الوقت-اعتبر الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل إن مصر أخطأت ببعدها عن سورية والعراق ، دون أن تسأل ماذا يجري واكتفت بالمشاهدة، مشددا على أن دول الخليج تعاني الآن عاصفة داخلية سيكون لها تأثيراتها على العالم، مؤكداً أن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن تزهق حياة آلاف المسلمين العرب دون هدف محدد.
وحول الوضع الداخلي في مصر أكد هيكل إن الرئيس السيسي سيكون اللاعب الرئيسي في الفترة المقبلة ، داعيا إياه إلى مصارحة الأمة بحقيقة الوضع وبما يمكن عمله، ووضع رؤية للمستقبل.
ودعا هيكل الى إنشاء جبهة وطنية تلتف حول السيسي تكون مؤلفة من مختلف القوى الوطنية ، لاسيما من الشباب، حتى لا يتركوا السيسي وحيدا يواجه الأزمات، مشيرا الى أنه قلق جدا من عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات.
وأكد هيكل أن السياسة فى مصر لا تزال مقصرة جداً عن اللحاق بالحقائق وعن تقييمه لمدى اهتمام الحكومة بالانتخابات الأخيرة، قال هيكل: أريد أن أقول شيئا دائما فى مراحل السيولة متى تكون الانتخابات معبرة عن حالة المجتمع؟ عندما يكون فى حالة ثبات لكن وقت الحركة، ونحن نتحرك الاختيارات فى منتهى الصعوبة، يكون تأثيرها عاطفياً أو مزاجياً باللحظة الراهنة وليس المستقبل أيضاً كثير من القيادات السياسية الموجودة حالياً لم تستطع أن تفهم ما حولها أو ما يجرى فى العالم أو المنطقة لا تزال السياسة فى مصر مقصرة جداً عن اللحاق بالحقائق، فالمفروض أن الأحزاب تطرح رؤى للمستقبل وأفكارا سياسية، ولا أعتقد أن هناك أى قوة بما فيها قوة الدولة قادرة أن توصف أو تحسب بدقة ما يجرى فنحن أمام عالم الحدود زالت بين الدول فى العالم والأفكار كاسحة والتصورات والأمال عالمية، نحن أمام عالم يتغير جداً والعالم العربى ما زالت التقاليد والمواريث غالبة فيه على رؤى المستقبل . وأضاف: ما يجرى فى العالم ليس له علاقة بهذا، لكن ما يجرى فى العالم يغير الناخب، وهناك أشياء كثيرة لكى يتأقلم الناس وتتسع من خلال فهم ما يجرى، وللأسف الشديد الوطن العربى أضاع كثيرا من الوقت فى الانتقال بين تراثه وبين مستقبله .
وأضاف هيكل في حواره التليفزيوني مع لميس الحديدي مساء الجمعة أن الانتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر أخيرا كانت مشهدا جانبيا بالنسبة للمواطن والسلطة والعالم، مشيرا الى أنه ممن يتمنون الديمقراطية، ولكنها في رأيه ليست سلعة، وإنما ضرورة لابد أن تتوافر لها شروطها، وموضحا أن الاقبال على الانتخابات كان ضعيفا جدا بسبب أن لا أحد قدّم قراءة مقنعة للمستقبل.
وقال هيكل إننا لم نعد في عصر النخب ، وانتقلنا الى عصر الجماهير، مشيرا الى أن الاعلام المصري في حاجة ماسة الى نظرة شاملة، لأنه إعلام شخصي ومحلي وتحكمه االمصالح، ومشددا على أنه من أنصار ابتعاد الاعلام عن رأس المال.
وشدد الكاتب المصري أن هذا زمن شباب ولكن "العواجيز مش عاوزين يمشوا"، وفي اشارة الى عودة رموز االسلطة في زمن مبارك للحكم في مصر، أكد هيكل: الوجوه القديمة تعود لحجب الشباب وأعتقد أن السيسى لا يقبل ذلك وأكد أن عودة الوجوه القديمة حتى لا تعطى فرصة لشباب جدد يدخلون وهذه حقيقة، مبينًا أن الأمر متعلق بإرادة الدولة، ولا اى شىء بخلاف إدارة الدولة يقبل الفراغ، أنا أعتقد أن الرئيس السيسى نفسه لا يقبل هذا ويحتاج لتغيير كبير جداً فى نوعية الناس الذين يتم اختيارهم لشغل الماصب مع احترامى للكثيرين منهم، حتى أكون منصفا، حيث يتم افساح الفرصة لشباب أكثر وهذا لا يخفينى، لا تحجبى المستقبل، كل محاولة لحجب المستقبل عن التواجد فى الحاضر أو التأثير فيه هى محاولة فاشلة فى اعتقادى، واقلبى مخاطرة إدخال شباب وحتى لو أخطأوا لى سهناك مشكلة .
وشرح الكاتب الكبير فى حديثه مفهوم التأثير، مؤكداً لحرب الباردة انتهت وانتهت مرحلة ما بعدها والآن نعيش مرحلة تثبيت المواقع، قائلا: هل الولايات المتحدة مهتمة بكِ أم منشغلة عنكِ؟.. هل روسيا مهتمة بكِ أم منشغلة عنكِ؟ وهل الصين كذلك؟.. فوجود القوى فى المناطق المفتوحة للصراعات أصبح شيئا مختلفا، فالحرب الباردة انتهت وانتهت مرحلة ما بعدها والآن نعيش مرحلة تثبيت المواقع، فكل قوى كبرى أو دولة أو متوسطة تحاول تثبيت المواقع، حيث هى أو مد نفوذها، وهذه اللحظة من تثبيت المواقع، الجميع يجرى للأماكن الأقرب للتحكم فى مصائر الحوادث والآن سباق إلى مواقع القوى، القوة سواء دول متوسطة أو صغيرة التى تحاول تكوين تحالفات لتكون قادرة على مواجهة العالم الجديد .
وعن الأحداث الساخنة التي يشهدها العالم العربي، قال هيكل إن مصر أخطأت ببعدها عن سورية والعراق ، دون أن تسأل ماذا يجري واكتفت بالمشاهدة، مشددا على أن دول الخليج تعاني الآن عاصفة داخلية سيكون لها تأثيراتها علينا ، ومؤكدا أن واجب مصر إعادة تنظيم العالم العربي.
وذكر هيكل أن هناك مذابح يوميا وقتلى بالمئات يوميا في حرب اليمن، مؤكداً أن العالم العربى تلهّى وانشغل فى أموره الداخلية وتابع: الآن كل الناس تتحرك والبعض يبحث والبعض تائه والبعض يبحث عن المستقبل، والآن فى المشهد الدولى هناك حركة قوية فى موازين القوى كنا نسير ونبحث فى تحركاتها، الآن هى تتحرك وتترسخ ونتائج ذلك الآن أمام صين مختلفة وولايات متحدة مختلفة وروسيا أخرى وهند أخرى، ودول عالم ثالث متغير ومختلف، والآن المشكلة فى الوطن العربى أن تأخر فى توصيف ما يجرى وانشغل وتلهى فى بعض أموره الداخلية . وأضاف: عندما جاء الآن ما يجرى بدأ المفكرون والباحثون فى قراءة المشهد فوجدوا أنفسهم أمام خريطة جديدة بالغة التعقيد، ونحن أمام خريطة جديدة فكنا أمام خريطة نجد فيها دولة كبرى مسيطرة نجدها إنجلترا، وفيما بعد حلت الولايات المتحدة الأمريكية ودخلنا فى خريطة أخرى توازن فى القوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى، ثم أقبلنا على خريطة رباعية الأطراف الصين فيها طرف، واليابان فيها طرف آخر، وإن كان طرف صامت حتى هذه اللحظة فنحن أمام خريطة قوى مختلفة، وأظن أن كل الناس تبحث فى هذه اللحظة وهى حائرة فى رسم خارطة لما هو قادم، وهو نوع من الحيرة فكنا نعرف قطبين وقبل الحرب الباردة كانت هناك 4 دول كبار وأحيانا أخرى أصبحوا 6 دول كبرى .