الوقت- عجزت أمريكا عن تقديم أي اثبات يؤكد تورط الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين، ومنذ اندلاع الحرب السورية وواشنطن تعمل على تكرار سيناريو احتلال العراق، لكنها فشلت للعام العاشر على التوالي، بالرغم من جميع الفبركات والتضليل الإعلامي الذي اتبعته بمساعدة بعض المرتزقة من هنا وهناك، وبسبب عجزها عن إظهار الحقائق اتجهت الادارة الامريكية نحو الضغط على سوريا لإجبارها على الاعتراف باستخدام الاسلحة الكيميائية.
الطلب جاء عن طريق نائب المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، الذي دعا في اجتماع لمجلس الأمن الدولي روسيا وغيرها من "المدافعين عن الحكومة السورية"، إلى حث دمشق على الاعتراف باستخدام أسلحة كيماوية.
وقال ميلز: "نعتقد أن مجلس الأمن مسؤول عن ضمان فرض العقوبات الوخيمة على الذين يستخدمون الأسلحة الكيماوية، لا يمكننا أن نبقى صامتين ولا يمكننا السماح أن يصبح استخدام الأسلحة الكيماوية مقبولاً أو طبيعياً". وأكد أن أمريكا ترحّب "بالمسار الموثوق والموضوعي والمهني"، الذي اتبعته الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
الغريب أن سوريا عضو في منظمة "حظر الاسلحة الكيميائية" وسلمت أسلحتها الكيميائية بالكامل بإشراف أممي، ولكن لماذا لا تجبر أمريكا الكيان الاسرائيلي على تسليم ترسانته الكيماوية وهو أكبر خطر على سكان الشرق الاوسط بالكامل؟.
نحن اعتدنا على ازدواجية واشنطن في التعاطي مع دول المنطقة، ولكن تعاطيها مع أزمة الكيماوي في سوريا، تدل على "وقاحة" غير مسبوقة، وعلى عجز أمام العالم بأسره على اثبات تورط سوريا في هذا الملف، وفي حال عجزت واشنطن عن محاسبة سوريا، ستكون أمام ورطة كبيرة ولذلك تضغط على روسيا قدر المستطاع لإحراج سوريا وإجبارها على الاعتراف بما لم تفعله.
روسيا أدركت ما تفعله واشنطن، وخرج البرلمان الروسي ليتحدث عن دور الغرب في تجديد مسرحية الكيماوي في سوريا، مؤكدأ على أن أعمالهم أصبحت مكشوفة للعالم بأكمله من فبركة وكذب. وأكد البرلمان الروسي على لسان النائب بيوتر تولستوي، أن الجماعات الإرهابية في سوريا مدعومة بالحكومة التركية تعمل على التضليل الإعلامي والفبركات، واتهام الحكومة السورية بارتكاب مجازر الكيماوي في إدلب للتغطية على مجازرهم التي يقومون بها ضد المدنيين الأبرياء.
هناك أحاديث كثيرة عن احتمالية اعادة المسلحين مسرحية الكيماوي من جديد، وسوريا وروسيا فضحتا بالأدلة الحقائق في السابق ممارسة الإرهابيين وحماقتهم واستخدامهم الاسلحة الكيماوية في إدلب، وكان "تنظيم الخوذ البيضاء" الإرهابي ورعاتهم هم المسؤولون عن افتعال المسرحيات الكيماوية التي اصبحت مفضوحة للجميع، وهم من كانوا يقدمون ادعاءات وأدلة مفبركة وشهود زور.
التصرف غير الأخلاقي جاء من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية التي تعاملت مع الحالات قيد التحقيق بانتقائية بالغة فسعت لإنكار ما قدمته لها سوريا وروسيا فيما يتعلق بحادثة حلب الموثقة التي وقعت بتاريخ الـ 24 من تشرين الثاني 2018 وتبنت ادعاءات التنظيمات الإرهابية حول حادثة لم تقع وزعم حدوثها في سراقب في الأول من آب 2016 ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن بعثة تقصي الحقائق التي تحقق في حادثة اليرموك التي وقعت في الـ 22 من تشرين الأول 2017 وفي حادثتي خربة المصاصنة اللتين وقعتا في السابع من تموز والرابع من آب 2017 وفي حادثة قليب الثور في سلمية في التاسع من آب 2017 وفي حادثة بليل في صوران في الثامن من تشرين الثاني 2017 لم تصدر أي تقارير أو نتائج لتحقيقاتها في هذه الحوادث رغم أن الحوادث الخمس وقعت قبل الحادثة المزعومة في دوما عام 2018 والتي صدر بشأنها تقرير تشوبه عيوب جسيمة قبل أشهر طويلة.
وفي العام 2019، اتهمت أمريكا روسيا بمساعدة سوريا في إخفاء استخدام ذخيرة سامة محظورة، وبادرت موسكو إلى إنكار تصريحات ممثل أمريكا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كينيث وارد، التي جاءت وسط خلاف بين روسيا وقوى غربية في المؤتمر الدولي للمنظمة في لاهاي.
وفي العام نفسه كشفت وكالة "ويكيليكس" أن خبراء "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" نفوا استخدام غاز الكلور في مدينة دوما السورية، وأشارت إلى أن كبار المسؤولين في المنظمة أجبروا أعضاء بعثتها إلى سوريا على تزوير الحقائق.
كما اتهمت الحكومة الروسية في بيان لها، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بـالتحيز والتسييس في تحقيقاتها بشأن هجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا، وأكدت الحكومة الروسية بأن ما تقوم به المنظمة لا يعتمد على المصداقية والشفافية فهي تجمع معلوماتها من وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات غير حكومية مرتبطة بالمجموعات الإرهابية.
ما أدى إلى قيام لجنة تقصي الحقائق بإصدار تقارير لاستخدام السلاح الكيماوي بكل من حلب وسراقب بشكل غير صحيح وغير منطقي، كما أن التقرير يجب أن يعتمد على العديد من الأدلة وأن يكون عادل ولا ينحاز إلى أي جهة على حد قولها.
بدورها أدانت سوريا الضغوط الغربية الرامية لإرغام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ودول أعضاء فيها على اعتماد مشروع قرار فرنسي غربي يزعم زوراً وبهتاناً "عدم امتثالها" لالتزامها بموجب اتفاقية الحظر مؤكدة أن أي قرار سيصدر عن المجلس التنفيذي استنادا لفبركات "فريق التحقيق وتحديد الهوية" هو قرار مسيس يهدف الى إلصاق تهمة استخدام أسلحة كيميائية بسوريا وتبرئة الإرهابيين ورعاتهم.
وشدد نائب وزير الخارجية والمغتربين مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم عبر الفيديو على أن سوريا تدين استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في أي زمان ومكان ومن قبل أي كان وتحت أي ظرف كان وأن التزامها حيال قضايا عدم الانتشار ونزع أسلحة الدمار الشامل راسخ حيث انضمت في عام 1968 إلى بروتوكول جنيف لعام 1925 الخاص بحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة كما انضمت في عام 1969 إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ووقعت في عام 1972 على اتفاقية منع استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية وانضمت في عام 2013 إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية أي إنها طرف في كل اتفاقيات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل مشيراً إلى أن سوريا وقعت ضحية للأسلحة الكيميائية تارة باستخدامها المتكرر من قبل التنظيمات الإرهابية ورعاتها والمستثمرين فيها وأخرى من خلال حملات مسعورة سعت لاتهام الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيميائية وتأليب الدول الأعضاء ضدها.
الجعفري عبّر عن أسف سوريا لتحويل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفرقها إلى أداة بيد بعض الدول المعادية لسوريا حيث كانت النتيجة أن أصدرت المنظمة تقارير تم إعدادها عن بعد ودون زيارة مواقع الحوادث وتفتقد أدنى معايير المصداقية والمهنية والموضوعية وبنت خلاصات عملها على تخمينات وترجيحات وافتراضات غير يقينية استندت لما سمته “مصادر مفتوحة” ولما قدمته لها المجموعات الإرهابية وذراعها الإعلامي.