيش السعودي. وربما كانت قصة الهجوم على منشآت شركة أرامكو النفطية في عام 2019 من أشهرها، حيث نُفِّذت بطائرات مسيرة وصواريخ كروز واكتسبت شهرة عالمية.
بعد خيبة الأمل من صواريخ "باتريوت"، السعوديون يتحولون إلى طائرات "إف 15"
كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن صفقة امنية سعودية مع الامريكيين أثارت قلق اسرائيل مؤخرا، حيث نقلت عن مسؤول امني اسرائيلي قال الولايات المتحدة ابرمت عقدا مع السعودية قيمته 10 مليارات دولار، يرتبط بمشروع تطوير واسع لتعديل وتحسين جميع طائرات "إف 15" التي اشترتها من الولايات المتحدة. ولقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية فوز شركة "بوينغ" بعقد قيمته 9.8 مليار دولار لدعم القوات الجوية الملكية السعودية بطائرات مقاتلة من طراز "إف 15" المتطورة. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إن الاتفاق يشمل تحديث ودعم الأسطول الجوي السعودي، كما يتضمن جهودا مثل: تصميم الأجهزة والبرامج والأسلحة والتطوير والتكامل والاختبار والنظام الفرعي والمكونات الهيكلية للطائرات المقاتلة، إضافة إلى إنتاج وتركيب التعديلات والتحسينات المستقبلية على الأسطول الجوي السعودي.
ووفقا للاتفاقية، ستكون فترة هذا العقد خمس سنوات، بداية من تاريخ منح العقد، إضافة إلى وجود خيار لتمديده لمدة إضافية تصل إلى خمس سنوات أخرى. وخلال الفترة الماضية استخدم سلاح الجو الملكي السعودي مقاتلات "إف-15" الأمريكية لإطلاق صواريخ "هاربون"، في حربها العبثية في اليمن. وذكرت بعض التقارير الاخبارية، أن "مقاتلات إف-15 إس ايه التي تديرها القوات الجوية الملكية السعودية أظهرت إحدى القدرات الأقل شهرة لدى هذه المقاتلات، ألا وهي ضرب أهدافها باستخدام صواريخ بوينغ هاربون". وعلى صعيد متصل، علق القيادي في جماعة "أنصار الله" اليمنية، "محمد علي الحوثي"، قبل عدة أيام، على إعلان الولايات المتحدة بيع صواريخ جو - جو للسعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن. وقال "محمد الحوثي" وهو عضو المجلس السياسي الأعلى المشكل من جماعة "أنصار الله" في صنعاء، عبر "تويتر": "صفقة السلاح الامريكية الجديدة إن أقرت فهي تناقض فاضح بين التزام بايدن بالسلام في اليمن ودعم العدوان، ودليل أن لا جدية ولا مصداقية لدى بايدن وإدارته في إيقاف عدوانها مع حلفائها على اليمن"
صفقات الصواريخ السعودية الأمريكية
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، قبل عدة أيام، موافقتها على إمكانية بيع السعودية صواريخ "جو - جو" متوسطة المدى من طراز "AIM-120C"، ومعدات مرتبطة بها، في صفقة تصل قيمتها إلى 650 مليون دولار أمريكي. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن "وكالة التعاون الأمني الدفاعي سلمت الشهادة المطلوبة لإخطار الكونغرس بهذا البيع المحتمل". وطلبت السعودية شراء 280 صاروخ "AIM-120C-7/C-8" المتقدم متوسط المدى، و596 من قاذفات الصواريخ من طراز "LAU-128".. كما تشمل الصفقة أيضاً معدات دعم وقطع غيار وخدمات الدعم الهندسي والتقني واللوجستي. وأوضح البيان أن "الصفقة المحتملة من شأنها أن تدعم السياسة الخارجية الأمريكية والأمن القومي الأمريكي؛ من خلال المساعدة في تقوية أمن بلد صديق لا يزال يشكل قوة مهمة للتقدم السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط".
وعلى سياق متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أن السلاح الأول الذي استخدمه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" لشن هجمات دقيقة على الأراضي السعودية كانت الصواريخ الباليستية ولقد أدت استخدامات المقاومة اليمنية للصواريخ الباليستية التكتيكية داخل الأراضي المحتلة في السنوات الأولى من الحرب إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال الغازية. ومع زيادة مستوى الضربات الصاروخية الباليستية على المملكة العربية السعودية، قامت الرياض بنشر وحدات صواريخ باتريوت داخل الاراضي السعودية على نطاق واسع، ما أدى إلى اندلاع معركة اقتصادية سرية، حيث يكلف كل صاروخ باتريوت ما يقرب من 4 ملايين دولار إلى 6 ملايين دولار. إن أسعار هذه النوع من الأسلحة، وخاصة الصواريخ من هذه الفئة، تختلف كثيرًا وبالنسبة لأحدث جيل من صواريخ باتريوت، تصل قيمتها إلى 9.5 ملايين دولار.
النسور السعودية تقع في مخالب الطائرات دون طيار اليمنية
تجدر الإشارة في البداية إلى أن صواريخ كروز اليمنية قد استخدمت في عدد أقل من الحالات، ومثل هجوم 2019 الشهير على منشأة أرامكو النفطية، نجحت تلك الصواريخ في تدمير الهدف بنجاح، لكن الجهود السعودية الأخيرة كانت لمواجهة الطائرات اليمنية دون طيار ولقد بدأت الاشتباكات بشكل جدي منذ عام 2018 بين الطائرات الاعتراضية السعودية والطائرات دون طيار اليمنية. وتشير العديد من التقارير والدراسات إلى أنه في الشهرين الأخيرين من عام 2018، ادعت مقاتلات سعودية من طراز "أف 15"، أنها تعقبت أربع طائرات بدون طيار يمنية بصواريخ "إمرام" وبحسب الإحصائيات فإن كل صاروخ من صواريخ "إمرام" حسب طرازه يمكن أن يكلف ما يقرب من مليوني و 380 ألف دولار. ومع ذلك، وفقًا للتقديرات، على سبيل المثال، في حالة الطائرات دون طيار الانتحارية المستخدمة في الهجوم على أرامكو، كان السعر النهائي لكل طائرة بدون طيار 15 ألف دولار. وفي وقت سابق من هذا الصيف، زعمت مصادر سعودية أن مقاتلات "أف 15" اعترضت ودمرت ثماني طائرات بدون طيار يمنية وعلى الرغم من أن المصادر الرسمية السعودية لم توضح تفاصيل الأسلحة المستخدمة في العملية، إلا أنه من المتوقع أنها استخدمت صواريخ "إمرام".
وفي الأيام الأخيرة، مع اشتداد مستوى الصراع بين الجانبين، ادعى السعوديون مرة أخرى أنهم اعترضوا ودمروا 10 طائرات انتحارية يمنية دون طيار. ووفق هذه المصادر فإن المقاتلة السعودية المستخدمة كانت لا تزال من طراز "أف 15"، لذلك يمكن القول إن هذا الصراع، إذا كانت الأرقام صحيحة، فإن الصواريخ المستخدمة خلال الفترة الماضية كلفت الجانب السعودي نحو 24 مليون دولار. وإذا أردنا أن نفترض أن تحالف العدوان السعودي استخدم صواريخ قصيرة المدى من سلسلة "أي إم إكس 9"، فإن سعر هذا الصاروخ الأمريكي يتراوح بين 400 إلى 500 ألف دولار، وإذا تم استخدام هذا النوع من الصواريخ لاعتراض الطائرات دون طيار اليمنية لعدة ساعات فإنها ستكلف السعوديين حوالي 10 ملايين دولار
إن هذه التكاليف الباهظة، إلى جانب رؤوس الأموال الثقيلة الأخرى التي أهدرتها الإمارات والسعودية على هذا الغزو غير المجدي لليمن، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، خاصة خلال العام الماضي، وأزمة كورونا، كانت من بين أسباب بذل السعودية مؤخراً للكثير من الجهود لوقف إطلاق النار والخروج من المستنقع اليمني. في الواقع، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، الذين استخدموا الأسلحة البسيطة والقديمة، أجبروا المملكة العربية السعودية على إنفاق مئات بل مليارات الدولارات حتى لا تتضرر هيبتها أكثر، وهي الآن أصبحت في موقف حرج للغاية، وخاصة أنه إذا ضربت الطائرات دون طيار والصواريخ الباليتسية اليمنية الهدف، فإن الرياض ستتكبد الكثير من التكاليف المادية والمعنوية، وإذا اعترضتها ودمرتها، فسوف تتكبد ملايين الدولارات من الأضرار المادية كل يوم، والتي في كلتا الحالتين تعتبر الخاسر الحقيقي في هذه الحرب العبثية.