الوقت- خلال السنوات الماضية، سلت السلطات السعودية سيف بغيها على أهالي القطيف والأحساء، الذين يكابدون إمعان سياسات البطش ومخططات التمييز الطائفي المتواصل ضدهم، فتنقض على أرضهم ومساجدهم وبيوتهم، متذرعه بمخططات التوسعة من جهة والإنماء الغائب عن المنطقة من جهة ثانية، إلا أنها في كل خطوة تكشف عن حقدها وغلها المضمرين بحق أهالي القطيف والأحساء من أبناء الأقلية الشيعية. إن هدم وتجريف المساجد بيوت الله بالتزامن مع الكشف عن اجراءات السلطات السعودية في المراقبة والرصد لأنشطة المساجد، تعُّبر عن همجية قادة الرياض على هدم مساجد الشيعة، وفي استهتار صارخ بقدسية وحرمة وكرامة بيوت الله ومساجد الصلاة والذكر هدمت السلطات السعودية قبل عدة أيام مسجد "العهد" الواقع في بلدة "أم الحمام" غربي محافظة القطيف وسوّته بالأرض وحولته إلى ركام متناثر، ركام من شأنه تعرية الوجه الاقبح للطائفية البغيضة التي تتعامل بها السلطة مع أهالي القطيف والأحساء. والغريب في الأمر أن السلطات السعودية تذرعت باعتدائها الغاشم على مسجد "العهد" بمخطط توسعة الطريق الرابط بين بلدات "الجش وأم الحمام وعنك"، وادعت بأن مخطط التوسعة يهدف لتحويله إلى طريق مزدوج.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من وسائل الاعلام أن هدم مسجد "العهد"، يأتي ضمن حملة طائفية تعسفية وممنهجة ضد مساجد القطيف والأحساء حيث تتعمد السلطة السعودية الانقضاض على الإرث الثقافي والديني للمنطقة تحت ذرائع واهية بحجة التطوير والإنماء الذي لا يتم بمفهوم النظام كما يبدو، سوى بهدم المساجد ودور العبادة، وهذه العمليات التدميرية للمساجد تستهدف ما تحمله من إرث وثقافة ودلائل على روح الانتفاضة السلمية والفكر الثقافي النهضوي الذي حمل لواءه الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر". الجدير بالذكر أنه في ديسمبر2020 استهدفت السلطات السعودية الماضي بآلات الهدم والتجريف جامع الإمام "الحسين" عليه السلام في حي "الزارة" في العوامية، ودمرته وأزالته كونه كان إرثا دالاً على رمزية الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر" الذي كان منبر لشحذ الوعي وبث الفكر والرؤى في أوساط الجماهير والمجتمع، وكان أساس في انطلاق التوعية بالحقوق والواجبات، ونظراً إلى أنه كان رمزا أساسيا في حراك القطيف 2011 م وانطلاقاً لشعلة انتفاضة الكرامة الثانية، فلم تحتمل السلطة بقاءه وهدمته، دون أدنى اعتبار لحرمة وقدسية المساجد المطهرة التي جُعلت مكانا لعبادته.
إن ما جرى على مسجد الإمام "الحسين" عليه السلام في العوامية ومسجد "العهد"، يؤكد بأن السلطات السعودية تُعّد فصلا من سيناريو محبك تستهدف عبره هدم مساجد القطيف بكل رمزيتها والتي تعتبر معاقل لبث الوعي والتأصيل للثورة على الظلم والعدوان ورفض الفساد والباطل، وهنا تجدر الاشارة إلى أنه ما يثير مخاوف الأهالي وفق ما عبرت عليه مصادر محلية هو استكمال مخطط الهدم ضد مساجد أخرى في الأيام المقبلة، خاصة المساجد التي تُعد ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بأيام الحراك السلمي، إذ أضحت كل المساجد التي كان لها دور وموقف في الحراك السلمي في مرمى نيران السلطة السعودية. إن السلطة التي تدعي أن ما تُقدم عليه تحت ذريعة عدم الترخيص أو بحجة توسعة الطرقات، فإن هذه الذرائع لم تكن موجودة قبل أيام الحراك، ولم تُبدي السلطة اهتماما في بناء وتشييد وتوسعة الطرقات قبل الانتفاضة أو خلالها، إلا أن كل ذلك بدأ يظهر مؤخرا تحت شعارات رسمية واهية.
وعلى هذا المنوال، ذكر العديد من الخبراء، أن هذه الخطوات السعودية الأخيرة جاءت بعدما تزايدت مخاوف العائلة الحاكمة في السعودية من اشتعال شرارة الثورة مرة أخرى من هذا المسجد الذي كان مقراً للشيخ الشهيد "نمر باقر النمر" يؤمّ فيه المصلين ويرشدهم الى الحق والصراط المستقيم. وأكد اولئك الخبراء أن النظام السعودي لم يحترم مشاعر الأقلية الشيعية في مدينة القطيف وإنما كان يصورهم بأنهم جماعات إرهابية وذلك لكي يبرر عن جرائمه أمام المجتمعين الاقليمي والدولي ولكن الأيام كشف زيف تلك المبررات السعودية الهشة وكشفت الوجه القبيح لنظام "آل سعود" الذي يتفنن في هدم المساجد واعتقال رجال الدين.
وعلى صعيد متصل، عبًر الكثير من أبناء الشعب السعودي الشرفاء والكثير من المسلمين في العالم الاسلامي عن غضبهم من خطوة السلطات السعودية التي أقدمت عليها مؤخراً وقامت بهدم مسجد "العهد"، منددين بعملية الهدم ومطالبين بوضع حد لجرائم "آل سعود" بحق الأقليات المسلمة في السعودية. مغردون سعوديون نشروا تغريدات أكدوا فيها ان الحجج الواهية للنظام السعودي المتعجرف تصاغ بالأكاذيب والمبررات التي لا أصل لها وأن ثورة الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر" لن تخمد ما دام هناك طغاة يعيثون خراباً بأرض الحرام والمقدسات. وأكد مغردون آخرون، أن قرار هدم مسجد "العهد" ومسجد الامام "الحسين عليه السلام" في العوامية لا يصدر عن موقف سياسي فحسب بل صدر عن موقف عقائدي أيضا اذ ان التكفير لايزال كامنا ومحركا للنظام السعودي التكفيري، وانه لا يعتبر مساجد الشيعة مساجد والا لم يقدم على هدمها. كما أكدوا ان اعتداء السلطات السعودية على مساجد الشيعة هو هراء وتفاهة وانه أصل التطرف والكراهية.
وعقب تصاعد الانتقادات الخارجية والداخلية ضد النظام السعودي العنصري، دعت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين خلال الفترة الماضية، السلطات السعودية إلى الكفّ عن استغلال منابر الأماكن المقدسة في تكفير وتفسيق وشيطنة الخصوم السياسيين والتحريض عليهم. وخصت الهيئة في بيان لها أولئك الذين يعارضون سياسة ولي العهد "محمد بن سلمان" المتهم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في المملكة وخارجها تحت شعار حملة مكافحة الفساد والارهاب. وقال "عمر قشوع" المدير التنفيذي للهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين في بيان، "إن تسييس منابر الحرمين الشريفين وتخصيص خطبة الجمعة لشيطنة معارضين، وإجبار الخطباء على قراءة بيان هيئة كبار العلماء بأوامر مباشرة من وزير الشؤون الإسلامية والدعوة الإرشاد، الذي يكفّر فيه جماعة الاخوان المسلمين ويخرجها من الإسلام ويتهمها بالإرهاب، ما هو إلا مكايدات سياسية وخصومات شخصية".
في الحقيقة لقد تعرض الشيعة في السعودية منذ بداية تأسيس حكومة السعودية تعرضوا الى ضغوط سياسية واجتماعية واقتصادية شديدة بسبب التوجه الشديد من الحكومة السعودية نحو الوهابية ولم يحظوا باي وسيلة للدخول بسلسلة المناصب في السعودية، واليوم تستولي الوهابية على القضاء والتعليم والقضايا المذهبية في السعودية. ويظهر بشكل واضح عدم المساواة والتمييز بين الشيعة عن باقي السعوديين، حيث تمتنع الحكومة السعودية بشكل متعمد عن تقديم احصائية رسمية عن الاقليات لاسيما الشيعة، ان احصاء عدد الشيعة في السعودية بشكل دقيق امر مستحيل الى حد ما، لكن نسبتهم تقدر بين 5-15 بالمئة من سكان السعودية و33 بالمئة من سكان المنطقة الشرقية، لكن وفق احصائيات غير رسمية قدر عدد الشيعة في السعودية بأكثر من مليون و700 الف شخص حيث يقطن أغلبيتهم في المنطقة الشرقية، ويشكل الشيعة في القطيف 97 بالمئة والاحساء 60 بالمئة والدمام مركز الشرقية 20 بالمئة من سكان هذه المناطق.