الوقت- بدأت السعودية مؤخراً حملة تسريح اليمنيين وعدم تجديد عقودهم من المؤسسات الحكومية وتهدد بإعادة المئات في ظل تكتم رسمي سعودي، وهذا من شأنه أن يؤثر على مئات الآلاف من اليمنيين داخل المملكة والملايين من أفراد أسرهم في اليمن الذين يعتمدون على التحويلات المالية لتأمين المعيشة. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن جامعة الملك عبدالعزيز السعودية الواقعة في مدينة جدة، أنهت قبل عدة أيام عقود جميع الأكاديميين اليمنيين، بشكل مفاجئ، رغم المناشدات الدولة والحقوقية المطالبة من الرياض بالتراجع عن قراراتها، الذي سيُعرّض العديد من اليمنيين "لخطر جسيم". وقالت مصادر مطلعة، إن "إدارة جامعة الملك عبدالعزيز في مدينة جدة السعودية أبلغت جميع الأكاديميين اليمنيين العاملين فيها بانتهاء عقودهم بشكل مفاجئ". وحسب المصادر، فإن قرار الترحيل ابتداء من يوم أمس، ٨ سبتمبر ٢٠٢١، مضيفة إن إدارة الجامعة طلبت من الأكاديميين المغادرة.
وأضافت المصادر، إن السعودية مستمرة في إجراءاتها بترحيل اليمنيين من مناطق جنوب المملكة. حيث أقدمت الجامعات السعودية خلال الفترة الماضية، على طرد عشرات الأكاديميين اليمنيين، من جامعات في مدن نجران وعسير وجازان والباحة. وتابعت المصادر إن جامعات الجنوب السعودي، قامت بطرد عشرات الأكاديميين اليمنيين، في عسير وجازان والباحة وغيرها. وحسب المصادر فإن مستشفيات ومراكز طبية استغنت عن كوادر طبية يمنية تنفيذا لتوجيهات عليا من قيادة المملكة العربية السعودية. وأشارت المصادر إلى حملة غير مسبوقة تستهدف العمالة اليمنية في مدن الجنوب المحاذي للجمهورية اليمنية، وامتدت مؤخرا إلى مدن غير جنوبية في المملكة العربية السعودية. وأبدت المصادر استغرابها من ممارسات وقرارات السعودية تجاه العمالة اليمنية، في الوقت الذي تخوض حربا على اليمن، منذ سبع سنوات ودمرت كل مقومات البلاد وبناها التحتية من مدارس وجامعات ومستشفيات، وقتلت آلاف اليمنيين.
ردود أفعال وتقارير دولية تدين التوجهات السعودية
وتتوالى ردود الأفعال والتقارير الدولية التي تدين التوجهات السعودية بترحيل العمالة اليمنية من جنوب وشمال المملكة حيث قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن السعودية بدأت منذ يوليو الماضي بإنهاء أو عدم تجديد عقود الموظفين اليمنيين، الأمر الذي قد يجبرهم على العودة إلى الأزمة الإنسانية في اليمن. وشددت المنظمة في تقرير على أنه يجب "على السلطات السعودية تعليق هذا القرار والسماح لليمنيين بالبقاء في السعودية والسماح لهم بالعمل هناك"، مبينة أن "السعودية ساهمت في الأزمة الحقوقية والإنسانية في اليمن بسبب الانتهاكات المتكررة لقوانين الحرب التي يرتكبها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، والتي فاقمت الكارثة المستمرة ودمرت البنية التحتية للبلاد". وقالت إن "السلطات السعودية تسرح الموظفين اليمنيين وتهدد بإعادة المئات، وربما الآلاف، قسرا إلى النزاع المستمر والأزمة الإنسانية في اليمن. تسعى السعودية دائما إلى الحصول على الثناء على مساهماتها الإنسانية في اليمن، لكن هذا القرار يعرض العديد من اليمنيين لخطر جسيم". وأضافت: "وفاة الكثير من الناس في اليمن نتيجة الأزمة الإنسانية هو أمر بالغ السوء أصلا، دون أن تتبنى السلطات السعودية سياسات يمكن أن تؤدي إلى إعادة المزيد من اليمنيين قسرا إلى مثل هذه الظروف الأليمة. على السلطات السعودية إلغاء سياساتها بشأن تأشيرات العمل التي يمكن أن تؤدي إلى عمليات إعادة قسرية جماعية لليمنيين إلى حيث تكون حياتهم معرضة للخطر جراء النزاع والأزمة الإنسانية المستمرين".
وعلى نفس هذا المنوال تناول موقع "ستار" التركي، قضية ترحيل العمال اليمنيين من قبل نظام "آل سعود" وقال في تقرير له: "إن السياسة السعودية الأخيرة بشأن ترحيل العمال اليمنيين، ليست سوى محاولة للتعويض عن ضعف أدائها العسكري ببطاقة السياسة، كما تهدف هذه الخطوة إلى شل الاقتصاد اليمني وإجبار اليمنيين على قبول شروطهم وتقديم التنازلات". وأضاف التقرير إن السعودية منذ 7 سنوات، لم تستطع إقامة نظام سياسي لمصلحتها في حرب اليمن وعانت من خسائر فادحة في سمعتها، بعد انعكاس أزمة اليمن الإنسانية على الرأي والمجتمع الدولي خلال فترة الحرب، وخاصة مع الأداء الضعيف للعناصر العسكرية السعودية في الجبهات طوال تلك الفترة. ولفت التقرير إلى أن السعودية أرادت إغلاق ملف اليمن دون الإضرار بسمعة البلاد ومستقبل ولي العهد "محمد بن سلمان"، من خلال استخدام البطاقة الاقتصادية بشكل مكثف للتستر على نقاط ضعفهم العسكرية. وأشار التقرير إلى أن إنهاء عقود الأكاديميين والأطباء والمعلمين اليمنيين دون إبداء أي سبب، وإلغاء تصاريح إقامتهم ومطالبتهم بمغادرة السعودية خلال أربعة أشهر، أمر يرمز إلى دخول الحرب على اليمن مرحلة مختلفة، حيث يوجد اليوم حوالي 800 ألف عامل يمني في المملكة العربية السعودية، يعمل معظمهم في مهن مختلفة.
ويؤكد المتابعون والمهتمون بالشأن اليمني السعودي وقضايا المغتربين اليمنيين أن استمرار ترحيل المغتربين اليمنيين هي أخطاء سياسية فادحة على كل المستويات التي تندرج بالتوازي مع قيادة "حرب عمياء" ارتكبت فيها الكثير من الجرائم والمجازر الكبيرة. ولم يكن الترحيل آخر خيوط العلاقة الهشة بين البلدين وسيفتح باباً واسعاً لردود أفعال قوية في التحولات القادمة وستظل المملكة تدفع ثمن أخطائها وعدوانها على اليمن ومن المتوقع أن تكون التبعات الناتجة عن عودة وشيكة لمئات الآلاف من العمال اليمنيين مساوية لتبعات العدوان المستعر منذ سبع سنوات حتما ستتجاوزها اليمن رغم أضرارها الفادحة لملايين الأسر اليمنيةً وذلك العلقم الذي لن ينسى مرارته شعبنا اليمني. وأضافوا: "إذا كان المجتمع الدولي لم يستطع وقف العدوان وإزالة آثاره المأساوية التي تزداد بضراوة كل يوم مع هذا التوحش العدواني السعودي الإماراتي فإن هذه القضية تتطلب التحرك الجاد والمسؤول لتوثيقها وخصوصاً أن اليمن لن يكون بمقدوره تحمل المزيد من الأزمات والعواصف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعتبر السعودية سببا فيها مع ما تفرضه من حصار اقتصادي برا وبحرا وجوا ومنع السفن الحاملة للمشتقات النفطية والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة وجعل ذلك حصريا على ميناء عدن كثيرة هي الوسائل والأساليب التي تلجأ لها السعودية في شن حروبها الاقتصادية على اليمن".
انتهاكات سعودية في حق أبناء الشعب اليمني
ساهمت السعودية في الأزمة الحقوقية والإنسانية في اليمن بسبب الانتهاكات المتكررة لقوانين الحرب التي يرتكبها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، والتي فاقمت الكارثة المستمرة ودمرت البنية التحتية للبلاد. وقال "الاتحاد الدولي للجاليات اليمنية" : "استنكر الاتحاد العالمي للجاليات اليمنية حسب معلومات مؤكدة تواصل حملة استهداف العمالة اليمنية المستمرة في مدن الجنوب حتى اللحظة رغم تداول أخبار عن استثناء بعض دكاترة الجامعات في بعض مدن الجنوب في محاولة لامتصاص حالة الغضب الشعبي تجاه هذه القرارات التعسفية". فيما قالت جمعية "أطباء اليمن في المهجر"، وهي شبكة دولية من العاملين الطبيين اليمنيين تعمل على رفع مستوى الوعي بحقوق العاملين الصحيين اليمنيين، إن "مئات العاملين الصحيين اليمنيين في السعودية تواصلوا بالجمعية ليقولوا إنهم قد أُبلِغوا بإنهاء عقودهم أو أنها لن تُجدد، ما يُعرّضهم لخطر الترحيل إلى اليمن." وأصدرت جمعية "أطباء اليمن في المهجر" في عريضة تطلب فيها من السلطات السعودية إعادة النظر في القرار وضمان منح إعفاءات إنسانية.
بدوره، قال رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، "توفيق الحميدي"، إن "الإجراءات السعودية الجديدة التي تطال العمالة اليمنية في المملكة تكشف عن السلوك الاستعلائي، والتمييزي الذي تمارسه السعودية ضد العمالة اليمنية بشكل عام". وأوضح أن "هذه الإجراءات أو القرارات السعودية ضد العمالة اليمنية تشكل انتهاكا فاضحا لاتفاقيات حقوق الإنسان العالمية". ولفت إلى أن "منظمة سام أصدرت بيانا أكدت من خلاله أن ما يمارس ضد العمالة اليمنية في السعودية هو نوع من التمييز المخالف للكرامة الإنسانية وللاتفاقيات الدولية". وأفاد بأن "هذه الإجراءات نوع من السلوك الممنهج، لكون السلطات السعودية أوكلت لرؤساء الأقسام في الجامعات القيام بهذه الممارسات هروباً من وقوعها كدولة في شراك التنديد الدولي". وفي هذا السياق، يقول "أحمد عبدالعزيز"، أحد المتضررين من القرارات السعودية، إن "الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات السعودية هي إجراءات تمييزية عنصرية ضد العمالة اليمنية". وأفاد "عبدالعزيز"، بأن "السعودية تعمل على التضييق على اليمنيين على أراضيها، وتتعامل معهم بطريقة استعدائية، وتستهدف كل شيء يمتّ لهم على كل الجوانب".