الوقت- بعد نجاح السودانيين في تشكيل جبهة ضد التطبيع مع الكيان الصهيونيّ الغاشم، أطلقوا حملة لجمع مليون توقيع ضد تلك المسألة، ولاقت تفاعلاً واسعاً في الأوساط السودانيّة، حيث يتوقع أن تتصاعد المشاركة في هذه الحملة بشكل كبير مع اقتراب زيارة فريق فنيّ تابع للعدو الصهيونيّ إلى الخرطوم اليوم الأحد، والذي يعقبه وفد وزاريّ الشهر القادم.
أساليب العنف
حتى الآن، ما زالت الحملات المناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ تتخذ أشكالا سلميّة، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من اتجاه بعض الجماعات “المتطرفة” نحو أساليب العنف لوقف قطار التطبيع، بحسب الأمين العام لحزب المسار الوطنيّ، لؤي عبد المنعم.
ومع تصاعد الرفض الشعبيّ في السودان لقضيّة التطبيع أعلنت أحزاب سياسيّة ومنظمات أهليّة وتكتلات إعلاميّة وشبابيّة وعلماء، السبت المنصرم، عن تدشين ائتلاف "القوى الشعبيّة السودانيّة لمقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ"، وأوضح ممثل الائتلاف، دفع الله السر، أنّه لا مصلحة للسودان في التطبيع مع المحتل الذي جاء لسرقة موارد السودان، ودعا خلال مؤتمر صحفيّ بالعاصمة السودانيّة الخرطوم، كل القوى السياسية والتكتلات في البلاد إلى التوقيع على ميثاق رفض التطبيع.
وتؤكّد الجبهة المعاديّة للتطبيع والمكونة من 28 حزباً وتكتلاً ومنظمة، أنّ القضيّة لها أبعاد سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، فيما تصر الحكومة السودانيّة على تصورها بأنّها قضيّة قمح ووقود تأخذ منه القليل مقابل بيع القيم السودانيّة، مكررين الدعوة لكل القوى السياسيّة الحرة في السودان أن ترفض الدخول في حظيرة التطبيع الأمريكيّة، لأنه سينصب على السودانيين دكتاتور لا يعترف بالحرية والديمقراطيّة، وفق تعبير القيادي بحزب المؤتمر الشعبيّ طارق بابكر، الذي أشار إلى أنّ السودانيين يقفون مع فلسطين بكامل أراضيها وعاصمتها مدينة القدس، ولا يعترفون بتقسيمها شرقيّة وغربيّة.
ويصف ميثاق جبهة "القوى الشعبيّة لمناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ" التطبيع بأنّه محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج السودان لها رغم أنفه، فيما ينص على أنّ القضية الفلسطينيّة عادلة لشعب احتلت أرضه وانتهكت مقدساته، وأنّ حقوق الشعب الفلسطينيّ ظلت محل إجماع الشعوب الحرة والشرائع الإنسانيّة كافة، إضافة إلى أنّ أن التطبيع مع الكيان الصهيونيّ يحقق نصراً معنوياً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً لشعب مظلوم.
وما ينبغي ذكره، أنّ وزارة الخارجيّة السودانيّة أعلنت الموافقة على تطبيع العلاقات مع الكيان الغاشم في الـ 23 من تشرين الأول الفائت، وأصبح السودان البلد العربيّ الخامس الذي يوافق على تطبيع علاقاته مع تل أبيب، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين، وفي ذات اليوم أبلغ الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، الكونغرس نيته رفع اسم السودان من القائمة الأمريكيّة للدول الراعيّة للإرهاب، والتي أدرج فيها منذ العام 1993، بسبب استضافته وقتها رئيس تنظيم القاعدة الإرهابيّ أسامة بن لادن.
و في ليلة الإعلان المشؤوم عن إعلان اتفاق العار بين تل أبيب والخرطوم، خرج عشرات السودانيين في تظاهرات غاضبة وسط إحدى الشوارع الرئيسة في الخرطوم، احتجاجاً على الخيانة التي ارتكبتها حكومتهم، بتطبيع علاقاتها مع العدو الصهيونيّ، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، مقاطع مصورة بثها ناشطون، وجّه المتظاهرون فيها شعارات منددة بينها "اسمع اسمع يا برهان، لا تطبيع مع الكيان" ، كما رددوا: "لا تفاوض ولا سلام، ولا صلح مع الكيان" ، و "لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين".
زيارة إسرائيليّة
أوضحت مصادر عبريّة وسودانيّة، أنّ وفداً تابعاً لكيان العدو الغاصب سيزور العاصمة السودانيّة الخرطوم لأول مرة، اليوم الأحد، في إطار عملية الاستسلام التي انخرطت بها الحكومة السودانيّة، بعد الضغط على السودان لتطبيع علاقاته مع تل أبيب لرفع العقوبات الأمريكيّة، ونقلت هيئة البث العبريّة عن مصدر صهيونيّ مطلع، أنّ الوفد لن يكون سياسياً بل سيضم موظفين في مجالات مهنية معينة، وأنّ عدد أعضاء الوفد سيكون أقل مما كان في الوفد الذي زار الإمارات في يلول المنصرم.
ومع غياب أيّ تعليق رسميّ من السودان على هذه الزيارة، أشارت مواقع إخباريّة نقلاً عن مصدر في مجلس السيادة السودانيّ أنّ الأخبار المتعلقة بزيارة الوفد الإسرائيلي صحيحة، وستتم بتنسيق كامل بين كل أجهزة الدولة الرسميّة.
خلاصة القول، تُصر الحكومة السودانيّة على معارضة النسق الفكريّ والعقائديّ لشعبها، الشيء الذي يمكن أن يقلب الطاولة على رؤوسهم ويجر البلاد إلى نفق من العنف والتخريب، وخاصة بالتزامن مع الزيارة الصهيونيّة رغم الرفض الشعبيّ القاطع.