الوقت-اشتدت النزاعات في اليمن على مدار الأيام الماضية بين القوات التابعة لحكومة منصور هادي المخلوعة والمملكة العربية السعودية من جهة وأنصار الله والجيش اليمني من جهة اخرى. وأفادت قناة العربية نيوز وصحيفة الشرق الأوسط عن وجود غارات جوية سعودية مكثفة على منطقة "نهم" على بعد 3 كيلومترات من العاصمة صنعاء. وفي الوقت نفسه، ذُكرت أن الاشتباكات في المناطق الجبلية المحيطة منطقة "نهم" ومدن جوف ومأرب قد صاحبها تقدم لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية وما تلاها من هزائم تلقتها القوات المرتزقة التابعة للسعودية.
لكن أحد أهم الأخبار في ميدان المعركة هو الإعلان عن هجوم صاروخي نفذته قوات أنصار الله على حقل أرامكو النفطي. وجاء في بيان القوات المسلحة اليمنية الذي القاه يوم أمس يحيى سريع، اشارات تفصيلية حول التقدم الذي أحرزه الجيش اليمني واللجان الشعبية ومدى الإصابات التي لحقت بقوات العدو قائلا: ردًا على تصاعد الضربات الجوية للعدو، نفذت الوحدات الصاروخية وقذائف الطائرات بدون طيار عمليات خاصة، مستهدفة شركة أرامكو في مطاري جيزان وأبها، وقاعدة خميس مشيط وأهداف حساسة في عمق المملكة العربية السعودية بالصواريخ وطائرات بدون طيار.
وفي أعقاب الهجوم، أقرت الحكومة السعودية بالضربات الصاروخية على منشآت أرامكو النفطية مع فرض رقابة شديدة على الأخبار المتعلقة بالأضرار المحتملة، مدعية أن أنظمة الدفاع الجوي لديها اسقطت عدة صواريخ كانت تستهدف المنشأة الأسبوع الماضي.
نهاية استراتيجية الانتظار والصبر
ويأتي وضع الحرب الجديد في اليمن، في الوقت الذي نفذت فيه قوات انصار الله في سبتمبر الماضي ضربات صاروخية واسعة اضافة الى ضربات نفذتها طائرات بدون طيار ضد حقول نفط أرامكو الذي يعد ركيزة حيوية للاقتصاد السعودي، مما أوقف الإنتاج وخفض الكثير من صادرات السعودية، وفي هذه الاثناء أعلنت حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء عن وقف إطلاق النار من جانب واحد في خطوة سلمية لإعطاء السعوديين الفرصة للجلوس على طاولة المفاوضات على محمل الجد ووضع حد لعدوانها في اليمن وإراقة الدماء والحصار اللاإنساني. واعتبر الخبراء والسلطات الدولية هذه الخطوة اليمنية، التي حظيت بترحيب دولي، فرصة لخروج الرياض من مستنقع اليمن كما الامارات العربية المتحدة، حليف السعودية الرئيسي في العدوان على اليمن.
ان إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد من جانب اليمن والمفاجأة الي تلقاها السعوديين عندما لم يلبي البيت الابيض مطلب الرياض في التدخل العسكري المباشر في المفاوضات، دفع بن سلمان شخصياً إلى تكليف شقيقه خالد وارساله إلى اليمن لإجراء محادثات في مسقط، عاصمة سلطنة عمان.
لكن مع مرور الوقت وتشخيص ان ليس لدى السعوديين إرادة حقيقية لإنهاء الحصار الشامل على اليمن مقابل وقف إطلاق النار من جانب واحد من قبل صنعاء واستمرار احتجاز سفن المساعدات الإنسانية التي تعتبر أساسية لمجاعة الشعب اليمني والأزمة الإنسانية، اعلنت أنصار الله الآن عن نهاية صبرها الاستراتيجي تجاه خروقات الرياض وذلك من خلال مهاجمة حقول نفط أرامكو.
في الواقع، مع تغير معادلات الردع اليمنية للحرب، فإن فرصة السعوديين لاكتساب المصداقية على طاولة المفاوضات أدت إلى قرار صنعاء بتنفيذ المزيد من الضربات العسكرية ضد القوات المرتزقة الخاضعين للسعودية وإجبارهم على الانسحاب أكثر من السابق كما أجبرت على ضرب منشآت أرامكو النفطية.
دولارات بن سلمان غير المجدية
في أعقاب هجوم سبتمبر على منشأة أرامكو لحقول النفط، وقّعت الرياض على عقد لتحسين نظام الدفاع الجوي باتريوت كجزء من الجهود المبذولة لتعزيز صناعة الدفاع الجوي حيث جلبت معها مليارات الدولارات إلى جيوب صانعي السلاح الأمريكيين. وفي هذا السياق، قام رئيس أركان سلاح الجو السعودي اللواء تركي بن بندر بن عبد العزيز بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة وأثناء زيارته لمعرض دبي للطيران عام 2019 اجرى مفاوضات مع شخصيات عسكرية ومسؤولي تصنيع منظومات الدفاع الجوية من امريكا وفرنسا.
وفيما يتعلق بهذا الامر، قرر ترامب مرارًا إرسال المزيد من القوات إلى المملكة العربية السعودية في عدة مناسبات وذلك لإرضاء السعودية ومنع صعود التيار "المنتمي للعائلة المالكة السعودية" المُطالب بالتفاوض مع طهران، وكذلك لإبقاء حالة الحرب بين السعودية واليمن وايضا لأجل حلب السعودية. وأعلنت واشنطن في شهر أكتوبر عن نشر 3 آلاف جندي جديد في المملكة العربية السعودية، وأعلنت الولايات المتحدة قبل يومين أنها كثفت وجودها في قاعدة الأمير سلطان الجوية في الرياض.
وفي هذه الشروط، فإن الهجوم الصاروخي الجديد لأنصار الله على أرامكو هو أولاً لتذكير السعوديين بأن إنفاق المزيد من دولارات النفط لن يكون قادراً على تأمين المراكز الاقتصادية والعسكرية في المملكة العربية السعودية، وأن صنعاء يمكن أن يكون لها ضربات قاتلة في أي وقت لتحقيق الأهداف المرجوة في أعماق المملكة العربية السعودية.
من ناحية أخرى، يشتمل الهجوم اليمني الجديد على رسالة مهمة إلى بن سلمان مفادها أن نشر القوات الأمريكية لن يؤثر على أهداف صنعاء وأدائها في الحرب وأن استراتيجية صنعاء لن تتأثر بزيادة الوجود العسكري الأمريكي في المملكة العربية السعودية.