الوقت - اتخذت الحكومة البريطانية مؤخرا قرارا عدائيا ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس. حيث صنفت لندن يوم الجمعة حماس جماعة إرهابية. قرار قوبل بردود فعل عديدة. وفي هذا الصدد، أصدرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بيانا قالت فيه إننا نعتبر هذا القرار خدمة للاحتلال.
كما قوبل القرار العدائي البريطاني ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس برد فعل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وأكدت الجبهة في بيان لها إن البريطانيين استهدفوا شرعية المقاومة من خلال وصف حماس بالإرهابية. كما أصدرت حركة المجاهدين الفلسطينية بيانا وقالت فيه ان الاجراء البريطاني ضد حماس هو اعتداء على الشعب الفلسطيني ومقاومته.
كما أثارت الخطوة البريطانية ردود فعل خارج حدود فلسطين المحتلة. وفي هذا الصدد، قال المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية في بيان: إنّ "التحركات البريطانية تأتي في إطار التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية خدمةً للكيان الصهيوني"، مؤكّداً الوقوف مع "فلسطين والشعب الفلسطيني وحركات المقاومة الإسلامية والقدس". كما دعا مكتب "أنصار الله" الشعوب العربية والإسلامية إلى "نصرة القضية الفلسطينية ورفض الإجراءات البريطانية".
وجاء القرار البريطاني ضد حماس على غرار سياساتها العدائية ضد الأراضي الفلسطينية وفصائل المقاومة هناك. ويشهد التاريخ بأن البريطانيين أنفسهم هم السبب الرئيسي لاحتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية. ففي 2 نوفمبر 1917، أصدر آرثر جيمس بلفور، وزير الخارجية البريطاني آنذاك، إعلانًا باسمه اي، "بلفور". وشدد في هذا الإعلان على ضرورة تمهيد الطريق لتشكيل الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وجاء في وعد بلفور أن بريطانيا توافق تماما على تشكيل كيان صهيوني مزيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بعد هذا الإعلان، لم يدخر البريطانيون أي جهد لإقامة الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية. وفي عام 1922، تم تبني وعد بلفور من قبل عصبة الأمم (الأمم المتحدة الآن).
بعد التصديق على الإعلان من قبل عصبة الأمم، ركز البريطانيون كل جهودهم على إقناع اليهود في جميع أنحاء العالم بالهجرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولهذه الغاية، أنشأوا وكالات الهجرة اليهودية؛ الوكالات التي كانت مسؤوليتها الرئيسية تسهيل هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين. وهكذا، لعبت لندن دورا مركزيا في هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية وكذلك التهجير القسري للفلسطينيين من وطنهم.
ومنذ ذلك الحين، عارضت الحكومة البريطانية جميع القرارات المناهضة للصهيونية في الأمم المتحدة. وبناءً على ما ذكر، فإن الإجراء البريطاني الأخير ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس ليس غريباً، وقد تم على غرار سياسات لندن العدائية والشريرة ضد أرض فلسطين ومقاومتها.
ما نسيته السلطات البريطانية هو أن حركة المقاومة الإسلامية حماس حركة سياسية ومقاومة شرعية في الأراضي الفلسطينية. على الرغم من الجهود المكثفة التي بُذلت على مدار عدة سنوات لسحب الشرعية عن الحركة، لكن لا بد من القول إن حماس وصلت إلى السلطة في عام 2000 من خلال انتخابات ديمقراطية. انتخابات أجريت على أساس الأطر التي يأخذها الأوروبيون بعين الاعتبار.
خلال الانتخابات المذكورة التي أجريت على أساس آليات ديمقراطية كاملة، تمكنت حركة المقاومة الإسلامية حماس من الفوز بعدد كبير من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني. وعليه، فإن حركة حماس ليست فقط حركة عسكرية ومقاومة، بل هي أيضا حركة سياسية وديمقراطية. فكما ذكرنا، وصلت الحركة إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية بالكامل.
نقطة أخرى في هذا الصدد هي أن مقاومة حماس حق دولي مشروع. فلقد أكدت اتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة جميعها على ضرورة مقاومة الظلم والعدوان الخارجي. وحركة المقاومة الإسلامية حماس لم تستخدم أسلحتها إلا في مواجهة العدوان الخارجي.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تحاول بريطانيا الآن إضافة حماس إلى قائمة الجماعات الإرهابية؟ الحقيقة أن البريطانيين يتعرضون حالياً لضغوط شديدة من اللوبي الصهيوني بسبب بعض التطورات الداخلية في هذا البلد. لذلك صنفوا حركة المقاومة الإسلامية حماس "إرهابية" بسبب املاءات وضغوط هذا اللوبي الصهيوني.
تمر بريطانيا في الآونة الأخيرة بحالة من عدم الاستقرار. فمع مرور الوقت ظهرت العديد من الحركات المناهضة للصهيونية داخل بريطانيا. وازداد التأييد الشعبي في بريطانيا أكثر من أي وقت مضى لحملة "BDS" (حملة العزلة وعدم الاستثمار والعقوبات على الكيان الصهيوني). اذ ضغط الكثير من البريطانيين على الحكومة البريطانية لمقاطعة البضائع التي يصنعها الكيان الصهيوني.
بالإضافة إلى ذلك، نظم العديد من البريطانيين مسيرات حاشدة في لندن ومدن أخرى أثناء الحرب الأخيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، والتي اندلعت تحت اسم معركة "سيف القدس"، وأعلنوا صراحة دعمهم للفلسطينيين. وطالبوا لندن بقطع الدعم التسليحي لتل أبيب.
أدى مجموع هذه التطورات الداخلية في بريطانيا إلى قيام اللوبي الصهيوني بتكثيف ضغطه على لندن لاتخاذ إجراءات معادية للفلسطينيين. الضغوط التي أدت في النهاية إلى تصنيف الحكومة البريطانية لحماس بأنها حركة إرهابية من قبل الحكومة البريطانية. حاولت بريطانيا، عبر هذه الخدمة الأخيرة لتل أبيب، تحرير نفسها من ضغوط اللوبي الصهيوني.