الوقت - مع دخول بايدن البيت الأبيض، کانت المحاولة لتلبية التوقعات بشأن الوفاء بوعوده الانتخابية، في طليعة الأنشطة السياسية في الأسابيع الأولى للرئيس الأمريكي الجديد.
وفي هذا الصدد، كان من أهم وعود بايدن في السياسة الخارجية الأمريكية محاولة إنهاء الحرب الدامية في اليمن، والتي أدت، وفقًا للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم.
في غضون ذلك، وبعد عدة تصريحات لشخصيات بارزة في فريق السياسة الخارجية الأمريكية الجديد حول مراجعة الدعم للحرب اليمنية، أخيرًا أعلن المتحدث باسم البنتاغون "جون كيربي" بالأمس وقف كل الدعم المدني، بما في ذلك الاستخباراتي وبعض الاستشارات والدعم التكتيكي للسعودية في حرب اليمن.
من المؤکد أن هذا النبأ ليس بشرى سارة للسعوديين، على الرغم من أنه بالتأكيد لم يفاجئ الرياض، لأن قرار نزع فتيل التوتر مع قطر وإنهاء الأزمة في مجلس التعاون أظهر أن السعودية، وخاصةً محمد بن سلمان، تستعد لمواجهة الوضع الجديد بعد تولي بايدن السلطة.
وإضافة إلى إعلان إنهاء الدعم للحرب اليمنية، فإن قرار تعليق بيع الأسلحة العسكرية الهجومية للسعودية وشطب حرکة أنصار الله من قائمة الجماعات الإرهابية، أثار التساؤل عما إذا كانت الإجراءات الأمريكية هذه ستؤدي بالسعودية إلى إنهاء فوري لغزو اليمن الذي دام خمس سنوات أم لا؟
الإجابة على هذا السؤال تعتمد قبل كل شيء على مدى جدية الإدارة الأمريكية الجديدة في اتخاذ قرار إنهاء الحرب في اليمن، وممارسة الضغط على السعوديين ومحمد بن سلمان.
على مدى السنوات الخمس الماضية، واصلت الولايات المتحدة دعمها الكامل لتحالف الحرب علی اليمن، على الرغم من الانتقادات المحلية والدولية الواسعة النطاق، وقد لعب هذا الدعم دوراً رئيساً في إدامة الحرب اليمنية.
کما کان بيع الذخيرة الموجهة عالية الدقة، وإعداد المعلومات عن الأهداف في اليمن، والتزوُّد بالوقود أثناء الطيران والدعم الدبلوماسي في الأمم المتحدة، من بين المساعدات الأمريكية العلنية للسعودية.
في غضون ذلك، كانت هناك تقارير عديدة عن دعم أوسع، بما في ذلك نشر القوات الأمريكية في اليمن لدعم العمليات اللوجستية والاستخباراتية للتحالف، فضلاً عن تأمين الحدود السعودية.
وعليه، فإن وقف الدعم السياسي والعسكري الأمريكي للسعودية في الحرب، إذا تم تنفيذه بالفعل، سيضع السعوديين في موقف صعب في الحرب.
لقد أظهر الجيش السعودي خلال الحرب اليمنية أنه كان ضعيفًا وهشًا للغاية في مواجهة الهجمات اليمنية، على الرغم من التكاليف الباهظة التي أُنفقت لأجله، بحيث استطاع اليمنيون اليوم، إضافة إلى استعادة جزء كبير من المناطق التي احتلها مرتزقة تابعون للإمارات والسعودية، تغيير معادلات الحرب لمصلحتهم واستهداف نقاط اقتصادية وعسكرية في أي مكان في السعودية والبحر الأحمر بسهولة، وذلك بعد التقدم العسكري الهائل الذي حقَّقوه في مجال الصواريخ والطائرات دون طيار.
رغم ذلك، لا تزال السعودية تحاول الحصول على مشترياتها من الأسلحة والدعم العسكري الذي تحتاجه من دول أخرى، ولا سيما الحكومات الأوروبية، وبالتالي تتجنب قبول الهزيمة في الحرب، حتى تجد مخرجاً أكثر كرامةً للخروج من مستنقع اليمن.
ورغم تحذيرات المنظمات الدولية من احتمال تفاقم الوضع الإنساني الهش في اليمن، يواصل السعوديون ممارسة حصار وحشي لا إنساني لهذا البلد، وتحقيق الأهداف التي خسروها في الحرب من خلال العقاب الجماعي للشعب اليمني.
ومن هنا يجب القول إن تعهُّد البيت الأبيض بوقف دعم العدوان السعودي المستمر على اليمن، سيُبقي السعوديين متفائلين بأن يستمروا في ارتكاب الجرائم ضد الشعب اليمني، ما لم يكن مصحوباً بضغط واسع على الرياض لوقف الهجمات وإنهاء الحصار اللاإنساني لليمن.