الوقت- لم يكن بنيامين نتنياهو يعتقد أنّ معارضة قرارات ضم مُستوطنات الضفة الغربية ستُواجه من قِبل اليهود أنفسهم، خصوصًا بعد أن خبى الصوت العربي والإسلامي وحتى العالمي في معارضة تلك القرارات التي تُعتبر إحدى أجزاء ما بات يُعرف بصفقة القرن، والتي لقيت معارضة من العالم أجمع (لفترة وجيزة)، بعد أن تجاهلت وعن سابق إصرار وترصد كافة الحقوق الفلسطينية وركّزت فقط على تقديم المزيد من المكاسب لدولة الاحتلال.
نتنياهو يواجه اليهود
آخر ما يواجهه اليوم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو المظاهرات العارمة التي خرجت والأول من نوعها ضد مخطط حكومة الاحتلال القاضي بضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية للسيطرة الإسرائيلية، حيث أكد المُتظاهرون أنّهم ضد عمليات الضم هذه لما يُمكن أن تُشكله من خطر على الأمن والسلام في المنطقة، ومن ناحية أخرى فإن عملية الضم المُقررة في تموز المقبل وكما يقول المُتظاهرون تهدف إلى إلحاق الهزيمة بالفلسطينيين وإعطاء شعور بالنصر لنتنياهو، غير أنّ هذه الشعور زائف، كما هزيمة الفلسطينيين زائفة، وكل ما يتم ترويجه عبر وسائل الإعلام ما هو إلّا تضليل يهدف إعادة رسم صورة رئيس الوزراء القوي خصوصًا بعد تشكيل حكومته مناصفةً مع بيني غانتس، ليكون أوّل قرارت هذه الحكومة العرجاء البدء في طرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، مطلع يوليو/تموز المقبل.
يهود إسرائيل أكثر من يمكنه الحكم على نتنياهو، ولهذا السبب خرجوا مساء أمس ليؤكدوا أنّ خطة نتنياهو غانتس لا تهدف فقط لضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بل هي عبارة عن وضع الزيت بجانب النار ووصفة سحرية لمزيد من العنف والاقتتال الذي يضع الفلسطينيين والإسرائيليين مرة أخرى في مواجهة بعضهم، الأمر سيعود بقضية فلسطين إلى العام 2000 إبّان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مؤكدين أنّ أيّ عملية ضم يجب أن تتم بالتوافق مع الحكومة الفلسطينية، وليس فرضها على الفلسطينيين بالقوة.
على طريق صفقة القرن
يبدو أنّ التطبيق الفعلي لصفقة القرن، وعلى الرغم من الرفض الدولي لها، فإنها ستجد طريقها للتطبيق، وما ضمُّ مُستوطنات الضفة الغربية إلى بداية هذا التطبيق، وبعد الإعلان عن صفقة القرن خرجت الكثير من الأصوات تتحدث حول آلية تطبيق هذه الصفقة مؤكدةً على أهمية أن يكون ضم مستوطنات الضفة الغربية في إطار التنسيق بين ما دولة الاحتلال والولايات المتحدة، من جهة، ومن جهةٍ أخرى التنسيق مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والسعودية، وطالب كثيرون حينها النخبة السياسية في دولة الاحتلال بالتروي، والتريث في تمرير قرارات ضم المستوطنات، وذلك لحين تمكن إدارة ترامب من تجنيد دعم عربي، تحديداً من مصر والسعودية، للخطة وضمن ذلك البند المتعلق بالضم.
من تلك التصريحات يُمكننا أن نستشف أن ترامب تمكن من الحصول على دعمٍ عربيٍّ ما، وهنا يبرز السؤال الأهم، هل تمّ تجنيد الدعم من مصر والسعودية، وهل بدأ التطبيق الفعلي لصفقة القرن التي تتضمن فيما تتضمن ضم مستوطنات الضفة الغربية بدايةً ومن ثمّ التطبيق الكامل لصفقة القرن؟
ليس من المُستبعد أن يكون ترامب قد حشد الدعم المطلوب في محاولةٍ منه لإنقاذ صديقه نتنياهو في محنته التي يمرُّ بها بما يخص الحكومة العرجاء التي شكّلها من بيني غانتس، ويمكن رؤية هذا الحشد من خلال تصريحات صهاينة العرب ابتداءً من السيسي مرورًا بابن سلمان وحمد بن عيسى وانتهاءً بعيال زايد، فجميع ما ذكر حاولوا جاهدين تمرير هذه الصفقة وكانوا أكثر من روّج لها.
في النهاية، وعلى الرغم من كافة الدعم الذي يتلقاه نتنياهو من ترامب أو من صهاينة العرب غير أنّ صفقة القرن لا يمكن أن تمر، ليس فقط لأنها مرفوضة فلسطينيًّا، بل لأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غير قادر على تنفيذها، فهو لا يملك لا القوّة والعدد المناسب لتنفيذ هذه الصفقة والانتشار على كافة الأراضي التي رسمها كوشنر، حيث سيزداد احتكاك قوات الاحتلال مع سكان المناطق الفلسطينية وقوات المقاومة الرافضة لهذه الخطّة، وذلك على طول المحاور الموجودة في تلك الصفقة؛ ناهيك عن الحاجة لحماية المستوطنات المعزولة والموجودة بين أراضي الفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواجه صعوبة في نشر قواته من أجل عملية الدفاع المتواصلة التي سيواجهها على طول المحاور التي رسمتها تلك الخطة بالإضافة للشوارع الطويلة والضيقة التي تربط بين المناطق التي حددتها تلك الخطة.