الوقت- يُظهر تحرك الحكومة الأرمينية لفتح سفارة في فلسطين المحتلة وإرسال سفير إلى تل أبيب، أنه في السنوات الأخيرة تطورت العلاقات الدبلوماسية بين أرمينيا والکيان الصهيوني بشكل كبير، ودخلت العلاقات بينهما مرحلةً جديدةً، ولا شك أن هذه القضية تتعارض مع المصالح الإقليمية لجمهورية إيران الإسلامية، وكانت هناك احتجاجات كبيرة ضد هذا السلوك الأرمني الذي لا يتماشی مع مبادئ حسن الجوار.
وفي هذا الصدد، عقدت مائدة مستديرة علمية حول "مخاطر تطوير العلاقات بين أرمينيا والکيان الصهيوني" في طهران، بمشاركة عدد من الباحثين ومحاضرة للدكتور "بهرام أمير أحمديان" الأستاذ الجامعي، و"برهان حشمتي" الباحث البارز في قضايا القوقاز.
في هذه المائدة المستديرة؛ أشار الدکتور أمير أحمديان إلى بعض أهداف أرمينيا في تعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني، وقال: إذا أغلقت إيران اليوم حدودها مع أرمينيا، فإن حكومة هذا البلد ستواجه مشاكل خطيرة للغاية.
ووصف هذا الأستاذ الجامعي أرمينيا على أنها دولة ذات تأثير منخفض وفي نفس الوقت ادعاءات کبيرة في الساحة الدولية، وأكد: "تسعى هذه الدولة إلى إعادة تعريف ما يشار إليه بالإمبراطورية الأرمنية في القرن الأول الميلادي، من خلال نشر بعض الخرائط الوهمية المسماة بـ "أرمينيا الكبرى"، ومن خلال المطالبة بالحكومة التي تمتد من البحر إلى البحر(البحر الأسود - البحر الأبيض المتوسط - بحر قزوين)، يسعى الأرمن إلى تحقيق أهداف توسعية واهية، بل إنهم حتی أدرجوا هذه الادعاءات في الكتب التعليمية والخرائط الرسمية لبلدهم، وأظهروا أجزاءً من إيران على أنها جزء من أرمينيا الكبرى، وحتى في كتاب نشره الأرمن في إيران، انعكست نفس هذه الخريطة المزعومة، والتي قد تكون ناجمةً عن الإهمال أو عدم الدقة".
وأضاف الدکتور أمير أحمديان: "لقد أطلق المسؤولون الأرمن مؤخراً ادعاءات حول دورهم المؤثر في طريق الحرير أيضاً، مما يشير إلى أن لديهم أفكاراً خطيرةً في مستقبل المنطقة، ويمكن تقييم العلاقة مع الکيان الصهيوني في هذا الصدد أيضاً، وبالطبع من الطبيعي أنه في حال حدوث أي خطأ عملياتي من قبل أرمينيا، سيكون رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاسمًا، بالإضافة إلى أن الکيان الصهيوني نفسه ليس بحجم جمهورية إيران الإسلامية".
کما أشار الأستاذ أمير أحمديان إلى زيارة كبار المسؤولين الأرمينيين إلی الکيان الصهيوني منذ عام 1994، مما يدل على الرؤية طويلة المدى لدی السلطات الأرمينية في إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع هذا الکيان، کما أنها أبرمت خلال هذه السنوات العديد من الاتفاقيات في المجالات الأكاديمية والجمركية والقنصلية وقضايا أخرى، ومؤخراً تم تعيين سفير أرمينيا لدى الكيان الصهيوني، مما يدل على تطور العلاقات.
وذكر كذلك أن احتلال إقليم "ناغورنو كاراباخ" من قبل أرمينيا مخالف للقواعد والأنظمة الدولية، وقال: "يبلغ عدد سكان أرمينيا حوالي 3 ملايين نسمة، فيما يصل عدد سكان جمهورية أذربيجان إلی 9 ملايين نسمة، ولا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بجمهورية أذربيجان عسكريًا، وإذا لا تمانع روسيا، يمكن لأذربيجان أن تحرر أراضيها المحتلة بسرعة".
وأشار السيد أمير أحمديان إلى الدور غير الفعال لمجموعة "مينسك" في نزاع ناغورنو كاراباخ، وذكّر بأنه ينبغي على الآذريين التفكير في هذه المسألة.
ثم شهدت هذه المائدة المستديرة العلمية، مداخلة "برهان حشمتي" کبير الباحثين في قضايا القوقاز أيضًا، والذي اعتبر خلال کلمته أن الأهداف والدوافع الرئيسية للکيان الصهيوني في إقامة علاقات دبلوماسية مع أرمينيا، هي زيادة النفوذ بالقرب من حدود جمهورية إيران الإسلامية، وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية، والمساعدة في تنفيذ سياسات الولايات المتحدة في منطقة جنوب القوقاز، والتمتع بدعم هذا البلد.
وأضاف: "خلال الأشهر القليلة الماضية، أعلنت أرمينيا تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأرسلت سفيرها إلی تل أبيب، كما أجرى هذا السفير مقابلةً مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأقرّ في تلك المقابلة بأن بعض التصريحات التي أدلى بها الجانب الإيراني لا يمكن أن تؤثر على تطور علاقاتنا. وبالطبع قامت السلطات الإيرانية باحتجاجات شديدة على هذه القضية، حتى أن بعض الطلاب الإيرانيين تجمعوا أمام السفارة الأرمنية، ورددوا شعارات مناهضة للکيان العنصري الصهيوني، وهو ما تناقلته وسائل الإعلام الأرمنية والأذربيجانية على نطاق واسع".
وفي ختام هذه المائدة المستديرة العلمية، تم التأكيد علی أنه: لقد توصل التيار الحاكم الموالي للغرب في أرمينيا إلى نتيجة مفادها أن زيادة العلاقات مع الکيان الصهيوني، يمكن أن تساعد في تأمين مصالحهم وحل مشاكلهم! وبالطبع، فإن بلدان جنوب القوقاز الأخرى(جمهورية أذربيجان وجورجيا) قد تحركت بالفعل في اتجاه تطوير العلاقات مع هذا الکيان بمثل هذه الرؤية، وحاولت خلال السنوات الماضية الاقتراب من الکيان الصهيوني وحتى الاعتماد عليه.
لكن تطور العلاقات والاعتماد على الصهاينة لم يساعدا في حل أي مشكلة، لا في جورجيا ولا في جمهورية أذربيجان. حيث لم تستطع لا جمهورية أذربيجان حل نزاع ناغورنو كاراباخ لصالحها، على الرغم من مشتريات الأسلحة من الکيان الصهيوني على نطاق واسع، ولا تمكنت جورجيا من إجراء أي تغيير بسيط في "أوسيتيا" و"أبخازيا" لصالحها، بالاعتماد على دعم الکيان الصهيوني.
وعلى العكس من ذلك، مع تدخل الکيان الصهيوني في نزاع ناغورنو كاراباخ من خلال مبيعات الأسلحة الضخمة إلى جمهورية أذربيجان، أصبحت أزمة ناغورنو كاراباخ أكثر تعقيدًا، بحيث ليس لدی باكو الآن إمكانية الحل العسكري لأزمة ناغورني كاراباخ، کما لم تبق أرضية لإجراء حوار سياسي مثمر وحقيقي لحل أزمة ناغورني كاراباخ وتحرير الأراضي المحتلة.
الأمر المؤكد هو أن القرار الخاطئ وغير المهني للحكومة الأرمينية، بالإضافة إلى أنه يتعارض بشكل أساسي مع مصالح العالم الإسلامي ومصالح الشعب الفلسطيني المضطهد، ويؤثر سلبًا على استقرار وأمن المنطقة، لا يتماشى مع المصالح الوطنية لأرمينيا على المدى الطويل، ويجعل أرمينيا شريكةً في جرائم الكيان الصهيوني.