الوقت- سافر الجنرال "مانوج نارافان" قائد الجيش الهندي إلى السعودية للقاء كبار المسؤولين العسكريين فيها، ثم يحط الرحال في الإمارات لاحقًا.
وفي هذا الصدد، أفادت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الهندية بأن زيارة الجنرال مانوج هي علامة على التزام دلهي بتعزيز العلاقات بين الهند ودول الخليج الفارسي.
وألقى قائد الجيش الهندي في الرياض كلمةً في كلية الدفاع الوطني السعودية، ويستعرض خلال زيارته للإمارات سبل تعزيز العلاقات الدفاعية بما يتماشى مع توجُّه السنوات الأخيرة.
مسألة القوى العاملة الهندية
ذكرت وسائل الإعلام الهندية أن من أهم أهداف هذه الزيارة، هي متابعة أوضاع العمال الهنود والقوى العاملة في السعودية والإمارات.
تستضيف السعودية والإمارات 9 ملايين هندي في المنطقة، وقد انتقدت العديد من منظمات حقوق الإنسان أوضاع هؤلاء العمال، من حيث حقوق العمال في السنوات الأخيرة.
وفي عدة مناسبات، دعا الهنود إلى احترام حقوق المواطنين الهنود في منطقة الخليج الفارسي، وكانت وزارة الخارجية الهندية قد أفادت سابقًا بمقتل أكثر من 28500 عامل هندي في الدول الخليجية في السنوات الخمس الماضية.
ووفقًا لجماعات حقوق الإنسان، فإن وضع العمال الهنود في السعودية مريع، وقد قُتل العديد منهم لأسباب مختلفة، بما في ذلك العنف وسوء المعاملة والتعذيب من قبل أرباب العمل في السعودية. کما أثار عنف وإساءة معاملة العمال الأجانب، بمن فيهم الهنود، من قبل أصحاب العمل السعوديين، قلق أسرهم في السنوات الأخيرة.
وعليه، للوهلة الأولى، فإن أحد أهداف زيارة المسؤول العسكري الهندي الكبير، هو معالجة وضع القوى العاملة الهندية في الإمارات والسعودية، اللتين تستضيفان أكبر عدد من العمال الهنود في المنطقة.
الهند تبحث عن عملاء الأسلحة
من ناحية أخرى، يبدو أن قائد الجيش الهندي وخلال زيارته إلى السعودية والإمارات، يحاول أيضاً تسويق منتجات وأسلحة هندية.
تعدّ كل من السعودية والإمارات من كبار المشترين للأسلحة في العالم، وقد ذكرت وسائل إعلام هندية أنه خلال هذه الزيارة، أعرب مسؤولون سعوديون وإماراتيون عن اهتمامهم بشراء صواريخ "براهموس" الأسرع من الصوت الهندية، وطلبوا بشراء هذه الصواريخ.
حتى سنوات قليلة ماضية، كانت الهند واحدة من أكبر مستوردي ومشتري الأسلحة في العالم، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، تحوَّلت سياستها التسليحية إلى صادرات الأسلحة.
ووفقًا لوزارة الدفاع الهندية، تزايدت صادرات البلاد الدفاعية في 2018-2019 سبع مرات مقارنةً بالعام الماضي، وتخطط نيودلهي لزيادة صادراتها العسكرية إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2024.
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل الإعلام الهندية أن الصادرات العسكرية الهندية قد زادت من 46 مليار روبية (نحو 658 مليون دولار) في 2017-18، إلى أكثر من 100 مليار روبية(نحو 1.430 مليار دولار) في 2018-2019.
لقد حددت الهند 15 نوعاً من الأسلحة للتصدير، بما في ذلك صواريخ استرا جو-جو، وصواريخ "براهار" أرض - أرض، والمقاتلات الخفيفة، وصواريخ براهموس من نوع الكروز، ودبابات أرجون، وأنظمة الإنذار والتحکم المبكر، ومجموعة متنوعة من الرادارات القتالية والطائرات المسيرة.
كما سمحت الهند لشركاتها الصناعية العسكرية بتصدير 10 في المئة من إنتاجها. ويخطط مسؤولو نيودلهي أيضاً لتقليل اعتماد الهند على الواردات العسكرية، بموجب خطة "صنع في الهند"، وتحويل الهند إلى منتج عالمي للأسلحة.
وعليه، وبالنظر إلى سياسة الهند في زيادة صادرات الأسلحة، تُعتبر الدول العربية من كبار المشترين للأسلحة والعملاء الجيدين للصناعات الدفاعية والأسلحة، وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد الجيش الهندي، تمت مناقشة مسألة بيع صواريخ متطورة للرياض.
الأبعاد السياسية لزيارة المسؤول العسكري الهندي للسعودية والإمارات
في الوقت نفسه، فإن زيارة قائد الجيش الهندي إلى السعودية والإمارات لها تداعيات سياسية كبيرة.
الهند هي المنافس والمعارض التقليدي لباكستان الدولة الإسلامية الأخرى في المنطقة، ومن ناحية أخرى بذلت باكستان جهوداً كثيرةً خلال السنوات القليلة الماضية للاقتراب من السعودية، من أجل جذب الاستثمار.
لكن في الوقت نفسه، لم تقدِّم باكستان الدعم الذي يحتاجه السعوديون في الحرب ضد اليمن، ولم يسعَ السعوديون إلى الاستثمار والمساعدات المالية المتوقعة لباكستان، وهذا ما جعل إسلام أباد تصاب بخيبة أمل من السعودية وتتَّجه بشكل كبير نحو ترکيا الدولة المنافسة للسعودية.
وتُظهر الاجتماعات الثنائية الأخيرة بين أردوغان وعمران خان، مدى ابتعاد باكستان عن الرياض وميلها نحو أنقرة.
کما لم تؤيد باكستان حتى التطبيع الأخير للعلاقات بين الإمارات والکيان الصهيوني، وفي الوقت الذي تدعم فيه فلسطين، اتبعت نهجاً مختلفاً تجاه القضية الفلسطينية عن نهج أبو ظبي والرياض.
مع وجود هذه الانقسامات بين باكستان والإمارات والسعودية، فمن الطبيعي أن تُعتبر زيارة قائد الجيش الهندي إلى الرياض وأبو ظبي علامةً على ابتعاد هذين البلدين العربيين عن الدولة الإسلامية الأخرى أي باكستان بشکل أكبر، وفي هذه الحالة ليس من المتوقع أن يتم إصلاح هذه الفجوة في علاقات باكستان مع الإمارات والسعودية بسهولة، بالنظر إلى الزيارة الأخيرة للمسؤول العسكري الهندي.