الوقت - فيما اهتزت القواعد الأمنية للکيان الصهيوني في السنوات الأخيرة وشارفت علی الانهيار، وهناك أدلة على أن الأراضي الفلسطينية المحتلة ستشهد في المستقبل القريب سلسلةً من الأزمات الأمنية الداخلية والخارجية، أصبحت الأراضي الفلسطينية المحتلة اعتبارًا من يوم الأحد الماضي، قاعدةً لأكبر مناورة جوية متعددة الجنسيات يستضيفها الکيان الصهيوني منذ إنشائه.
تشارك القوات الجوية لسبع دول وهي ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والهند واليونان والولايات المتحدة، في هذه المناورات التي أطلق عليها "العلم الأزرق 2021".
بدأت هذه المناورات الجوية الدولية يوم الأحد، وستستمر حتى 28 أكتوبر. وهذا هو أول انتشار لسرب المقاتلات البريطاني، وأول انتشار لسرب مقاتلات ميراج الهندي، وأول انتشار لسرب مقاتلات رافال الفرنسية في الأراضي المحتلة.
وجدير بالذكر أن مناورات العلم الأزرق تقام كل عامين من قبل القوات الجوية الصهيونية، لتدريب القوات الجوية بمشاركة دول أخرى.
خلال هذا التمرين الذي يستمر أسبوعين، ستتمرن القوات الجوية المشاركة على القتال جو - جو وجو - أرض، وصواريخ أرض - جو المتطورة(SAM)، وسيناريوهات تشغيلية مختلفة في الأراضي المحتلة.
الجيش الإسرائيلي صرح بأن الهدف الرئيسي من التدريبات، هو تعزيز التعاون الاستراتيجي الدولي، والقيام برحلات جوية تكتيكية مشتركة ضد مجموعة متنوعة من التهديدات باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، وتنفيذ مهام متعددة الجنسيات في مجموعة متنوعة من السيناريوهات التشغيلية المعقدة، بهدف اكتساب فهم أفضل لاستخدام طائرات الجيل الرابع والخامس.
وقال اللواء "عميكام نوركين" قائد سلاح الجو الإسرائيلي: "نحن نعيش في منطقة شديدة التعقيد، وتتزايد التهديدات القادمة من قطاع غزة ولبنان وسوريا وايران لإسرائيل".
رسالة أکبر مناورة في زمن التطبيع
بينما يسعى قادة تل أبيب إلی استعراض القوة من خلال أكبر مناورة تجری منذ قيام الکيان، لکن النظر إلی الإطار الزمني والدول المشاركة في هذه المناورة، يحتوي على نقاط مهمة للغاية يمكن أن تكشف عمق الضعف الأمني لتل أبيب.
تقام التدريبات العسكرية لإعداد القوات واختبار المعدات القتالية للظروف الحقيقية للحرب، والتدريبات العسكرية أساسًا لها منطق الردع والقضاء على التهديدات.
والآن من المهم الإشارة إلى أن التمرين الحالي يأتي في وقت تقوم فيه تل أبيب وبعض الأنظمة العربية الرجعية بتطبيع العلاقات، وإنهاء الصراع الرسمي. في الوقت نفسه، كان التعاون الأمني وتشكيل تحالف إقليمي على أساس المصالح والتهديدات المشتركة(لمواجهة محور المقاومة)، أهم هدف لمشروع التطبيع الأمريكي في المنطقة.
وبناءً علی ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا في الوقت الذي يجب أن يكون أحد آثار تطبيع العلاقات هو تقليل العزلة الإقليمية وتحسين مستوى الأمن للکيان الصهيوني بطبيعة الحال، كان الکيان بحاجة إلى إجراء أكبر مناورة في تاريخه؟
من ناحية أخرى، هناك حقيقة مفادها أن الحكومات ستسعى إلى تحقيق الأمن بالتحالف مع الجهات الفاعلة عبر الإقليمية، عندما تكون غير قادرة على المشاركة في آليات التعاون الأمني وتأمين مصالحها الأمنية.
وهکذا، من خلال رصد الدول المشاركة في التمرين العسكري الإسرائيلي، يتبين بوضوح أن تطبيع العلاقات، خلافًا لمزاعم وسائل الإعلام والمسؤولين الغربيين والصهاينة، لم يكن له أي تأثير فعلي على تحسين الموقع الأمني للکيان الصهيوني في المنطقة.
كانت قضية الأمن في المجتمع الصهيوني دائماً أهم مصدر قلق سياسي، بسبب تاريخ الکيان المليء بالنزاعات مع الحكومات الأخرى، وكذلك القضايا الاجتماعية والنفسية المتعلقة بقراءة الصهيونية من تاريخ الشعب اليهودي، وعلى وجه الخصوص الدعاية الواسعة لأسطورة الإبادة الجماعية لليهود عبر التاريخ.
کما أن الاهتمام الواسع بالتعزيز العسكري للجيش(وخاصةً سلاح الجو بسبب عدم وجود عمق استراتيجي)، ينبع من المكانة المهمة لهذه المؤسسة في الحفاظ على ثقة المواطنين في بقاء الکيان.
والآن، بعد أن قللت هزائم الجيش الصهيوني المتتالية أمام مجموعات المقاومة في لبنان وغزة على مدى العقدين الماضيين، بشكل كبير من مستوى ثقة الجمهور في الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، كان تطبيع العلاقات حدثاً لسد هذه الفجوة في الرأي العام والتفاؤل بشأن مستقبل أمن الکيان.
لكن التدريبات الأخيرة أثبتت مرةً أخرى أن قادة تل أبيب لم يحققوا النتائج المتوقعة للتطبيع، ولا يزالون يرون أن تعزيز الجيش، وخاصةً القوة الجوية، عامل مطمئن للمجتمع.
إستجابة غير متكافئة لخطر الانهيار من الداخل
من القضايا المهمة الأخرى المتعلقة بالتدريبات العسكرية للکيان الصهيوني وأهدافها، محاولة الصهاينة إبراز دور التهديدات الخارجية لأمن الکيان، وذلك من خلال تسمية أضلاع محور المقاومة في المنطقة.
يسعى الکيان الإسرائيلي إلى تحويل الانتباه عن التهديدات المحلية الرئيسية والمتنامية إلى التهديدات الخارجية. ويتم ذلك أولاً للتغطية على الأزمات الأمنية الداخلية وربطها بمصادر خارجية، وثانيًا للتمكين من مواجهة التهديدات الخارجية من خلال الحصول على دعم الدول الغربية.
هذا في حين أن وجود شبكة من الداعمين الغربيين ومساعداتهم المالية والعسكرية والسياسية العلنية والسرية خلال العقدين الأخيرين، لم يتمكن من منع الهزائم الكبيرة للجيش الصهيوني أمام المقاومة في غزة ولبنان؛ وفي المستقبل سنشهد تشكيل جيل جديد من أنصار المقاومة في أجزاء أخرى من فلسطين المحتلة والضفة الغربية، سيعزز الهشاشة الأمنية للکيان الصهيوني.