الوقت - وسط التقدم الميداني للجيش اليمني واللجان الشعبية في محافظة مأرب الغنية بالنفط، وفشل التحركات الدبلوماسية من الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تم تشكيل جبهة سياسية وإعلامية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، لإلقاء اللوم على صنعاء بسبب الجمود في محادثات مسقط.
وفي هذا الطريق، وفي بيانات منفصلة أصدرتها أمس مجموعة السبع ووزارة الخارجية الأمريكية، تعرضت جهود حرکة أنصار الله لتحرير محافظة مأرب لانتقادات، وألقى الغربيون باللوم على صنعاء في فشل وقف إطلاق النار.
جاء في بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول نتائج زيارة المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن "ليندركينغ" إلى السعودية وعمان والأردن، أن هناك عرضًا عادلًا للتخفيف الفوري من معاناة اليمنيين، لكن الحوثيين أضاعوا فرصةً كبيرةً للتعبير عن التزامهم بالسلام والقبول به.
كما أشاد البيان بمواقف حكومة منصور هادي المستقيلة والهاربة، وتمت الإشارة إلى محاولة تحرير مأرب كعامل في الأزمة الإنسانية.
لكن رداً على هذه التصريحات، رفض مسؤولو حرکة أنصار الله المزاعم الغربية بمسؤولية الحرکة عن فشل وقف إطلاق النار واستمرار الأزمة الإنسانية في اليمن، وحددوا شروطهم للمشاركة في أي خطة سلام مستقبلية.
وفي هذا الصدد، غرَّد محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لأنصار الله قائلاً: إن "إدانة مجموعة الدول السبع لهجمات اليمن على السعودية وعملية تحرير مأرب، وتجاهلها للعدوان والحصار والاحتلال يكشف حالة النفاق الدولي. ولذلك سنمضي قدماً في ضرب العمق السعودي وتحرير البلاد".
وقال "اليمن مستعد لوقف كل عملياته العسكرية مقابل وقف العدوان ورفع الحصار وانسحاب القوات الأجنبية من البلاد".
على صعيد آخر، غرَّد "محمد علي الحوثي"، أحد قادة حرکة أنصار الله اليمنية، أن "تصريحات الأمريكان عن سلام في اليمن بلا خطط ولا خطوات واقعية وعملية". ووصف الخطة الأمريكية بأنها "عبارة عن بيع للوهم وحصاد للفشل"، مضيفًا: "وهكذا هي النتائج معروفة للجميع".
خطة الخداع السعودية علی لسان الولايات المتحدة والأمم المتحدة
هناك نقطتان مهمتان حول فشل الجهود الدبلوماسية الأخيرة لوقف إطلاق النار في اليمن، وبالنظر إليهما، يتضح أن تحرك صنعاء في رفض العرض التفاوضي، خلافًا لمزاعم الولايات المتحدة وغربيين آخرين، لا يهدف إلى استمرار الأزمة والحرب، بل يهدف بالكامل إلى إنهاء الأزمة.
أولاً، خطط وقف إطلاق النار التي تنتقد الولايات المتحدة أنصار الله لرفضها، لا تحتوي على أي جديد بناءً على الحقائق في ساحة المعركة، وهي تكرار آراء الرياض غير الواقعية والتكتيكية لوقف تقدم أنصار الله في مأرب، وكسب الوقت لإعادة بناء قوتها العسكرية المتدهورة في ساحة المعركة.
إن التغيير في معادلة الحرب قد بدأ منذ وقت طويل، ومع التقدم العسكري الهائل الذي حققه اليمنيون في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيار، بالاعتماد على القوة المحلية، أصبح الآن كل جزء من الأراضي السعودية تحت مرمی أنصار الله المجاهدين، وتُستخدم هذه الورقة للضغط على السعوديين بالتزامن مع التقدم الميداني.
الهجمات على المراكز العسكرية والاقتصادية والاستراتيجية السعودية، ولا سيما منشآت أرامكو النفطية الحساسة في العامين الماضيين، وعجز الرياض التام عن مواجهة هذه الهجمات، جعلا السعوديين عاجزين عن مواصلة الحرب، وبعد أحدث موجة من الهجمات على أرامكو الشهر الماضي، اضطرت السعودية إلى إطلاق تحركات دبلوماسية لوقف هذا المسار.
أعلنت الرياض في البداية عن خطة سلام تضمنت تنازلات مثل رفع الحصار عن ميناء الحديدة وإعادة فتح مطار صنعاء بشکل محدود.
وبعد ذلك، حتى محمد بن سلمان اتخذ نبرةً أكثر ليونةً تجاه طهران كحليفة لأنصار الله على المستوى الإقليمي، لإظهار أنه في وضع خطير للغاية في اليمن.
وفي ظل هذه الظروف، بطبيعة الحال، لن تقع أنصار الله في فخ عملية الخداع السعودية في المقام الأول، وتسعى للسيطرة علی محافظة مأرب الاستراتيجية وطرد المرتزقة التابعين لمنصور هادي والسعودية من شمال اليمن. وثانياً، لا تعتبر أن خطة السلام السعودية المزعومة تتماشى مع واقعها الميداني وتطلعاتها.
لكن القضية الأخرى المهمة تعود إلى نهج أنصار الله الذكي والعقلاني لإنهاء الحرب بشكل كامل من خلال رفض المفاوضات المحدودة والتكتيكية.
لقد شددت أنصار الله دائمًا، في رد فعل مسؤوليها الأخير، على نقطة مهمة وهي أن وقف التقدم يجب أن يكون مشروطًا بالرفع الكامل للحصار، والوقف الكامل للهجمات السعودية.
على السعودية بصفتها المعتدي والعامل الرئيسي في استمرار الأزمة في اليمن، أن تمهد الطريق لإنهاء الأزمة الإنسانية الكبرى في اليمن في أي خطة سلام، وأن تكون مستعدةً للتفاوض بشأن سبب الأضرار التي تقدر بمليارات الدولارات للبنية التحتية لهذا البلد الفقير.
يظهر الاتجاه الأخير أن السعوديين، وعلى الرغم من الليونة الأخيرة والمواقف المعلنة بشأن الاستعداد للمفاوضات، لا يزالون يفتقرون إلى الإرادة الحقيقية لإنهاء الأزمة والحرب في اليمن، ويسعون للهروب من الوضع الصعب الراهن.