الوقت- اعتبرت جبهة البوليساريو أن قرار مجلس الأمن الأخير ”انتكاسة خطيرة” ستكون لها آثار بالغة على السلم في المنطقة برمتها، مؤكدة أن الشعب الصحراوي “سيواصل ويصعد كفاحه المشروع ضد الاحتلال المغربي”، للدفاع عن حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
وأكدت أنها ستعيد النظر في مشاركتها في “العملية السياسية” برمتها، وفي انتشار قوات المينورسو “بالمناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية”، كما جاء في بيان صدر عنها يوم السبت.
وأكدت جبهة البوليساريو، عقب مصادقة مجلس الامن الدولي أمس الجمعة على قرار جديد رقم 2602، والذي أقر تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو) عاما إضافيا إلى غاية 31 تشرين الأول/ اكتوبر 2022، أن القرار يمثل عودة مؤسفة لسياسة “ترك الأمور على حالها المعهود” لكونه “يتجاهل تماما حالة الحرب الجارية في الإقليم منذ 13 نوفمبر 2020 بسبب خرق دولة الاحتلال المغربية الخطير لوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقيات العسكرية ذات الصلة”.
وشددت البوليساريو أنها “ترفض رفضا قاطعا التقاعس والصمت المؤسف لمجلس الأمن، وخاصة بعض الأعضاء المؤثرين، واللذين يتجليان”، حسبها، “في نص وروح قراره الجديد الذي يعد نكسة خطيرة ستكون لها آثار بالغة على السلم والاستقرار في المنطقة برمتها”.
واكدت البوليساريو في بيانها “لن يكون هناك أي وقف إطلاق نار جديد ما دامت دولة الاحتلال المغربية مستمرة، ومع الإفلات التام من العقاب، في محاولاتها لفرض الأمر الواقع الاستعماري بالقوة في الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، ولعرقلة استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية”.
و”إزاء تقاعس مجلس الأمن المتكرر”، تقول جبهة البوليساريو في بيانها، فإن الشعب الصحراوي “لم يبق أمامه اليوم خيار آخر سوى مواصلة وتصعيد كفاحه المسلح المشروع للدفاع عن سيادة وطنه وضمان ممارسة حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال”.
وكشفت جبهة البوليساريو عن عزمها اتخاذ خطوات عملية فما يتعلق بمشاركتها فيما يسمى “العملية السياسية وكذلك تواجد وعمل المراقبين العسكريين التابعين للمينورسو المنتشرين في المناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية.” وذلك عملا بقرار إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام، التي تقودها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية المؤرخ 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
كما تذكر جبهة البوليساريو بأن وقف إطلاق النار لعام 1991 هو جزءا لا يتجزأ من خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية. وبالتالي فهو ليس غاية في حد ذاته وإنما وسيلة لتهيئة الظروف الأمنية اللازمة لإجراء استفتاء حر وعادل لتمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال دون قيود عسكرية أو إدارية.
وبناء عليه، فإن جبهة البوليساريو تعلن بكل وضوح بأنه لن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار جديد ما دامت دولة الاحتلال المغربية مستمرة، ومع الإفلات التام من العقاب، في محاولاتها لفرض الأمر الواقع الاستعماري بالقوة في الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية ولعرقلة استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية.”
ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو حول المستعمرة الإسبانية السابقة التي تصنفها الأمم المتحدة بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".
وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80% من أراضي المنطقة الصحراوية الشاسعة، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها.
أما جبهة بوليساريو التي تحظى بدعم الجزائر فتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة التي أقرته عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المتحاربين في أيلول/سبتمبر 1991.
وتعلن بوليساريو منذ تشرين الثاني/نوفمبر إنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع العام 1991، ردا على عملية عسكرية مغربية لإبعاد مجموعة من عناصر جبهة بوليساريو أغلقوا الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا المجاورة.
من جهتها تهدف الجزائر إلى جعل ملف الصحراء مقتصرا على المغرب وجبهة البوليساريو لفرض آليات جديدة حول البحث عن حل للنزاع، ولهذا قامت بالانسحاب من الموائد المستديرة للمفاوضات التي جرت خلال السنوات الأخيرة لتفرض واقعا جديدا على الأمم المتحدة وكرد على المغرب الذي يعتبرها طرفا مباشرا في النزاع.
كما نجحت الجزائر في جر تونس إلى صفها في هذا النزاع، ولعل رفض تونس التصويت على القرار يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 2021 خير دليل. لقد شكل الموقف التونسي مفاجأة للجميع وخاصة المغرب. في الوقت ذاته، تحاول إقناع موريتانيا بالانسحاب من الموائد المستديرة التي تشرف عليها الأمم المتحدة، حسبما أوردت الصحافة الموريتانية منذ أسبوعين، وذلك بهدف تعزيز البحث عن آليات جديدة للبحث عن الحل يشمل فقط مفاوضات بين المغرب والجزائر. ويعد الموقف التونسي في مجلس الأمن ثم فرضية انسحاب موريتانيا بمثابة إعلان لتجميد كلي لاتحاد المغرب العربي بحكم أن المغرب يعتبر قضية الصحراء مصيرية ولن يشارك في أي اجتماعات مع دول يعتبرها غير ودية.
كل هذه التطورات المتسارعة التي يشهدها ملف الصحراء هي مؤشر على تحول النزاع إلى عنوان لحرب باردة إقليمية يشهدها غرب البحر الأبيض المتوسط وستؤثر في بعض أحداثه وعلاقات بعض الدول ببعضها البعض. وكل قرار حول الصحراء يترتب عنه نتيجة في هذا الاتجاه أو ذاك. ولهذا فنزاع الصحراء أدخل غرب البحر الأبيض المتوسط في حرب باردة جديدة.