الوقت- منذ بدء المخطط الغربي الإستعماري الأخير بقيادة أمريكا ضد سوريا والعراق، كان الحديث الأمريكي وأعوانها حول آلية العمل ضمن المهلة الزمنية الأقرب للتحقيق لإسقاط شرعية الشعب السوري والعراقي المتمثّلة بحكومتيهما، ليتّضح فيما بعد لمن خفي عنه مخطط الإستعمار القاضي بتقسيم وتفتيت المنطقة إلى دويلات متناحرة. هذا المخطط برز بوضوح من خلال الحلف الأمريكي الذي إدعى أن أولويّته هي محاربة الجماعات التخريبية التدميرية، ليبيّن الواقع العملاني على الأرض ومجريات الأمور أنّ هذا الحلف أوجد شبه تقسيم ووضع حدوداً بين الحكومات الشعبية والجماعات التدميريّة مستفيداً من سلاح جوه، والعراق أصدق مثال على ذلك، فأمريكا بعد أن وجدت أن القوات الشعبية المساندة للجيش العراقي تتجه نحو طرد الجماعات الإرهابية من المناطق التي سيطرت عليها، وبعد أن تبيّنت قدرتها على ذلك، وأنها تحتاج إلى وقت ليس إلاّ، سارعت أمريكا إلى اعلان حلفها وعملت من خلاله على ضرب أي امكانية متاحة أمام التشكيلات الشعبيّة من الإستمرار في التقدم من جهة، وحالت دون تقدم الجماعات الإرهابية نحو كردستان العراق من جهة أخرى وهو ما أوجد شبه تقسيم مناطقي.
فشل الحلف الأمريكي... حلفٌ جاد بالمرصاد
ما تقدم كان ضرورياً ليبيّن السبب الرئيسي والفعلي وراء اجتماع القوى الجادة والفاعلة في محاربة الجماعات التدميرية، هذه القوى والمتمثّلة بإيران وروسيا والعراق وسوريا وكل التشكيلات المساندة في المنطقة صرّحت عزمها على توحيد الجهود وتنسيق العمل في سبيل المواجهة، فقد أفاد مصدر عسكري دبلوماسي في موسكو السبت الماضي أن روسيا وايران والعراق وسوريا قد قرّرت إنشاء مركز معلوماتي في بغداد يضمّ ممثّلي هيئة أركان جيوش الدول الأربع. هذا المركز يأتي كمقدمة لعمل أوسع تأثيراً وفعالية وهو يأتي بلا شك بعد فشل الحلف الأمريكي بل وتبيّن عدم مصداقيته في القضاء على الجماعات التي ولّدها، بل أن الهدف حمايتها وإكمال الوظيفة التي فشلت الجماعات التدميرية في تحقيقها لوحدها.
حاجة مشتركة ولّدت توجّهاً لإنشاء حلف مشترك
بعد أن تحرّر العراق من القبضة الأمريكية، تبيّن أن التدخل الأمريكي كان لا يزال حاضراً من خلال نفوذه داخل بعض الطبقة العراقية الحاكمة، لكن مجريات الأمور خاصة الأخيرة والسياسة الأمريكية اتجاه تعاطيها مع الاحداث في المنطقة سواء العراق وسوريا ولّدت قناعة لدى كافة الطبقات السياسية العراقية بأنه لا يمكن الركون والإطمئنان لأمريكا وهذا ما دفعها للبحث عن بدائل. على الجانب الآخر فإن ايران وروسيا أثبتتا من خلال سياستهما أنهما حاضرتين للدعم في مجال تطوير العلاقات بين الدول في كافة المجالات بما فيها استتباب الأمن وضرب الفكر التدميري التخريبي، وهذا ما دفع هذه الدول للإتجاه نحو واقع يقضي بضرورة توحيد الجهود ورفع مستوى التنسيق، كما أن انتشار الفكر التخريبي التدميري والذي توجه مؤخراً إلى الدول الغربية زاد من هذه الضرورة والقناعة معاً.
مركز معلوماتي خطوة تتبعها خطوات... نتائج ستعيد البوصلة إلى وجهتها
المركز المعلوماتي وبحسب ما رشح من مصادر فإنه سيعمل على جمع ومعالجة وتحليل معلومات عن الوضع في المناطق التي انتشر فيها تنظيم داعش الإرهابي بل وفي الشرق الأوسط برمّته في السياق الذي يخدم ضرب فكر الجماعات التخريبية، وهذا من شأنه إنشاء حلقة تبادل للمعلومات وتوزيعها بين الجهات ذات الشأن وتسليمها إلى هيئات أركان القوات المسلّحة للدول المشاركة في المركز. هذا المركز وإنطلاقا من جديّته في العمل قد يضم دولاً أخرى مستقبلاً، وهو بلا شك مقدمة لجمع جهود دول المنطقة لمواجهة الجماعات التخريبية والذي قد يرشح عنه لاحقاً آلية عمل تؤدي إلى انشاء مركز للتخطيط العملياتي وإدارة قوات مشتركة بين الدول المشاركة في سبيل محاربة الجماعات التدميرية. كل هذا التعاون لن يكون سبيلاً فقط لضرب الفكر التخريبي التدميري في المنطقة بل سيكون مقدمة لإضعاف التسلط الإستعماري في المنطقة وبداية تشجيعية لبعض الأنظمة الحاكمة ذات الإرتباط مع المخطط الإستعماري الغربي لفك ارتباطها معه.
هذا
الحلف وهذه الآلية من التعاون والإشتراك في العمل لا يمكن الإعتراض عليه، فبنود
الأمم المتحدة تنص على الحق في العمل الجماعي لما يخدم المصالح المشتركة القائمة
على أصول التنسيق الأمني والإشتراك في ضرب مصادر الإخلال فيه، كما أن جميع الدول
بما فيها الحلف الأمريكي تملأ بتصريحاتها الساحة الدولية والسياسية عن ارادتها
بضرب الفكر التخريبي بغض النظر عن الجدية في الإرادة والتصريحات.