الوقت- جرت یوم الأحد 19 تموز الانتخابات البرلمانية التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس الشعب بعد تأجيلها مرتين بسبب الاجراءات المتخذة للحدّ من انتشار فيروس كورونا في سوريا، وبحسب القانون السوري المنظم للانتخابات دخلتْ سوريا مرحلةَ الصمت الانتخابي لمرشحي مجلس الشعب في دورته التشريعية الثالثة.
وتُشكل الانتخابات البرلمانية تحدياً كبيراً لصناع القرار في سوريا، فهي تأتي في ظروف استثنائية نظراً لتفشي فيروس كورونا من جهة وإطباق الخناق على الاقتصاد السوري من خلال قانون "قيصر" من جهة أخرى، يضاف إليها التحديات العسكرية على الأرض، لذلك يعدّ نجاح هذه الانتخابات أمراً مهمّاً للقيادة السورية، حيث يمثّل نجاحاً كبيراً ونصراً ديمقراطيّاً لسوريا، على اعتبار أن جميع دول الخارج تنظر بعين الشماتة لهذه الانتخابات وتريد لها الفشل حتى تفقد الدولة السورية شرعيتها أو يتم انتخاب أعضاء من قبل دول خارجية لتفقد سوريا استقلاليتها وتصبح دولة تابعة بكلّ مؤسساتها الرسميّة.
ومنذ الأمس توقّفت جميع أشكال الدعاية الانتخابية في كلِّ الوسائل الإعلامية والإعلانية استناداً إلى قانونِ الانتخابات العامة التي ستبدأُ في السابعة من صباح الأحد وتنتهي في السابعة مساءً، بحسب ما أعلنتْ اللجنة العليا للانتخابات.
وأضافتْ اللجنةُ أنّ كلّ مواطن سوري على الأراضي السورية أتمَّ الثامنةَ عَشْرةَ من عمره ولم يكنْ محروماً من حقّ الانتخاب أو موقوفاً عنه يحقُ له المشاركةُ في الاقتراع.
وكان رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضي سامر زمريق أوضح في تصريح لسانا أنّه اعتباراً من صباح السبت 18 تموز 2020 لا يحقّ لأيّ مرشّح إجراء أيّ شكل من أشكال الدعاية الانتخابية حيث توقّفت حملاتهم الدعائية في جميع الوسائل الإعلامية والإعلانية وذلك حسب قانون الانتخابات العامة.
وتنصّ المادة 58 من قانون الانتخابات العامة على أن "توقف الدعاية الانتخابية قبل أربع وعشرين ساعة من التاريخ المحدد للانتخاب ولا يجوز لأي شخص أن يقوم بعد توقف الدعاية الانتخابية بنفسه أو بوساطة الغير بتوزيع برامج أو منشورات أو غير ذلك من وسائل الدعاية الانتخابية".
الانتخابات التشريعية هذه تجري في ظروف غير عادية وصعبة على المواطن والدولة السورية على حد سواء. وتم وضع عراقيل كثيرة لتأجيل هذا الاستحقاق الدستوري، وسط اعتراض غربي على إجراء الانتخابات قبل الانتهاء من تعديل الدستور، إلا أن دمشق أكّدت أن المسار الدستوري للبلاد سيسير وفقاً للتواريخ والجداول الموضوعة له.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة سابقة: "نحن دولة نخضع للدستور لا نخضع للتهديدات الغربية ولا نخضع للرغبات الغربية ولا نخضع لأي عامل آخر سوى الدستور، موضّحاً ذلك عدّة مرات ومبيناً سبب تأجيل الاستحقاقات الدستورية الرئاسية أو النيابية".
الانتخابات تأتي في ظلّ تفشي وباء كورونا في العالم ككل وليس في سورية فقط، وهو ما دفع دمشق إلى تشديد إجراءات الوقاية من الوباء خصوصاً في المراكز الانتخابية والتأكيد على ارتداء الناخبين للكمامة ومراعاة الفواصل الاجتماعية بينهم. وتأتي أيضاً بعد أن فرضت أمريكا عقوباتها أحادية الجانب ضدّ سورية وهي إجراءات قيصر، التي استهدفت لقمة عيش المواطن السوري وأثّرت على الوضع الاقتصادي في البلاد.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض ضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد الانتهاء من أزمة فيروس كورونا، خوفًا من تفشي الوباء، فيما يقول البعض إن هناك حاجة ملحّة سياسيّة وعسكريّة لإجراء الانتخابات في ظلّ ما تتعرّض له سوريا.
وبحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، سيخوض انتخابات مجلس الشعب السوري أكثر من 8 آلاف مرشح من 15 دائرة انتخابية في مختلف المحافظات، ويتنافس المرشحون على 250 مقعداً من بينها 65 مقعداً مستقلا.w
البرامج الانتخابية للمرشحين ركّزت على عملية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، وتحسين الوضع الاقتصادي، والاهتمام بقضايا الشباب السوري وأهمّها البطالة.
المحافظات السورية على أتمّ الاستعداد
مع اقتراب الانتخابات التشريعية في سوريا تشهد مدينة حلب شمال البلاد تنافس مئة وتسع وخمسين مرشحاً ومرشحة على عشرين مقعداً برلمانيّاً حيث شهدت مداخل المدينة وشوارعها ازدحاماً كبيراً في صور المرشحين ولافتاتهم التي لخصّت برنامجهم الانتخابي.
وتقول العضوة السابقة والمرشحة لمجلس الشعب، "إنّ قضيتي الأولى هي مـساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على تـطوير القوانين التي تخصّ ذوي الإعاقة وتوظيفهم في القطاعات الحكومية، أيضاً التعريف بواجباتهم وحقوقهم التي يجب أن يحصلوا عليها"، مضيفة، "القضية الثانية التي عملت عليها وسأواصل العمل عليها هي قضية جرحى الجيش ودعم أسر الشهداء وقضية التعليم".
ثلاثمئة وأربعون مركزاً انتخابياً توزّعوا في أنحاء المدينة لتستقبل اليوم الأحد الناخبين ليدلوا بأصواتهم لمرشحيهم الذين قاموا بدورهم بشرح برنامجهم الانتخابي بشكل فردي أو ضمن قوائم حملت العديد من الأسماء.
من جانبه يقول المرشح "فيصل الشلاش"، " الإرهاب دمّر بلدنا، فلـذلك يجب أن نكون يداً واحدة مع الدولة والفلاح والصناعي والمواطن، ونعمل على بناء الوطن والمواطن إن شاء الله".
بدوره يأمل الـمرشح "محمد الجحجاح"، بالوصول إلى قمّة البرلمان (مجلس الشعب) لرفع صوت الجرحى وأهالي الشهداء وكلّ من عانى من هذه الحرب".
ومن جهتها تستعد محافظة الحسكة السورية لإجراء الاستحقاق الدستوري المتمثّل بانتخابات أعضاء مجلس الشعب رغم وضعها الأمني والعسكري المتشابك، من وجود للجيش الأمريكي الذي يدعم مسلّحي تنظيم "قسد"، والجيش التركي الذي يدعم فصائل المعارضة السورية "التركمانيّة" المسلّحة.
ورغم أنّ كلا الجيشين والتنظيمين الخاضعين لهما يسيطرون على مساحة واسعة من جغرافية المحافظة التي تعتبر عاصمة الزراعة السورية، إلا أنّ الدولة السورية عازمة بكلّ ما لديها من إمكانات على إجراء الانتخابات في مواقع سيطرة الجيش العربي السوري في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ويجمع أبناء محافظة الحسكة على أن إجراء انتخابات مجلس الشعب في موعدها المقرّر يعدّ انتصاراً لإرادة الشعب السوري وتأكيداً أن سورية صامدة وتتعافى، فهي اليوم وبعد سنوات من مقارعة الإرهاب بحاجة إلى أبنائها المخلصين القادرين على النهوض بواقعها والتصدي للحرب الاقتصادية وللنهوض بواقعها في مختلف سبل الحياة ولا سيما قطاع الزراعة الذي يحتاج إلى تكامل جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية للنهوض به وإعادة محافظة الحسكة كما كانت، سلّة غذاء سورية للإسهام في التصدّي للحرب الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري.