الوقت – الخيانة العلنيّة التي تمّ توقيع اتفاقها يوم أمس الثلاثاء بين دويلتي الإمارات والبحرين والكيان الإسرائيلي وبرعاية المُشغل الأكبر أمريكا؛ لم تمر مرور الكرام، بل على العكس كانت لحظة التوقيع إيذاناً بانطلاق مُقاومةٍ جديدة وانتفاضة ثالثاً لن ينجو منها لا الكيان الإسرائيلي ولا أصدقاءه الجديد من آل خليفة وعيال زايد، بل ستشتعل النيران وتأكل تلك العروش التي آثرت الخيانة على مُناصرة الفلسطينيين المظلومين أولاً، وتالياً ستأكل أركان الكيان الإسرائيلي الذي وقّع على شهادة وفاته مع توقيعه على اتفاق التطبيع.
يوم الغضب
مع الإعلان عن هذا التطبيع خرج الشعب الفلسطيني في الضفة الغربيّة وقطاع غزّة ومُخيّمات الشتات إلى الشارع مُنددين بهذا الاتفاق ورافعين للعلم الفلسطيني في جميع المدن الفلسطينية والمخيمات وذلك للتأكيد على معارضة رفع علم الكيان الإسرائيلي في أبو ظبي والمنامة، كما أنّ هذه الاحتجاجات والتي أتت قبل ساعات من مراسم التوقيع على اتفاقيات التطبيع؛ رفع خلالها المُتظاهرون لافتات ترفض أي تطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وتؤكد أنّ الشعب الفلسطيني يعيش الخيانة من قبل بعض العرب وتظهر للعالم أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية لجميع العرب والمسلمين.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "لا للتطبيع مع الاحتلال" و "لن نسمح بدماء شهداءنا بأن تتحول إلى سلعة للتجارة" و "فلسطين ستبقى عربية"، وبدى واضحاً أنّ الفلسطينيون لا يراهنون على الأنظمة العربية التي تتاجر في تطلعات شعوبها والقضيّة الفلسطينية، وأوضحت هذه المسيرات أنّ الرّهان الفلسطيني اليوم بات يُركّزُ على الشعوب العربية والإسلامية والمتحد في إيمانها بأن فلسطين هي قضية مركزية.
مسيرات "يوم الغضب" كما أطلق عليها الفلسطينيون أتت من خلال سعى الفصائل الفلسطينية إلى استعادة الوحدة ضد الكيان الإسرائيلي وإصلاح الانقسام السياسي بعد، حيث تؤكد هذه المسيرات أنّ اتفاق التطبيع وعلى الرّغمِ من أنّه طعنة في الظهر لفلسطين والفلسطينيين، غير أنّه جمع شمل الفلسطينيين من جديد، خصوصاً وأنّ الإمارات ومن خلال ذراعها الفلسطيني "محمد دحلان" استطاعت بث الفرقة بينهم لما يُقارب خمسة عشر عاماً، وبعد أن اتضح الهدف الإماراتي من بث هذه الفرقة وتقوية فصيلٍ على آخر، عاد الفلسطينيون مُجدداً يداً واحدةً ضد الكيان الإسرائيلي، حيث شكّل اتفاق التطبيع هذا خطة عملٍ لاستراتيجية شاملة وموحدة لجميع الفصائل الفلسطينية لمواجهة الكيان الإسرائيلي.
وخلال التوقيع على اتفاقيات التطبيع في البيت الأبيض؛ وفي الوقت الذي انشغل فيه سُكّان الكيان بالابتهاج بالخيانة العربيّة؛ انهالت صواريخ المُقاومة الفلسطينية على مُستوطنات الكيان، حيث ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن 13 شخصاً أصيبوا جراء إطلاق الصاروخ من قطاع غزة باتجاه عسقلان وأشدود في جنوب فلسطين المُحتلة، وأكّدت الصحيفة أن صفارات الإنذار دوّت في مُستوطنات الكيان، كما استقبل مركز أسوتا الطبي في أشدود 13 مُصاباً، من بينهم شخص تراوحت حالته بين المتوسطة والخطيرة، وأربعة مصابين بجروح طفيفة بشظايا وثمانية أشخاص يعانون من الهلع.
لا كرامة لنبي في قومه
لم يُعجب العرب بأن يكون من بينهم مُجاهدين ومناضلين؛ مفضلين الخنوع على مقاومة الكيان الإسرائيلي الذي يحتل أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فهذي هي جامعة الدول العربية، والتي يُفترض منها أنّها أسست لحماية الحقوق العربية؛ رفضت الطلب الفلسطيني بإدانة التطبيع المجاني الذي قامته به دويلة الإمارات، ولم تشعر هذه المُنظمة بأيِّ حرجٍ من هذا الموقف، مع أنّ قرار التطبيع هذا يُعتبر خروجاً على قرارات هذه المنظمة والتي تُعرف بالمبادرة العربية.
أكثر من ذلك؛ فقد باركت كبريات الدول في تلك المنظمة قرار التطبيع بين الإمارات والكيان الإسرائيلي بالطبع مع غض الطرف عن الأذى الذي يُسببه ذلك التطبيع على الفلسطينيين أو الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو الأمر الذي يُعتبر تماشياً مع قرارات التطبيع التي اتخذتها الإمارات والبحرين، حيث بات من الواضح أن قرار التطبيع مع هاتين الدولتين ما كان إلّا بالون اختبار ومُقدمة لقرارات التطبيع الكبرى مع بقيّة الأنظمة العربيّة التي لم تعد ترى في الكيان الإسرائيلي مُهدداً لوجودها كما كان سابقاً.
غير أنّ كلُّ هذا التكالب العربي على القضيّة الفلسطينيّة لن ينجح في تصفيتها، وكلُّ هذا التطبيع لن يُنهي الحلم الفلسطيني، ولنا باتفاقيات أوسلو التي فشلت في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى وطنهم، فإن حملة التطبيع العربية الإسرائيلية الحالية ستفشل أيضًا في حرمانهم من هذا الاستحقاق.
وفي النهاية؛ ينظر بعض الفلسطينيين إلى اتفاق التطبيع على أنّه بُشرى للفلسطينيين فالدول العربية التي تضامنت مع فلسطين طوال 70 عاماً لم تجن منها إلّا الخسارات المُستمرة وكانوا دائماً فال شؤم، حيث خسر الفلسطينيون طوال تلك الفترة أرضٍ أكثر من تلك التي بدأ الكيان بها يوم إعلان قيامه، واليوم وبعد أن انقلبت الآية وأصبح عددٌ من الدويلات العربية مُناصرةً للكيان الإسرائيلي، فلربما يبدأ التحرير منذ هذه اللحظة ويبدأ الكيان بخسارة الأراضي التي احتلّها منذ قيامه.