الوقت- نتيجة لثبات ووضوح موقف حركة المقاومة الفلسطينيّة "حماس" في قضية تبادل الأسرى مع العدو الصهيونيّ الغاصب، كشفت مصادر مصريّة وُصفت بأنّها رفيعة المستوى، عن تلقي مصر رسائل مفاجئة وغير مسبوقة” من تل أبيب، لإعادة تحريك ملف صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بعد أن شهدت جموداً خلال الأشهر المنصرمة، بسبب خلافات حول نقاط جوهرية بالصفقة، حيث إنّ الاحتلال أدرك أخيراً حجم تمسك المقاومة بمواقفها تجاه تلك القضيّة وإنّ الوسطاء الأمميين والقطريين والمصريين يعلمون ذلك، ولم تمانع المقاومة الفلسطينيّة منذ الأساس في السير ضمن خطين متوازيين، خط تثبيت التهدئة مع الكيان الصهيونيّ وانتزاع مطالب الفلسطينيين وإعمار ما دمره الاحتلال، والخط الآخر ما يتعلق بالصفقة والإفراج عن الأسرى.
وفي ظل تمسك حركة المقاومة الإسلاميّة حماس برفض ربط القضايا ببعضها، لمنع فرض الإرادة الصهيونيّة الخبيثة على هذا الملف الهام والحساس، وأكدت مواقع إخباريّة أنّ مسؤولين صهاينة أبلغوا الوسيط المصريّ، خلال اتصال هاتفي مؤخراً، بإمكانية إجراء جلسات خاصة للتباحث في ملف صفقة الأسرى بشكل عام، إضافة إلى الشروط النهائيّة التي تضعها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها “حماس” لإتمامها في أسرع وقت ممكن، بعد عرقلة إسرائيلية طويلة لهذا الملف ومساومات فاشلة في الغذاء وإعادة الإعمار.
وعقب فشل التعنت الإسرائيليّ في ربط قضيّة إعادة إعمار قطاع غزة بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، والذي أسر 2 منهم خلال الحرب العدوانيّة على غزة صيف عام 2014، و 2 آخرين دخلا غزة في ظروف غامضة، وعدم نجاح تل أبيب في خطتها الرامية لربط السماح بإعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، باستعادة جنودها وأسراها لدى حركة حماس، وهو ما رفضته الأخيرة، ذكرت المصادر المصريّة أنّ الكيان المجرم أبلغ القاهرة أن وقت استعادة الجنود الصهاينة ورفاتهم المحتجزة لدى المقاومة في غزة منذ حرب 2018 قد حان فعلياً، وأن مصر تبذل جهوداً مضاعفة وجبارة من أجل إتمام هذه الصفقة، والتوصل لحلول عاجلة مع حماس للبدء في تنفيذ المرحل النهائيّة.
أيضاً، فإنّ لغة التهديد والوعيد الإسرائيلية التي استمرت لأشهر لم تنفعها مع المقاومة والفلسطينيين بالتزامن مع المساعي الصهيونيّة لتدمير حياتهم وعزلهم، عن أراضي بلادهم المحتلة، بالإضافة إلى المتغيرات العسكريّة الجديدة، التي لقّنت تل أبيب درساً لن تنساه في الفترة الماضية، دفعت بها لتغيير مواقفها تجاه تلك القضيّة، حيث كانت مصر متفاجئة من الموقف الصهيونيّ الجديد، خاصة بعد أن وضعت تل أبيب العصي في دواليب تلك المفاوضات إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومقعدة شلت إتمام الصفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة.
وفي الوقت الذي وعدت فيه القاهرة بتحريك هذا الملف وإجراء اتصالات ولقاءات الساعات المقبلة من أجل معرفة الشروط الفلسطينيّة ووضعها على طاولة النقاش، ربطت المصادر الرفيعة التطور الصهيونيّ المفاجئ بصفقة التبادل، بالتطورات الحاصلة في قطاع غزة المحاصر والضفة وإمكانية اشتعالهما بأي لحظة، وكذلك مع الفضيحة الأخيرة التي جرت مع انتزاع الأسرى الستة حريتهم من سجن “جلبوع” وإلقاء القبض عليهم بعد أيام من البحث والمطاردة.
"إبرام صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين"، هذا ما كانت تطالب به المقاومة إضافة إلى رفع الحصار بشكل كامل عن غزة ربطها بأوضاع القدس والضفة، والسماح بعملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المطروحة أسماؤهم، وفي حال صدقت تل أبيب في تعهداتها ولم تضع العقبات جديدة، فمن المتوقع أن تتم الصفقة في أسرع وقت وخلال أشهر قليلة فقط، حيث إنّ السياسة الإسرائيليّة كانت تدور حول شرط واحد "إما الرضوخ لمطالبنا أو عيشوا تحت أنقاض الأبنيّة التي دمرناها".
خلاصة القول، إنّ الكرة في ملعب العدو الصهيونيّ الباغي، لإنجاز صفقة تبادل أسرى بين الجانبين، وحماس تدرك جيداً أنّ تل أبيب لم تكن في يوم من الأيام واضحة في نواياها، ففي بعض الأوقات تتقدم خطوة أو خطوتين للأمام وتتراجع للخلف خطوات عدة، وتهدف من ذلك الأسلوب القذر إلى محاولة الوصول لمعلومات حول جنودها في غزة دون الاضطرار لدفع أيّ ثمن، بينما تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ.