الوقت_ بعد أن وصف العدو الصهيونيّ المجرم رئيس المكتب السياسيّ وقائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بالذكيّ والمر الذي حقق لحماس إنجازات غير مسبوقة باستخدام أبسط الأدوات، لم يكن مستغرباً تصريح "ديفيد بيتان" عضو الكنيست عن حركة الليكود التي يتزعّمها بنيامين نِتنياهو، والذي قال فيه إنّ السنوار يتلاعب بالصهاينة، مشدّداً على ضرورة اغتِياله حتّى لو جاء ذلك على حساب خوض حرب، وذلك عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان على غزة قبل مدة، والتي تركت تل أبيب في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، وقد اعتبر الإعلام العبريّ أنّ "إسرائيل" فشلت في قتل المئات من مقاتلي المقاومة الإسلاميّة حماس بـ"سلاح سرّي"، وفي تقارير أخرى أشار إعلام العدو إلى أنّ ما فعله رئيس حركة "حماس" في غزة، يُشكل صفعة قاسية على وجه الكيان.
"لا يُوجد خِيارٌ آخَر.. إنّه عدوٌّ لدود يتلاعب بِنا بقسوة"، جملة تعبر عن حجم الغضب الإسرائيليّ من الانتصار الفلسطينيّ الأخير والذي كان السنوار بطله بامتياز، وفي ذلك الحين وبالرغم من تصاعد نبرة التهديد الصهيونيّة بالاستمرار في سياسة الاغتيالات للتخفيف من حجم الهزيمة المدويّة، قام السنوار وقتها بزيارة بيوت الشهداء وأحياء القطاع، واعتبره معلّقون صهاينة تلك الزيارة ترسيخاً للنصر الذي حقّقته المقاومة.
وكلما حاول العدو إخفاء هزيمته في غزة أكّد بشكل أكبر حجم ضعفه وانهياره، ويمكن اعتبار تصريحات المسؤول الصهيونيّ ذات دلالات ضعف كبيرة، لأنّ العدو يعتقد أنّه في حال استطاع أن يقضي على بعض القيادات البارزة يمكنه أن ينهي منهجاً مقاوماً لا يمكن أن يميل قد أنملة عن أهدافه في القضاء على الاحتلال البغيض والعنصريّ، وإنّ المقاومة لن تأبه أبداً من أيّ خطوة إسرائيليّة لأنّها وباعتراف العدو باتت تملك مفاتيح اللعبة وأصبحت في قوة رادعة للغاية، وقد شهدت الأشهر الماضيّة.
وإنّ معركة “سيف القدس” التي ألحقت هزيمة عسكريّةً ومعنويّة غير مسبوقة في جميع الأوساط الإسرائيليّة وأدت بشكل كبير إلى إسقاط حزب الليكود وزعيمه نِتنياهو من الحكم، دفعت أجهزة الأمن التابعة للعدو الغاصب لأن تعمل بشكل مستمر لجمع المعلومات عن البطل السنوار وشريكه الهام في حرب غزة، زعيم كتائب “القسام”، المُجاهد محمد الضيف، ولكن تل أبيب فشلت فشلاً ذريعاً في خططها العدوانيّة لسبين، الأول لأنّها فشلت في الوصول إليه، وثانيّاً لأنّ القيادتين العسكريّة والأمنيّة للكيان القاتل تعلم جيداً أنّ تلك الغلطة ستكون ذات تأثير أبعد مما يتخيلون وأنّ الرد سيكون مُؤلماً ومُدمراً.
ومن الجدير بالذكر أنّ اغتيال الشهيد يحيى عياش (أحد أبطال جناح القسّام) عام 1996، كلَّف العدو الصهيونيّ الباغي أكثر من 100 قتيل وحوالي الألف جريح، سقطوا جميعهم إثر تنفيذ 4 عمليات استشهاديّة من قبل زملائه الجهاديين في القدس والخضيرة وتل أبيب المحتلة، وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، أطلقت “سرايا القدس” الذراع العسكريّ لحركة الجهاد الإسلاميّ أكثر من 400 صاروخ وقذيفة على مدن ومستوطنات غلاف غزة، ثأراً لاغتيال الشهيد بهاء أبو العطا، أحد أبرز القادة الميدانيين للحركة، وقد دفع ذلك نتنياهو إلى الاختباء ضمن أقرب الملاجئ، والقائمة طويلة.
وفي حال ارتكبت تل أبيب غلطة تاريخيّة كبرى وتجرأت على اغتيال السنوار رغم شبه استحالة ذلك، لا شك أنّها ستدفع ثمن فعلتها بأضعاف، وستذوق أمر من طعم الهزيمة التي ذاقتها في معركة “سيف القدس" على كافة المستويات، لذلك من المستبعد جداً أن تقدم القيادة الصهيونيّة على هذه المُقامرة الخطيرة، خاصة عقب الهزيمة الأمريكيّة الكبيرة في أفغانستان، وحالة التوتر القصوى التي تسود لبنان مع اقتراب وصول ناقلات النفط التي أرسلتها الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة إلى موانئه في تحد بُطوليّ من قبل المُقاومة الإسلاميّة في لبنان.
وما ينبغي ذكره، أنّ قيادات صهيونيّ اترفت مراراً بأنّ السنوار هو شخص مذهل ومقاتل مرّ وذكي وحكيم، ومنذ أن تسلم قيادة حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" في قطاع غزة، شرعت المسيرات عند السياج الحدودي وبدأت عمليّات إطلاق البالونات والطائرات الورقية و وحدات الإرباك الليليّ، وإنّ السنوار يعرف الإسرائيليّين جيدًا، و يقرأ صحفهم العبريّة مثل (يديعوت أحرونوت) و (معاريف)، وهو على درايةٍ جيّدة بالمجتمع الصهيونيّ.
في الختام، إنّ رجال محور المقاومة لو كانوا يأبهون من التهديدات والاغتيالات، لما تحركوا بكل حرية وسهولة وشجاعة، وإنّهم يعلمون أنّ تهديدات العدو جوفاء، ولا قيمة لها بالمطلق، في الوقت الذي تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على غزة باتت وراء ظهور الفلسطينيين، ليبقى المجاهدون الكُثر كالسنوار أبرز عناوين القلق والارتِباك والرّعب والهزائم للعصابات الصهيونيّة الإجراميّة، وعنوانهم العريض "المقاومة أقوى.. ومستمرة".