الوقت- لم يتنظر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب كثيراً ليبدأ جولاته المكوكية بغية تشكيل الحكومة. وبعد جولاته على رؤساء الحكومات السابقين، أعلن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب أنه قد بدأ الحوار مع الحراك، مشيراً إلى أن "مهلة تشكيل الحكومة ستتراوح بين 4 و 6 اسابيع".
في المقابل، لم ينتظر رئيس الحكومة المستقبل سعد الحريري كثيراً للتصويب على الرئيس المكلّف، فقد أدّت نتائج الاستشارات إلى غضب الحريري الذي عمد إلى استخدام ورقة الشارع، لاسيّما أنه بات اليوم بلا غطاء داخلي، ولا إقليمي ولا دولي. وفي حين يعيش الحريري في وضع لا يحسد عليه سوءاً بسبب خسارته التكليف، أو بسبب موقف القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي، يصر الرئيس المكلّف على السير سريعاً بقطار التأليف، دون أن يغفل أن "لبنان في العناية الفائقة ويحتاج الى كل جهدٍ ممكن من القوى السياسية والحراك الشعبي"
لن تكون مهمّة الوزير دياب بالسهلة أبداً، بل سيكون على موعد من العقبات التي يحتاج للتعامل معها بحنكة ودراية. وبين التكليف والتأليف على اللبنانيين مراقبة القوى السياسية تجاه الترجمة الفعلية لخطابها على الأرض، وهنا نشير إلى التالي:
أولاً: إنّ تكليف الرئيس الطموح والوسطي حسان دياب يشكّل فرصة حقيقية للبنانيين جميعا لإنقاذ ما يمكن. الفرصة الحالية هي فرصة حقيقية لإنقاذ لبنان، وبالتالي من يعمل على عرقلة مسار تشكيل الحكومة، هو يمنع لقمة الناس، ولا يريد حل الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية بل يريد تصفية الحسابات السياسية ولو على حساب الشعب. إن الخطوة الصحيحة اليوم تكمن في تحمّل المسؤولية وانقاذ البلد من الكارثة عبركومة إنقاذية إصلاحية تتبنى مطالب الناس وتعمل على قطع طريق الفتنة واستعادة الثقة من الداخل قبل الخارج.
ثانياً: يبدو واضحاً ان الرئيس المكلّف يسعى لتشكيل حكومة إنقاذ، لا حكومة من لون واحد أو حكومة مواجهة مع أحد، وبالتالي يتوقّع اللبنانيون من جميع الفرقاء السياسيين التعاون معه. على الرئيس المكلف الانطلق من مصلحة لبنان أولاً في كافّة مقاراباته السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة، سواءً في الداخل أو الخارج، لاسيّما أن هناك من يريد العبث بلبنان لأهداف وغايات سياسيّة. هناك من يحاول تأجيج الفتنة في الشارع اليوم، وعلى الحريري ضبط مناصريه. خارجياً، قال المسؤول عن الملف اللبناني في وزارة الداخلية السعودية فهد عبدالله الركف، في حديث تلفزيوني، ان "السعودية لن تتصل برئيس الحكومة المكلف حسان دياب اذا قام بتكليف الحكومة المقبلة، الا اذا حصل على المباركة من دار الافتاء"، مشدداً على ان "حزب الله هو من اوصل بدياب الى التكليف، ونحن بانتظار رضى الشعب اللبناني على موضوع التكليف والتأليف".
ثالثاً: أخطأ الحريري بحقّ نفسه وبحق لبنان واللبنانيين عندما قدّم استقالته. حاول تصفية حساباته مع باسيل، والتماهي مع اجندات خارجية انقلبت عليه. طوال المدّة الماضية استخدم سياسة "أنا أو لا احد غيري"، محاولاً استثمار مطالب الحراك وتقديم نفسه كمنقذ للبلد. اليوم، وبعد ان خسر الحريري رهاناته بالعودة الى رئاسة الحكومة يمارس الخطأ نفسه عبر لعبة الشارع. فكما كان الحريري أبرز الخاسرين من الاستقالة، سيكون أبرز الخاسرين من لعبة الشارع. في حال استمرار الوضع الراهن يتحمّل الحريري مسؤولية الأوضاع الصعبة سواءً لكونه المعرقل أو لكونه رئيس الحكومة المستقيلة.
رابعاً: ينتظر اللبنانيون موقفاً وطنياً مسؤولاً من مختلف القوى السياسية، سواء من خلال إعطاء الفرصة للرئيس المكلف لتشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية، أم من خلال التنازل عن الاهداف الفئوية السياسية لصالح الأهداف الوطنية العليا. الحريري هو المعني الأوّل بهذا الامر، لاسيما أنه قد وافق على دياب فقد كشف الوزير في حكومة تصريف الأعمال محمود قماطي أنّ تسمية حسان دياب لرئاسة الحكومة "جاءت بعد موافقة واضحة وصريحة من الرئيس سعد الحريري وبعد نيل دعمه ووعده بالمساعدة في تسهيل التأليف ومنح الحكومة الثقة".
في الختام، ما يحصل في لبنان تهديد وفرصة على حدّ سواء. وعلى جميع اللبنانيين التعاون للخروج من الأزمة دون أيّ تدخّل خارجي، وأما فيما يخص الرئيس المستقيل سعد الحريري فإن حساباته الخاطئة هي التي أوصلته اليوم إلى هذا الواقع.