الوقت - كشف مصدر قضائي تونسي، أمس السبت، عن إخلاء سبيل 4 أشخاص من منتسبي حركة النهضة، الجمعة، بعد عرضهم على قاضي التحقيق بتهمة “محاولة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان” الاثنين والثلاثاء الماضيين.
وأوضح مصدر بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أن 4 أفراد من منتسبي “النهضة”، كانوا قد أحيلوا إلى قاضي التحقيق بمحكمة تونس 2 (غربي العاصمة)، الثلاثاء، بينهم عضو بمجلس شورى الحركة، وسائق سيارة راشد الغنوشي (رئيس الحركة والبرلمان المجمدة أعماله بقرار من الرئيس التونسي).
وأضاف إن إحالتهم للتحقيق واحتجازهم جاء بعد تلقي الأمن “شكوى بمحاولة الأفراد الأربعة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان، عبر أشخاص آخرين يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين 26 و27 يوليو تموز الجاري”.
وأشار المصدر إلى أن قاضي التحقيق أخلى سبيل الأربعة، الجمعة، دون مزيد من التفاصيل. ولم يصدر تعقيب فوري من السلطات التونسية ولا حركة النهضة بخصوص الأمر.
وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء الرسمية إن القضاء التونسي فتح، الجمعة، تحقيقا مع أربعة من أعضاء حزب النهضة بينهم حارس شخصي للغنوشي بتهمة محاولة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان.
ونقلت الوكالة عن مصدر قضائي قوله إنه "تم الاحتفاظ بشخصين منذ يوم الثلاثاء الماضي، (الحارس الشخصي السابق للغنوشي وعضو مجلس الشورى)، ووقع استنطاقهما من قبل فرقة مكافحة الإجرام بالحرس الوطني، في حين تم الاستماع إلى المتهمين الاثنين الآخرين (عضو طاقم التشريفات والشخص الرابع) بحالة تقديم، ثم وقع إحالتهم الأربعة، الجمعة، على المحكمة الابتدائية بتونس 2 ويجري الآن التحقيق معهم من قبل قاضي التحقيق".
وقال المصدر إنّ وحدة "مكافحة الإجرام، تلقت شكايات تفيد بمحاولة هذه العناصر الأربعة القيام بأعمال عنف عن طريق الاتصال بأشخاص من منطقة حي النور، (حي شعبي يتبع منطقة باردو، مقر مجلس نواب الشعب)، للتزود بعصي والقيام بأعمال عنف أمام البرلمان يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، أي 26 و27 تموز/ يوليو 2021".
بالتوازي قال المحامي سيف الدين مخلوف، وكيل النائب التونسي ماهر زيد، المعروف برفضه لقرارات وسياسات الرئيس قيس سعيد، إن النيابة العمومية بمحكمة منوبة قررت الإفراج عن النائب ماهر زيد.
وأضاف مخلوف: "لكن عند الخروج من المحكمة حاولت قوات الأمن من الخارج إيقاف ماهر زيد من جديد رغم قرار المحكمة".
وكشف المحامي مخلوف أنه سرعان ما تم التراجع والعودة للمحكمة، وإعلان النائب زيد الاعتصام داخل مبنى المحكمة مع محاميه.
جاءت خطوة الاعتقالات بعد ايام من محاولة قيس سعيد طمأنة الجميع داخل البلاد وخارجها بأنه "ملتزم" باحترام الحقوق والحريات، لافتاً إلى أنه "لم يتم اعتقال أي شخص أو حرمان أي شخص من حقوقه، بل يتم تطبيق القانون تطبيقاً كاملاً لا مجال فيه لأي تجاوز لا من السلطة ولا من أي جهة أخرى (لم يسمها)".
حيث قال سعيد، مساء الخميس، في كلمة ألقاها خلال أداء رضا غرسلاوي، في قصر قرطاج بالعاصمة تونس، اليمين الدستورية بتكليفه بتسيير وزارة الداخلية: "ليطمئن الجميع في تونس وخارجها أننا نحتكم للقانون والدستور، وليطمئن الجميع على الحقوق والحريات، وليعلموا أنني حريص عليها"، وفق قوله.
وجاء الإعلان عن بدء التحقيق مع أعضاء بحزب النهضة، في الوقت الذي كشف فيه مسؤول قضائي تونسي، الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021، أنه تم فتح تحقيق يشمل حزبي “حركة النهضة” و”قلب تونس” بتهمة “تلقي تمويل خارجي” أثناء الحملة الانتخابية لبرلمانيات عام 2019.
فقد قال الناطق الرسمي للمحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي، إن قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي (مجمع قضائي مختص بقضايا الفساد الإداري والمالي) فتح تحقيقاً بتهمة “تلقي تمويل خارجي” في 14 يوليو/تموز الجاري.
وأضاف أن التحقيق يشمل حزبي “حركة النهضة” (53 نائباً من إجمالي 217 في البرلمان) و”قلب تونس” (28 نائباً) وجمعية “عيش تونسي” (ثقافية ورياضية خاصة/لها نائب واحد بالبرلمان)، مؤكداً أن “العقوبات في مثل هذه الحالات تكون حسب اجتهادات القضاة، وقد تصل إلى منع السفر والتوقيف وتجميد الأموال”.
في المقابل، نفت سابقاً كلٌّ من حركة “النهضة” وحزب “قلب تونس” وجمعية “عيش تونسي”، على لسان مسؤولين فيهما، تهمة تلقي “تمويل خارجي”.
بينما تقول “النهضة” إنها تعتمد في تمويلها على مساهمات أعضائها والمنخرطين فيها، اعتبر رئيس كتلة “قلب تونس” البرلمانية، أسامة الخليفي، في تصريحات إعلامية، اتهامات “التمويل الخارجي” الموجهة لحزبه “هجوماً ممنهجاً وخبيثاً” من قِبل مَن وصفهم بـ”جرحى الانتخابات”؛ بهدف إقصاء حزبه وسجن نوابه وقياداته.
أما جمعية “عيش تونسي” فتؤكد أن ألفة التراس، العضو المؤسس للجمعية، والبرلمانية حالياً، هي الممول الوحيد لها.
تزامن ذلك مع إجراء قامت به قوات الأمن التونسية، الجمعة، حيث أوقفت النائب عن حركة “أمل وعمل” (مستقلة) ياسين العياري. وقالت سيرين فيتوري، زوجة النائب “العياري”، في تدوينة على فيسبوك: “أخذوا ياسين للتو بكل عنف”، دون مزيد من التفاصيل.
بدوره، قال سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة “ائتلاف الكرامة” في تونس (18 نائباً من 217)، في تدوينة على حسابه بموقع “فيسبوك”، إنه تمت حتى الآن “مداهمة منزل النائب راشد الخياري، وتوجيه استدعاء للنائب ماهر زيد، وفتح تحقيق ضد النواب خالد الكريشي، ومبروك كورشيد، وسيف الدين مخلوف، واعتقال النائب ياسين العياري، إضافة إلى منع جميع النواب من السفر”.
وأدت الاعتقالات، بالإضافة إلى فتح تحقيق حول أعمال العنف من قبل متظاهرين ضد قرارات سعيد، إلى زيادة المخاوف حول الحقوق والحريات في تونس. ويعرّض قرار الرئيس رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان الذي اتخذه يوم الأحد، النواب الذين يواجهون قضايا قانونية للاعتقال.
وكان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد 25 يوليو/تموز الجاري، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.
فيما أضاف الرئيس التونسي في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014، الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسَي الوزراء والبرلمان.
سعيّد قال إنه اتَّخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.
بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.
وجاءت قرارات سعيّد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة، واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.