الوقت - قال الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، مصطفى بنعلي، إن حزبه يؤيد التوجهات التي تخدم مصلحة الناخب في هذه المرحلة الدقيقة التي انتقل فيها المغرب من “مشروع دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديمقراطية”.
وعقب لقاء رئيس الحكومة المعين عزيز أخنوش، الأربعاء بمقر حزب التجمع الوطني للأحرار بالرباط، في إطار مشاورات تشكيل الحكومة في يومها الثاني. أضاف بنعلي في تصريح صحفي، أنه هنأ رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار على الثقة الملكية وبثقة الناخب المغربي الذي عبر عن وعي كبير بتحديات المرحلة. وزاد أن أخنوش وحزبه كان أكثر تأهيلا لربح هذه الثقة بما تفرضه هذه الثقة من عمل من أجل التعبير عن توجهات البلاد في هذه المرحلة.
وقال بنعلي: “نحن كحزب وحساسية مجتمعية نعبر عن تأييدنا لتوجهات التي تخدم مصلحة الناخب في هذه المرحلة الدقيقة التي انتقلت فيها البلد من مشروع دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديمقراطية اجتماعية”.
وانتشر الفيديو الذي تضمن هذه التصريحات بسرعة انتشار النار في الهشيم، عبر المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي، وصاحبته تعليقات وانتقادات.
حيث أحدثت تصريحات الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية في المغرب مصطفى بنعلي، حالة من الجدل الواسع في الأوساط المغربية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانه أن البلاد انتقلت من “مشروع دولة إسلامية إلى مشروع دولة مجتمعية ليبرالية”.
وفي هذا السياق، قال الصحفي المغربي جمال اسطيفي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على “فيسبوك”: “نتائج الانتخابات التشريعية نقلت المغرب من مشروع الدولة الإسلامية إلى دولة ليبرالية! هذا التصريح من قبيل المضحكات المبكيات، وهو عنوان على أننا نعيش زمن الانحطاط والتردي السياسي”.
كما اتهمه البعض بأنه لم يقرأ الدستور، وتحديداً الفصل الثالث الذي يقر على أن الإسلام دين الدولة وأن الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.
وكتب أستاذ الدراسات السياسية والدولية، ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم منار السليمي، على حسابه عبر ”فيسبوك”: “نحتاج إلى توضيح من أين آتى بهذا الكلام؟ وما هي دلالة هذا الكلام بعد خروجه من جلسة مع رئيس الحكومة المُعين، وهل يعرف زعيم حزب المرحوم التهامي الخياري خطورة هذا الكلام؟”.
ونشر أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين، في موقعه الإلكتروني، مقالاً تحت عنوان: خطر «انقلاب» في تاريخ المغرب، هل سيتحقق؟! وقال فيه: "ما يعرفه الجميع هو أن صاحب «مشروع دولة إسلامية» بالمغرب، ليس سوى المؤسس الفعلي للدولة المغربية، المولى إدريس الأكبر. وما يعرفه الجميع هو أن الدولة الإسلامية ظلت قائمة بالمغرب منذ أسسها المولى إدريس قبل نحو ثلاثة عشر قرناً، وحتى الآن… وما يعرفه الجميع هو أن الدساتير المغربية كلها نصت على أن «المملكة المغربية دولة إسلامية» وهو ما تنص عليه ديباجة الدستور المغربي الحالي.. وهو أيضاً ما يؤكده ويصرح به جميع ملوك المغرب بدون استثناء".
وتساءل: «هل وصل الجهل والأمية بزعماء 8 سبتمبر إلى هذا الحد، الذي لا يقبل حتى من تلاميذ التعليم الابتدائي؟! أم هو مكر الليل والنهار لسلخ الدولة المغربية من الإسلام، لفائدة اللادينية والفرانكفونية؟».
وفي أول تصريح له بعد الضجة التي أحدثها الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، قال زعيم حزب الزيتونة بأن تصريحه “تحدث عن مشروع دولة الإسلام السياسي التي يعرف الجميع سياقها، والتي أغلق قوسها الناخب المغربي بتصويته العقابي على هذا المشروع”.
وأضاف بنعلي إن “عدم استعمال مصطلح (إسلاموية) ناتج عن احترام الدين الإسلامي، ولكل تيارات الفكر، ولكل الأحزاب السياسية”، مؤكدا أن “اختلاف الإطارات مصدرا للوفاق وليس للشقاق”. وتابع إنه “استهدف، لأنه كان الأكثر وضوحا في التعبير عن نتائج انتخابات 08 سبتمبر، والأكثر إيلاما لمن يعيشون على المظلومية”.
وسجل بنعلي أن “التصريح يندرج ضمن مخرجات الفصل 47 من الدستور، وبعد تبادل الرأي بوضوح مع رئيس الحكومة المعين حول قضايا مصيرية تهم البلاد وتهم الحكومة المقبلة، ولم يكن يندرج في إطار أي مفاوضات لولوج الحكومة”، موردا: “لسنا ممن ينقلب على ثوابت البلاد والعباد”.
فهل ما قاله الأمين العام للجبهة كان زلة لسان حركتها الحماسة المفرطة الناتجة عن دهشة الاستقبال والتشاور؟ أم هي كبوة حصان، كان بالإمكان تفاديها، في طريق معبدة وفي لحظة انتخابية وسياسية عابـرة تحت الأضواء، تقتضي ضبط اللسان والاكتفاء بلغة المجاملة السياسية، طالما أن الجبهة مكانها الطبيعي في صفوف المعارضة، في ضوء ما حققته من نتائج في استحقاقات 8 سبتمبر.
ويرى محللون ان هذا المسؤول كان يمني النفس في أن يدلي بتصريح قوي ينسجم وقوة وخصوصية اللحظة السياسية وأمام رئيس الحكومة المعين، وفي ظل حضور قوي لوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية التي تغطي مشاورات تشكيل حكومة عزيز أخنوش، فإذا به، خرج عن السكة، وأدلى بتصريح فاقد للبوصلة، بل وخارج التغطية والسياق والمقـام.
فقوله عن خروج المغرب من "مشروع دولة إسلامية" إلى "مشروع دولة ليبرالية" في هذه اللحظة السياسية، قد يعطي الانطباع لدى البعـض أن سقوط العدالة والتنمية حركة مقصودة ورغبة لإسقاط الحزب الإسلامي. حيث يرى المغاربة ان هذا الطرح أو التصور لا يلزم إلا صاحبه وهذا الانتقال لا يوجد إلا في مخيلة قائله ولا توجد مؤشرات على تطبيقه، لكن حكايته أثارت زوبعة من الجدل والنقاش في عدد من الأوساط، وهذا معناه، أن زعيم الجبهة لم يكن موفقا فيما صدر عنه وفتح الأبواب امام التفكير التشكيك بنتائج الانتخابات ووجود نية لدى النظام تجاه ذلك التيار، فكان يفترض أن يضبط كلامه وأن يدلي بتصريح مقتضب على غرار ما قام به رؤساء الأحزاب الذين تشاور معهم عزيز أخنوش.