الوقت- طالبت منظمة العفو الدولية، العاهل السعودي بإطلاق سراح الداعية الإسلامي، سلمان العودة ، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و الذي تم اعتقاله منذ عام 2017 و تحاكمه محكمة الإرهاب التي تستعملها السلطات السعودية لقمع الأصوات المعارضة و ذلك بعد استمرار المحكمة في تأجيل جلسة النطق بالحكم.
وجاء ذلك من خلال تغريدة لمنظمة العفو الدولية على صفحتها الرسمية على تويتر حيث طالبت السلطات السعودية بالإفراج عن الداعية الإسلامي قائلة: رجل دينٍ إصلاحي معتقل انفراديا منذ 2017 وصحته تتدهور! تحاكمه محكمة الإرهاب المعروفة باسم المحكمة الجزائية المتخصصة التي تستعملها السلطات السعودية لقمع الأصوات المعارِضة. يواجه الشيخ سلمان خطر الإعدام، بينما تستمرّ المحكمة في تأجيل جلسة الحكم. طالبوا الملك سلمان بإطلاق سراحه الآن!
وفي بيان سابق للمنظمة قالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، إن العودة "مر بظروف مروعة، من بينها الاحتجاز المطول قبل المحاكمة، والحبس الانفرادي لشهور، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي"، مؤكدة أن كل ذلك يعد "انتهاكات صارخة لحقه في محاكمة عادلة". وبحسب منظمة العفو الدولية، إن السلطات السعودية "تستمر في الادعاء بأنها تحارب الإرهاب، في حين أن هذه المحاكمة إضافة إلى محاكمات أخرى تعد مسيسة بشكل واضح وتهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة في البلاد".
وكان العودة (63 عاماً) قد اعتقل من قبل السلطات السعودية في السابع من سبتمبر/أيلول 2017، وذلك بعد ساعات قليلة من قيامه بنشر تغريدة تحث السلطات القطرية والمملكة العربية السعودية على إنهاء المواجهة الدبلوماسية والمصالحة.بالإضافة لذلك واجه العودة 37 تهمة من بينها التحريض ضد نظام الحكم. وكان عبد الله، نجل سلمان العودة، قال إن من بين الاتهامات التي واجهها أبوه تغريدات منتقدة للسلطة وتأسيس منظمة في الكويت للدفاع عن النبي محمد (عليه السلام). وفي هذا السياق تقول لين معلوف" لين معلوف: "كان الشيخ العودة يدعو إلى إنهاء تهميش المواطنين الشيعة في السعودية، ولهذا يواجه الآن عقابا. وبنفس الطريقة تعاقَب نساء أو يعاقب مدافعون عن حقوق المرأة ممن دعوا إلى مزيد من الحقوق".
و من جانبه ندد عبدالله العودة نجل الداعية سلمان العودة، وهو أكاديمي وباحث في جامعة جورج تاون الأميركية، بالمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها والده في السجن، حيث أكد مراراً عملية التعذيب الممنهجة بحق والده، حيث حُرم النوم عدة أيام، وتُرك مقيداً في العزل الانفرادي، ويقُدِّم الطعام له في كيس صغير يُرمى له وهو مقيد، ما يضطر العودة إلى فتحه بأسنانه، وهو ما سبّب إصابات له في أسنانه. كذلك فإن الحراس حينما ينقلونه من مكان إلى آخر يأخذونه ويقذفونه دون احترام لسنّه ومكانته مشيراً أن والده فقد تقريبا نصف بصره ونصف سمعه" في السجن.
و كانت فضيحة قضية اغتيال الكاتب والصحافي المعارض جمال خاشقجي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 داخل القنصلية السعودية في إسطنبول قد أجلت إجراءات محاكمة العودة وسعي السلطات السعودية إلى إعدامه، لكنها عادت من جديد لمحاكمته السرية والتلاعب بالقضاة وعزل بعضهم وتعيين آخرين ومنع حضور المنظمات الدولية والحقوقية وتأجيل المحاكمات دون تقديم أسباب واضحة لعائلته.
حملات القمع السعودية مسلسل لاينتهي
تشهد المملكة العربية السعودية على الدوام حملات قمع ضد معارضين و تعتقل في كل حملة العديد من رجال الدين و المثقفين و النشطاء و أصحاب الرأي في حين تتباهى السلطات في العلن بقيامها بإصلاحات اجتماعية و اقتصادية لكن و كما أصبح واضحاً أن هذه الاصلاحات لا تشمل سوى مجال الغناء و الفن و تغيير القيم الثقافية و التقاليد الإجتماعية للشعب. و في هذا السياق نشرت لين معلوف " إن خطط السعودية لإجراء إصلاحات تشريعية وحقوقية محدودة لا تعني شيئاً، بينما تستمر عمليات الإعدام والمحاكمات الجائرة، والعقاب المتواصل للمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والصحفيين" مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للإمم المتحدة على إنشاء آلية لرصد وضع حقوق الإنسان في السعودية و الإبلاغ عنه.
و من جانب آخر نشرت منظمة العفو الدولية في اغسطس الماضي تقريرا يرسم صورة مظلمة لواقع حقوق الإنسان في السعودية، مشيرة إلى أن المملكة الخليجية قد كثفت "حملة القمع" ضد نشطاء حقوقيين ومعارضين ورفعت وتيرة الإعدامات، عقب انتهاء رئاستها لمجموعة العشرين في أواخر 2020. وقالت "أمنستي" إن السعودية استأنفت ملاحقتها "القاسية" ضد من يجرؤون على التعبير عن آرائهم بحرية أو انتقاد الحكومة. وفي هذا السياق كشف المنظمة عن قيام المملكة و منذ تسلمها رئاسة المجموعة بالمصادقة على أحكام بحق 13 شخص على الأقل بعد القيام بمحاكمتهم محاكمات غير عادلة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة. وفي تغريدة لمنظمة العفو الدولية في هذا قالت المنظمة "إن كانت السعودية جادة في تحقيق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان فعليها الإفراج الفوري و غير المشروط عن المدافعين السلميين عن حقوق الإنسان، إلغاء أوامر منع السفر الفروضة على المدافعين عن حقوق الإنسان و عائلاتهم و مطالبة الملك سلمان باستحداث اصلاحات تشريعية حقيقية".
ويقبع حالياً ما لا يقل عن 39 شخصاً خلف القضبان بسبب نشاطهم أو عملهم في مجال حقوق الإنسان، أو التعبير عن المعارضة في السعودية، وذلك، وفقاً لبحوث منظمة العفو الدولية. و في الشأن ذاته، صرحت معلوف "إذا أرادت السلطات السعودية أن تظهر جديتها في احترام حقوق الإنسان، فإن الخطوة الأولى تكون الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية".
و تتوالى المطالبات الأممية للسعودية من خلال حثها على صياغة أطر عمل تشريعية لدعم الحق في حرية التعبير و التجمع السلمي في المملكة و في تصريح علني نادر لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبرت خلاله عن "أسفها لاحتجاز أشخاص ظلماً"
رغم كل المطالبات إلا أن الانتهاكات السعودية لم تتوقف بل تتمدد حيث كانت قد تعرّضت المقرّرة الأممية أغنيس كالامار التي تتولى التحقيق في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إلى تهديدات بالقتل حيث ذكرت المقررة الأممية أنه تم إبلاغها من طرف زملاء في الأمم المتحدة، في يناير/ كانون الثاني 2020 بأن مسؤولا سعوديا رفيع المستوى، هدد بأن "يتعامل معها"، وهو تهديد مبطن قد يفهم منه خطر على حياة الإنسان.
ملف الإعدام
فيما يخص ملف تنفيذ الإعدام، قالت "أمنستي" إن عمليات الإعدام المسجلة في السعودية انخفضت بنسبة 85 بالمئة خلال 2020. لكنها أشارت إلى أنه مباشرة بعد انتهاء رئاسة الرياض لمجموعة العشرين، استؤنف ملف الإعدام و بقوة من خلال إعدام تسعة أشخاص في ديسمبر/كانون الأول 2020 وحده. و يذكرأن 40 شخصا على الأقل أعدموا بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2021، أي أكثر من عدد الأشخاص الذين أعدموا في 2020 والبالغ 27 شخصا. وقالت العفو الدولية إن هذه الإعدامات أعقبت محاكمات "جائرة" تضمنت اعترافات قسرية انتزعت تحت التعذيب أثناء الحبس الاحتياطي. و مثال على ذلك تم إعدام مصطفى آل درويش في يونيو/حزيران 2021، وهو شاب سعودي من الأقلية الشيعية كان يبلغ 17 عام عند تم اعتقاله، و تمت ادانته من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة، في 2018، فيما يخص سلسلة من الجرائم المتعلقة بالإرهاب، بعد محاكمة بالغة الجور. وقال للقاضي في إحدى جلسات محاكمته أنه تعرض “لتهديد وضرب وتعذيب… ما دفعني إلى الادلاء بالاعتراف خوفًا على حياتي”. وقد تم وضعه أثناء احتجازه في الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ستة أشهر و حرم من التواصل مع أي محامي حتى بدأ محاكمته بعد مرور عامين من اعتقاله، الأمر الذي يشكل انتهاكاً صارخاً لحقه في محاكمة عادلة. وكان العاهل السعودري قد اصدر أمراً ملكياً يحظر إصدار أحكام الاعدام بحق من هم في سن الثامنة عشر ولكن يبدو أن هذا الأمر للإعلام فقط و ليس له تطبيق على أرض الواقع!!