الوقت - يعتبر تنظيم داعش الارهابي جزءا هاما ورئيسيا من محور التيار الفكري والايديولوجي التكفيري في العالم وهو لايختلف في هذا المجال عن تنظيم القاعدة واخواتها لكن لداعش خصائص تميز هذا التنظيم عن باقي الجماعات التكفيرية الارهابية وهي تركيز هذا التنظيم على العداء للشيعة وصب الاهتمام على العدو القريب بدلا عن العدو البعيد والتكفير الواسع وعدم المسامحة ورفع لواء ما يسمى بالخلافة ولذلك يعتبر الخبراء اي تغيير في هذه الخصائص خلال السنوات المقبلة امرا هاما يستحق الوقوف عنده.
ان حصول تغيير في المعتقدات الايديولوجية لدى داعش ليس بالامر المستبعد رغم التزام هذا التنظيم بمعتقداته فالمتغيرات الميدانية ومواجهة الواقع والمعادلات الجديدة قد تغير هذه المعتقدات فعلى الرغم من اصرار داعش على معاداة المسلمين الشيعة يبدو ان هذا التنظيم مجبر على حصر هذا العداء للشيعة في العراق وسوريا وعدم سحب هذا الموضوع على المناطق الاخرى لكي يتمكن من استقطاب وجذب العناصر من باقي المناطق ولذلك نجد ان داعش مرغم على التسامح مع باقي الاطراف في خارج العراق وسوريا على عكس ما يحصل في داخل العراق وسوريا.
ان التركيز على العدو القريب بدلا عن العدو البعيد يعتبر من نقاط اختلاف داعش مع القاعدة فتنظيم القاعدة يركز عدائه على الامريكيين لكن داعش منصب على العداء للعدو القريب وخاصة الشيعة ورغم ذلك نجد بأن داعش قد قام ايضا بتنفيذ عمليات في بعض الدول الاوروبية مثل فرنسا وهذا يعني ان استراتيجية داعش تغيرت بعض الشيء هنا ولايمكن ان تكون الدول الاوروبية والغربية بمنأى عن هجمات داعش.
ان الدراسات والتكهنات الغربية تشير ايضا الى وجود تغيير في ايديولوجية داعش واستدارة هذا التنظيم نحو العدو البعيد، وقد اعلنت بعض الاجهزة الاستخباراتية الامريكية ان داعش ارسل بعض قادته الى الدول الاوروبية كلاجئين لكي ينفذوا عمليات ارهابية في اوروبا وهناك تقارير اخرى تشير الى وجود عدد كبير من مواطني الدول الاوروبية في صفوف داعش وهذا قد يؤدي شيئا فشيئا الى تغيير الاطر الفكرية والايديولوجية لداعش.
وهناك ايضا تغيير ايديولوجي آخر لدى داعش وهو التحول نحو استهداف السنة ايضا، فلم يعد الشيعة الاعداء الوحيدين لداعش الذي اصبح ينفذ عمليات في مختلف البلدان مثل مصر وتونس ويهيئ نفسه لاستهداف الحكومات العربية الاخرى في المنطقة.
ان شعار الخلافة الذي لايزال مرفوعا بعد مرور سنة من رفعها من قبل داعش قد حافظ على بقائه الى حد ما وهذا يميز داعش عن باقي الجماعات الارهابية ويمكن القول ان هذا الشعار هو المرتكز الاساسي والثقل الفكري الرئيسي لداعش وانه سيستمر هكذا في المستقبل حيث يعتبر داعش نفسه افضل من باقي الجماعات المثيلة له بفضل هذا الشعار فالمتحدثون باسم داعش يؤكدون بانهم هم الممثلون الحقيقيون لمؤسس القاعدة اسامة بن لادن ويعتبرون ان القاعدة بقيادة ايمن الظواهري قد انحرف عن الطريق.
وفي هذا السياق يقول المتحدث باسم داعش ابو محمد العدناني ان العلاقة بين داعش والقاعدة ليست علاقة تنظيم ما بتنظيم آخر بل علاقة بين دولة وبين منظمة ولذلك يجب للمنظمة ان تتبع الدولة، وهكذا يمكن للمتابع ان يكتشف مفهوم فكرة الدولة التي يطرحها داعش ليفهم ويستوعب بشكل افضل مشروع داعش في العراق وسوريا.
ونظرا الى محورية مشروع الخلافة في ايديولوجيا وافكار تنظيم داعش يبدو ان هذا المشروع سيظل المشروع الرئيسي والاساسي لهذا التنظيم خلال السنوات القادمة لكن هناك احتمال بان يدعم داعش تنفيذ باقي مشاريع الخلافة في شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا، وفي مجمل الاحوال سيظل داعش متمسكا بمشروع الخلافة لأن هذا التمسك سيساعده في تنافسه مع باقي الجماعات التكفيرية.