الوقت- أصبحت أمريكا أكبر مرکز انتشار عالمي لفيروس کورونا بحسب آخر الإحصائيات، حيث وصل عدد المصابين بالفيروس إلى 327 ألف شخص يوم الأحد الماضي، وإجمالي عدد الوفيات إلى 9325.
ووفقًا لجامعة هوبكنز، التي تنشر الإحصاءات العالمية حول عدد مرضى وضحايا کورونا، فإن العدد الإجمالي للمرضى في جميع أنحاء العالم اليوم يزيد عن مليون ومئتي ألف شخص.
تظهر هذه الأرقام أن واحدًا من كل أربعة مصاب بفيروس کورونا في جميع أنحاء العالم يعيش في أمريكا. وعلى الرغم من العديد من التطورات التي شهدها هذا البلد في مجال الطب، إلا أن لديه نقاط ضعف في الصحة والبنية التحتية المطلوبة، بحيث توفي حتی الآن أكثر من 8400 شخص مصاب بفيروس كورونا في أمريكا.
لقد انتشر فيروس کورونا في 50 ولاية أمريکية، لكن الوضع في نيويورك خطير للغاية. وبحسب حاكم الولاية، فقد أصيب أكثر من 114 ألف شخص في الولاية بالكورونا، وتجاوز عدد الوفيات 3500 شخص. وطلب حاكم نيويورك من خريجي كليات الطب في بلاده مساعدة الطاقم الطبي في المستشفيات.
ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، يحذر مسؤولو أمريكا من أن تفشي فيروس کورونا في أمريكا، والارتفاع غير المسبوق في الطلب على السلع الأساسية وكذلك المنتجات الصحية، بما في ذلك الأقنعة والقفازات القابل للتصرف، قد جعل من الصعب على المتاجر المتسلسلة والحكومة الفيدرالية تلبية هذه الاحتياجات.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس أن المتاجر في جميع أنحاء ولاية كاليفورنيا، شهدت زيادةً في الطلب على السلع المرتبطة بالصحة والأغذية وغيرها من المواد التي يحتاجها الناس.
الوضع في أمريكا حرج للغاية، لدرجة أنه في بعض الولايات أجبروا على استخدام أقنعة منتهية الصلاحية لطواقم العلاج في المستشفيات.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس بالأمس أن بعض الولايات والمدن الأمريكية التي تلقت شحنات من الأقنعة والقفازات وأجهزة التنفس وغيرها من المواد اللازمة للتعامل مع کورونا، قد واجهت ظروفًا غير متوقعة، بحيث أن الشحنات التي استلموها كانت منتهية الصلاحية.
وأضافت أسوشيتد برس، أن حوالي 6 آلاف قناع تم إرسالها إلى ولاية ألاباما كانت مهترئةً، ويعود تاريخ انتهاء صلاحيتها إلی عام 2010. كما تعرض أكثر من 150 جهاز تنفس صناعي تم إرسالها إلى لوس أنجلوس إلی الکسر، وتحتاج إلى إصلاح. والأقنعة المرسلة إلى ولاية أوريغون لم تكن مناسبةً للاستخدام من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية، بسبب بعض العيوب.
النقص في أجهزة التنفس الصناعي دفع ترامب إلى تفعيل قانون "الإنتاج في حالة حرب"، وإصدار الأمر إلی شركة "جنرال موتورز" عملاق صناعة السيارات في أمريكا والعالم، بتشغيل خط إنتاج أجهزة التنفس الصناعي في أقرب وقت ممكن.
هذا القانون، الذي تم تمريره في الخمسينيات خلال الحرب الأمريكية الكورية، يخول الرئيس بأن يأمر المصانع الأمريكية بإنتاج الآلات على النحو الذي تتطلبه الحرب، وهذه المصانع رغم أنها غير حكومية ومملوكة للقطاع الخاص، ولکنها ملزمة بتنفيذ أوامر البيت الأبيض.
ولكن على الرغم من هذا التحضير، تشير التقارير إلى أن بعض المعدات والبضائع الطبية التي قدمتها الحكومة إلی الولايات، قد تضررت أو غير قابلة للاستخدام. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم ولاية أوريغون "تشارلز بويل"، إن عدداً من الشحنات التي وصلتنا من الاحتياطيات الاستراتيجية الوطنية کانت منتهية الصلاحية.
وأضاف: "بينما يقال لنا إن العديد من هذه الشحنات المنتهية الصلاحية يمكن استخدامها في علاج فيروس کورونا، ولکن لا يمكن استخدامها في ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ الجراحة". وتعتبر الاحتياطيات الاستراتيجية الوطنية الأمريكية، أكبر مركز لتوريد الأدوية والمعدات الطبية في أوقات الأزمات.
انتقادات واسعة النطاق لمواقف ترامب وإجراءاته
أدى انتشار موجة كورونا في مختلف الولايات الأمريكية هذه الأيام، إلى انتقاد نهج إدارة ترامب تجاه هذا الوباء. ترامب، الذي خشي من الآثار الاقتصادية لانتشار كورونا على الاقتصاد الأمريكي، كان قد قال سابقًا إن خطر انتشار الفيروس في أمريكا منخفض جدًا. وفي عدة تغريدات، اتهم وسائل الإعلام بنشر الخوف والذعر في سوق الأسهم، ومن خلال نفى مزاعم وسائل الإعلام قال إن فيروس کورونا يشبه فيروس الإنفلونزا تمامًا. وقال أيضًا في مواقف أخری إن فيروس کورونا سيزول بعد ارتفاع درجة حرارة الهواء في أبريل، وهو الادعاء الذي رفضه خبراء الصحة.
ولكن الآن، وفي تراجع واضح، حذر ترامب الشعب الأمريكي أمس من أسبوع صعب ينتظرهم، "لأن فيروس کورونا انتشر كثيراً والوفيات في ازدياد." وكان ترامب قد قال سابقًا إنه إذا تمكنوا من إبقاء عدد القتلى في البلاد بين 100 ألف و200 ألف، فهذا يعني أن إدارته قد حققت أداءً جيدًا.
في مواجهة هذه المواقف، اتهمت "نانسي بيلوسي" رئيسة مجلس النواب الأمريكي ترامب في الأسبوع الماضي باستخفاف أزمة الصحة العامة، وقالت "إن إنكار ترامب(الخطر) في البداية كلف حياة آلاف الشعب الأمريكي".
وأشارت السيدة بيلوسي إلى تمرير قانون بقيمة 2 تريليون دولار لمكافحة آثار کورونا، وأضافت: "عندما كان ترامب يوقع على قرار الكونغرس من الحزبين، قال: قبل عشرين يومًا اعتقدنا أن كل شيء كان رائعًا. کلا، لم يكن كل شيء رائعًا ...، في ذلك الوقت كان لدينا حوالي 500 مصاب و 17 حالة وفاة، لأننا لم نكن مستعدين قبل 20 يومًا، والآن لدينا 2000 حالة وفاة و100 ألف إصابة".
کذلك، انتقد "بيرني ساندرز" السناتور من ولاية فيرمونت والمرشح الرئاسي، ترامب أيضًا لعدم اهتمامه بالأشخاص العاديين وتخصيص وقته للاجتماع مع المسؤولين التنفيذيين لشرکات النفط.
وكتب في تغريدة علی تويتر: "بينما ينتظر ملايين الأمريكيين فوائد البطالة التي وُعدوا بها، فإن ترامب يخصص وقته للالتقاء بأكثر الناس إضراراً بالشعب: المدراء التنفيذيون لشركتي إكسون وشيفرون(شركتان نفطيتان أمريكيتان كبيرتان). فإذا كنت مديرًا لشرکة نفطية وأنت بحاجة ماسة للمساعدة، فلا تقلق! الرئيس هنا للمساعدة".
كما انتقد "راسل هانر" وهو من القادة العسكريين الأمريكيين يوم الجمعة، كيفية إدارة توزيع المواد الطبية والصحية في الولايات المتحدة، من قبل "جاريد كوشنر" صهر الرئيس دونالد ترامب.
ووفقًا لصحيفة "ديلي ميل"، هانر الذي لعب دوراً رئيساً في إحياء ولاية "نيو أورلينز" بعد إعصار كاترينا، قال في مقابلة ضد كوشنير: "إنه لا يعرف عماذا يتحدث. إنهم مرتبكون بشأن تحديد الأولويات الأولى".
وکان ترامب قد عين كوشنر رئيساً للاحتياطي الوطني للمعدات الطبية، في مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس المنصرم.
القرصنة البحرية لأمريكا
ولكن إلی جانب القضايا الداخلية لأزمة تفشي کورونا في أمريكا، وبينما تواجه الدول الأخرى النقص في توفير الأدوات الطبية المطلوبة، يقدم مسؤولو البيت الأبيض هذه الأيام ومن أجل توفير المواد الصحية اللازمة، علی خطوة غريبة وهي مصادرة السلع الصحية للبلدان الأخرى.
وفي هذا الصدد، يقول مسؤولون حكوميون محليون في برلين، إنه بأمر من دونالد ترامب إلى شركة "سي إم" وهي شركة مصنعة لأجهزة التنفس الصناعي، فإن 200 ألف قناع طلبته شرطة برلين في بانكوك، توقف قبل التحميل في ألمانيا، وغيَّر طريقه إلى الولايات المتحدة. ووصف مسؤولون في برلين هذه الخطوة بأنها "القرصنة البحرية للعصر الحديث".
وقال أحد كبار المسئولين في حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، "إنهم يدفعون أي ثمن للمنتجات الطبية لأنهم يشعرون بخيبة أمل".
وأضاف "أندرياس جيزيل" وهو وزير الداخلية الألماني في هذا الصدد: الأمريكيون يسيرون في طريق (سرقة السلع الطبية)، ومعهم الكثير من المال.
في غضون ذلك، قدم وزير الصحة البرازيلي شكاوى مماثلة من الولايات المتحدة.
تشابه القرصنة البحرية الحديثة من قبل الأمريكيين مع قراصنة المياه الحرة والمحيطات(الذين اتسموا بصفة الأسطورة منذ وقت طويل)، هو أن القراصنة يستخدمون في الغالب القوارب السريعة والأسلحة الخفيفة والثقيلة لتتبع فريستهم، ويأسرون السفينة من خلال الهجمات المفاجئة، ثم ينهبون ممتلكات السفينة وركابها، لكن أمريكا هذه الأيام وفي خضم تفشي كورونا، ترسل تجارها إلى الدول الآسيوية والأوروبية، ليشتروا شحنات الأقنعة والمعدات الطبية لبلدان أخرى من الطرق السريعة وعند الطائرات،(وفي الواقع يسرقونها)، ويرسلونها إلى واشنطن.