الوقت- شهد العراق قبل حلول عام 2014 العديد من الأزمات الخطيرة على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي، وأدى ذلك الى ارتباك واضح في العراق كان ينبئ بمستقبل خطير لا محالة، في تلك الأثناء، استغل تنظيم داعش الإرهابي فراغ السلطة، واستغل أيضاً التوترات والخلافات الحاصلة بين القوى السياسية وخيانة بعض الشخصيات والأحزاب السياسية، وتمكن في بداية الأمر من دخول العراق من مناطق جنوب سوريا المحتلة والموصل مركز محافظة نينوى (ثاني أكبر مدن العراق) ليحتلها بسهولة، بالطبع، كان احتلال العراق وسوريا جزءاً مهماً من أيديولوجية داعش لإنشاء دولة إسلامية في بلاد الشام والعراق.
كان الاستيلاء على محافظة نينوى هو الهدف الأساسي لداعش، وقد سمح النظام السياسي الهش للعراق في تلك الفترة للإرهابيين، بدعم من التحالف الغربي العبري العربي، بتسريع عمليات احتلال المحافظات الأخرى وتقريبهم من حلم السيطرة على بغداد وإنشاء ما تسمى بالدولة الإسلامية.
استمر تقدم عناصر داعش الإرهابية بشكل كبير في صيف عام 2014، حيث سقطت أجزاء كبيرة من محافظات الأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالى، وكذلك أجزاء تابعة لمدينتي بغداد وبابل، في إجراء مربك دق ناقوس الخطر للعاصمة.
وخلال الغزو المتكامل الجوانب للعراق، لم يسلم إقليم كردستان أيضاً من هجمات داعش، حيث احتُلت بعض المناطق من قبل داعش، ووصل الإرهابيون إلى القرب من مدينة أربيل.
وكان الإرهابيون قد قلصوا بعدهم عن العاصمة من 465 كلم إلى 65 كلم في وقت قصير وشكلوا تهديداً خطيراً لبغداد، لكن فتوى آية الله السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العراق، وتشكيل مؤسسة الحشد الشعبي ودخول جبهة المقاومة، غيّر المعادلات في ساحة المعركة.
مع تدريب قوات الحشد الشعبي وإعادة تنظيم وتجديد وانسجام القوات الأمنية والجيش العراقي، وإنشاء حزام أمني في وسط العراق، وخاصة حول العاصمة، توقف تقدم إرهابيي داعش وتراجع الضغط بشكل كبير.
بعد استعادة الاستقرار النسبي على الجبهات الوسطى، حوصر الإرهابيون خلف أبواب بغداد، وتغيرت مهام القوات العراقية، المتمركزة على مقاتلي الحشد الشعبي، تدريجياً من وضع الدفاع الى الهجوم وبدؤوا بشن الهجمات في أيلول لتطهير الأراضي المحتلة.
في بداية الأمر تمكنت قوات الحشد الشعبي من كسر حصار مدينة آمرلي بمحافظة صلاح الدين خلال معارك عنيفة وخاطفة، ومن ناحية أخرى استعادت مناطق مهمة واستراتيجية مثل جرف الصخر في محافظة بابل ليتضح بذلك أن الخرافة القائلة بعدم القدرة على هزيمة هذا التنظيم غير صحيحة، وهذا الأمر عزز من معنويات الجيش العراقي لإدامة المعارك.
في عام 2015، وعلى الرغم من العقبات التي كانت تضعها أمريكا أمام القوات العراقية، شنت القوات المسلحة العراقية عملية حاسمة لتحرير محافظة صلاح الدين، وتمكنت بعد قتال عنيف من صد إرهابيي داعش وتحرير أجزاء كبيرة من المحافظة (تكريت، الدور، سامراء، بلد، الضلوعية، يثرب، الإسحاقي، العلم، إلخ.) وكان هذا الانتصار قد خفف من أوجاع مئات الأمهات العراقيات اللاتي فقدن أولادهن خلال المجزرة الإرهابية في قاعدة سبايكر.
لقد أحيت القوات العراقية الآمال في استعادة الأراضي المحتلة الأخرى بعد أن نجحت في اجتياز الاختبار الأول ضد الإرهابيين وتحويل ميزان القوى في ساحة المعركة لمصلحتها مع تقدم كبير في محافظة صلاح الدين.
في ربيع عام 2016، تقرر تنفيذ خطوة أخرى لهزيمة عناصر داعش الإرهابي، وشنت القوات المسلحة العراقية مرحلة جديدة من عملياتها ضد إرهابيي داعش في محافظة صلاح الدين الشمالية وأجزاء من محافظتي الأنبار وديالى، على الرغم من الضغط الشديد من واشنطن لوقف تقدمها.
كان تحرير المدن الكبرى في محافظة ديالى، بما في ذلك السعدية وجلولاء والعظيم والمقدادية والمنصورية والخالص، من الانتصارات الكبرى للقوات العراقية في صيف 2016، والتي وجهت ضربة أخرى قاتلة وقاصمة لتنظيم داعش الإرهابي.
منذ منتصف عام 2016، أعطت القوات العراقية الأولوية لعمليات تطهير المناطق المحتلة من محافظة نينوى، وبعد أشهر من القتال، تمكنت من استعادة المدن الرئيسة في الفلوجة والرمادي والعامرية والكرمة والرطبة وهيت والنخيب من خلال صد الإرهابيين.
إجمالاً، بين ربيع 2016 ومنتصف 2017، تم تطهير ما يقارب 90٪ من منطقة صلاح الدين والأنبار وديالى، إلى جانب أجزاء من محافظة كركوك، وتمكنت القوات العراقية من الوصول إلى جنوب محافظة نينوى ومهّد السيطرة على الشرقاط والقيارة والحضر والقيروان والقحطانية والبعاج ومطار تلعفر، الطريق لتحرير الموصل، أكبر قاعدة لداعش في العراق.
في أواخر سبتمبر 2016، انطلقت عملية تطهير محافظة نينوى من المحاور الشرقية والشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية، بمشاركة قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والبيشمركة والدعم الجوي لقوات التحالف الدولي، وبعد أربعة أشهر من القتال تم تحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل.
منذ آذار 2016، تقرر تنفيذ عملية تحرير الجانب الأيسر للموصل، وأخيراً تم تطهيرها وسيطرت القوات العراقية بالكامل على العاصمة التي كان من المقرر أن تكون عاصمة الدولة الإسلامية في العراق والشام بعد خمسة أشهر من القتال.
وشنت القوات العراقية المرحلة الأخيرة من عملية تطهير الأراضي العراقية بشكل كامل منتصف صيف 2017، حيث قامت بتحرير أجزاء من وسط وشمال محافظة الأنبار، وغرب محافظة كركوك، وأجزاء محدودة من شمال وشمال غرب محافظة صلاح الدين، ومناطق ملوثة في الجنوب وجنوب غرب محافظة نينوى.
في نهاية كانون الأول 2017، وبعد عدة أشهر من القتال العنيف، نجحت القوات العراقية في تطهير هذه المناطق من الإرهابيين وإنهاء احتلال فلول تنظيم داعش الإرهابي، وتحرير البلاد بالكامل بعد ثلاث سنوات.
في الوقت الحالي، لا تحتل عناصر تنظيم داعش الإرهابي مناطق في العراق، لكنها تعمل كخلايا نائمة في بعض المحافظات الوسطى والشمالية والحدودية مع سوريا، وفي المقابل، تستمر عمليات القوات العراقية لتطهير هذه المحاور الملوثة.