الوقت- إن اعتراف مقرر الأمم المتحدة بعدم شرعية وإدانة الاغتيال الجبان للواء الحاج قاسم سليماني أظهر مرة أخرى طبيعة إرهاب أمريكا على الساحة الدولية ، الأمر الذي أثار غضب مسؤولي البيت الأبيض.
قدمت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ، "أغنيس كالامار" ، يوم الأربعاء ، تقريرها حول اغتيال اللواء الحاج قاسم سليماني إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف ، قائلة إن اغتيال اللواء سليماني ، قائد فيلق القدس الإيراني ، كان في اطار النزاع المسلح وقد كان أمراً غير مسبوق ، خاصة أنه تم في دولة ذات سيادة مستقلة.
وقال تقرير كالامار: "لا يوجد أي دليل على أن اللواء سليماني كان يخطط لشن هجوم وشيك على المصالح الأمريكية ، وخاصة في العراق ، بحيث ان الأمر كان يتطلب استجابة فورية ومبررة". وقالت كالامارد "انه على الرغم من أن سليماني كان مسؤولا عن استراتيجية إيران العسكرية وأعمالها في العراق وسوريا ، إلا أن العمل العسكري الأمريكي كان " غير قانوني " لأنه لم يكن يشكل أي تهديد لأولئك المرتبطين بأمريكا".
وبينت كالامار خلال تقريرها عن اغتيال اللواء الحاج قاسم سليماني في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف إن نشر الطائرات المسيرة والطائرات من دون طيار عبثياً هو أمر خطير.
وصرحت بالقول: "إن عملية اغتيال اللواء سليماني في مجال النزاع المسلح كانت خطوة غير مسبوقة حيث تم في هذه العملية، استهداف مسؤول حكومي إيراني رفيع المستوى على أراضي دولة ذات سيادة مستقلة".
وقالت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان انه إذا لم نحسن عملية إطلاق الطائرات من دون طيار ، فسوف نقع جميعًا قريبًا ضحية لها ، ويجب أن يعمل مجلس الأمن على وضع معايير لاستخدام أسلحة معينة.
جدير بالذكر انه قبل يومين ، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة عملية اغتيال اللواء سليماني في العراق باستخدام طائرة بدون طيار بناء على أوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، بأنها انتهاك للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، وقالت: إن أمريكا لم تستطع تقديم شواهد وأدلة كافية تبرر هجومها على القافلة التي تحمل اللواء سليماني أثناء مغادرتها مطار بغداد وتثبت أن اللواء كان يخطط لهجوم وشيك أو قطعي على المصالح الأمريكية.
وقالت الخبيرة في شؤون الامم المتحدة هذه في مقابلة مع رويترز "انه في مجال استخدام الطائرات بدون طيار فان العالم الان في منعطف حرج وربما نقطة حرجة ... كما ان مجلس الامن لا يتخذ أي اجراء في هذا الصدد بالإضافة الى ان المجتمع الدولي بقي صامتاً على هذا الامر عامداً أو غير عامد"
وصل الفريق الشهيد قاسم سليماني ، قائد فيلق القدس ، وأبو مهدي المهندس ، نائب قائد منظمة القوات الشعبية العراقية ، مع ثمانية آخرين ، إلى مطار بغداد صباح الجمعة (3 يناير 2020) حيث تم تنفيذ عملية اغتيالهم واستشهادهم بواسطة طائرة بدون طيار تابعة لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) بناء على أوامر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
السخط الأمريكي على مقرر الأمم المتحدة
وصاحب انتشار بضعة أقسام تقرير ممثلة منظمة الأمم المتحدة سخط وغضب المسؤولين في البيت الأبيض وقاموا بالرد والتعليق على هذا التقرير واحداً تلو الاخر.
وكتب جون بولتون ، مستشار الأمن القومي السابق بالبيت الأبيض ، على تويتر يوم الثلاثاء ، بعد عدة ساعات من تصريحات مقرر الأمم المتحدة: "إن الانتقاد الجديد من قبل الأمم المتحدة ، الذي يعتبر فيه ان الهجوم على [اللواء] سليماني غير قانوني ، لا أساس له ، لهذا السبب بالضبط قد خرجنا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، نحن لا نرد على سلطة أعلى في الأمم المتحدة ولسنا بحاجة إلى أي شخص لوعظنا بكيفية تطبيق القانون الأمريكي."
ثم في يوم الأربعاء ، وبعد يوم واحد من نشر تقرير كالامار بأن الإجراء الأمريكي في اغتيال اللواء سليماني كان غير قانوني ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغان أورتيغاس ان هذا التقرير "سيضيء وجه" اللواء سليماني.
وقال إن الحكومة الأمريكية لا تبرر تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة ، أغنيس كالامار ، الذي جاء فيه أن اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني من قبل أمريكا يعدّ انتهاكا للقانون الدولي ، كما وصف هذا العمل الإرهابي بأنه عمل للدفاع عن النفس.
هذا وقد علقت الحكومة الأمريكية الراعية للإرهاب عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة منذ عام 2018 ، وقد تم ذلك الاجراء لدعم جرائم الكيان الصهيوني ولكي لا تُحاسب الولايات المتحدة الامريكية ولا تسأل على جرائمها التي ارتكبتها في أفغانستان والعراق وأجزاء أخرى من العالم.
الشهيد السلیماني لا يزال كابوساً بعد استشهاده
ورد الوفد الإيراني في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على هذا التقرير بالقول إن استشهاد اللواء الشهيد قاسم سليماني هدد الأمن والاستقرار الدوليين وانتهك القانون الدولي "وسيبقى اللواء الشهيد سليماني نهجاً يتبع ولن يوقف استشهاده هذا الطريق."
وأشار "إسماعيل بقائي هامانه" في الجلسة 44 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، ان اغتيال اللواء سليماني عمل غير قانوني وجريمة كبرى عرضت السلام والأمن العالميين للخطر.
وذكر هامانه بان هذا الاجراء لا يعد فقط انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، بل انه أيضًا انتهاك لقانون حقوق الإنسان ، وان تقرير مقرر الأمم المتحدة حول اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني لا يقبل الجدل.
وبناءً على ذلك ، دعا السفير الإيراني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى دق ناقوس الخطر بشأن تعرض أبسط قوانين حقوق الإنسان للخطر ، وسيادة القانون ومبادئ النظام الدولي ، ووصف اللواء سليماني بالمحبوب من قبل الشعب الإيراني والذي يعد اغتياله ، ايذاءً لمشاعر الشعب ، والذي يعد دليلاً آخر على النهج العدائي للولايات المتحدة الامريكية ضد الشعب الإيراني في السنوات الأربعين الماضية.
وختم بالقول إن اللواء سليماني عاش كبطل واستشهد في النهاية مضيفاً "إنه لا يزال كابوسًا بعد قتلته".
انعزال أمريكا والمواقف الداعمة للدول الأخرى
وبينما سعى المسؤولون الأمريكيون إلى حجب تقرير مبعوث الأمم المتحدة لتقليل مصداقيته، أدت المواقف الداعمة للدول الأخرى إلى عزل البيت الأبيض وتأكيد الطبيعة الإرهابية للعمل الإجرامي الأمريكي.
وفي هذا الصدد، أكد "حسام الدين آلا" ، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى في جنيف ، على أن تزايد استخدام أمريكا والكيان الإسرائيلي المحتل وتركيا للطائرات بدون طيار في عدوانهم العسكري المتكرر وإرهابهم الدولي ناتج عن صمت مجلس الأمن ، وعدم قدرته على التعامل مع مثل هذه الأعمال التي تهدد السلام والأمن الدوليين وتنتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وبحسب تقرير وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ، فقد وصف آلا ، في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف ، مبررات هذه الدول لتبرير جرائمها ، سواء باستخدام مصطلح "مكافحة الإرهاب" أو المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، بأنها بدعًا قانونيًا تتعارض مع مبادئ احترام سيادة الدول وحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية.
وفي الوقت نفسه ، قال ممثل العراق لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: "إن اغتيال الشهيد سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس كان انتهاكًا واضحًا لسيادتنا".
واضاف ان هذا العمل يعد عدواناً واضحاً وانتهاكاً سافراً لسيادة العراق.
كما اعتبر الممثل البريطاني في جنيف تصرفات الحكومة الأمريكية خارج إطار القانون وانتهاكا للقانون الدولي.
وبالإضافة إلى ذلك ، اقترح الممثل الفرنسي أن تكون ضربات الطائرات بدون طيار الانتقائية متماشية مع القانون.
وقال الوفد التركي أيضا: "إننا نواجه تحديات أمنية غير مسبوقة ، لكننا نتمسك بالقانون الدولي".
ومن ناحية أخرى ، كتب ميخائيل أوليانوف ، ممثل روسيا في المنظمات الدولية التي تتخذ من فيينا مقراً لها ، ردًا على تغريدة جون بولتون: "هل قتل مسؤول دولة أجنبية على أراضي دولة ثالثة يعد تنفيذاً للدستور الأمريكي؟"