الوقت- تداول الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية ليس بالأمر الجديد وقد تم التطرق إليه بكثرة قبل انعقاد قمة تونس في شهر آذار الماضي، وحينها ربط الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي عودة سوريا للجامعة بوجود توافق لدى الدول العربية الأعضاء بقبولها موقف دمشق بشأن التسوية السياسية والعلاقة مع إيران، إلا أن سوريا كانت واضحة حينها بالنسبة لهذا الموضوع واعتبرت العودة إلى الجامعة لن تكون بهذه البساطة، ووفقاً لمزاج الدول التي علّقت عضويتها.
أما بالنسبة لموضوع إيران فقد أجاب عن طبيعة العلاقة مع طهران، القائم بالأعمال السوري في الأردن أيمن علوش، الذي صرّح لوكالة "سبوتنيك" الروسية: إن سوريا لن تضحي بعلاقاتها مع إيران مقابل العودة إلى مقعدها في الجامعة العربية.
وأضاف علوش: "لقد وثّقنا علاقاتنا مع إيران بعد انتصار الثورة بسبب مواقفها المشرّفة تجاه القضية الفلسطينية، وتوثّقت هذه العلاقات مع وقوف إيران مع سوريا خلال الحرب عليها".
وتساءل: "كيف يمكن أن نضحّي بمن وقف مع سوريا والعرب لمصلحة الأنظمة التي تآمرت على سوريا وتذهب إلى إقامة علاقات مع المحتل وتعتبره الصديق الصدوق، في حين تعتبر من يقف ضد هذا المحتل بالعدو".
وتابع: "حتى تستحق الجامعة العربية اسمها، لا بدّ أن تعود لثوابتها في الأمن القومي العربي ومواقفها السابقة تجاه المحتل الصهيوني. وليس المهم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بل استعادة الجامعة دورها في أن تمثّل إرادة شعوبها".
وردّاً على سؤال حول تبادل السفراء بين الأردن وسوريا قريباً، قال: "لا يوجد لدى سوريا ما يمنع تبادل السفراء في أي وقت".
وتابع: "كرّر الجانب السوري بشكل مستمر ترحيب سوريا بمشاركة الأردن في إعادة الإعمار، فخير الأردن هو خير سوريا، والأردن كما فلسطين ولبنان امتداد للجغرافيا والثقافة الواحدة التي اعتدى عليها المحتلّ بسايكس بيكو ووعد بلفور".
لماذا لن تعود سوريا إلى الجامعة إلا ضمن الشروط والظروف التي تحدث عنها القائم بالأعمال السوري في الأردن وبقية المسؤولين السوريين؟.
أولاً: يجب ألا ننكر بأن لبعض الدول العربية مواقف مشرّفة تجاه سوريا، لاسيما لبنان والعراق، وجميعنا يذكر كلام وزير الخارجية العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري بالنسبة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ودفاعه عن عودتها ومطالبته بتجميد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، ولكن بقية الأعضاء لا يشاطرون الدكتور جعفري عودة سوريا، والأمين العام أحمد أبو الغيط رأى حينها أن الوقت غير مناسب.
لا نعلم ماذا كان يقصد أبو الغيط بأن الوقت غير مناسب، هل ينتظر السادة الأعضاء من سيكون المنتصر في الحرب السورية وعلى هذا الأساس يقبلون أو يرفضون، ولكن وبما أن الكفّة راجحة لمصلحة الحكومة السورية التي قاتلت الإرهاب بمساعدة إيران وروسيا لن تعود بهذه البساطة حتى لو شرّع لها ابو الغيط الابواب، لن تغفر سوريا بكل بساطة للدول التي دعمت الإرهاب وساهمت في تدمير حياة السوريين.
ثانياً: سوريا ستفكّر كثيراً قبل العودة الى الجامعة العربية، لأنها ستطرح على نفسها اسئلة كثيرة قبل الإقدام على هذه الخطوة من قبيل، ما هي الأهداف المشتركة التي ستجمعها مع بقية الأعضاء، هل يمكن أن تشارك سوريا تلك الدول التي شاركت في "ورشة البحرين" وتآمرت على الشعب الفلسطيني، وأدارت ظهرها إلى قضايا الأمة.
ثالثاً: هل إيران هي من تهرول للتطبيع مع "إسرائيل"؟ أم بعض الأنظمة العربية التي تلهث لتنفيذ كل ما يطلبه منها السيد دونالد ترامب، وهي من يقطع تمويل المنظمات الفلسطينية وتساهم في تصفية القضية الفلسطينية، هل ستعود سوريا إلى الجامعة العربية، لتشهد ذبح القضية الفلسطينية، سوريا لن تفعل ذلك، وستبقى على نهج المقاومة الذي دفعت ضريبة الانتماء إليه والإيمان فيه على مدى الـ8 سنوات الماضية.
رابعاً: هذه الجامعة كانت سبباً رئيساً لما يجري في لبنان وسوريا وفلسطين والسودان واليمن، كيف يمكن أن تكون سوريا شريكة في زعزعة استقرار أشقائها العرب، وكيف يمكن لسوريا أن تنسى اجتماع الوزراء العرب لمعاقبة الإعلام السوري، بينما رأينا قبل يومين الإعلاميين الإسرائيليين يسرحون ويمرحون ويرفعون جوازات سفرهم الإسرائيلية أمام عدسات الكاميرات في البحرين، هل هذه هي الجامعة التي ستعود إليها سوريا؟.
سوريا تجاوزت الظلم والإرهاب وتقترب من إعلان نصرها على كل من ساهم في خرابها، وبالتالي المنتصر هو من يقول كلمته، وكلمة سوريا ستكون ثقيلة على أعضاء الجامعة العربية لأنها ستحمل في ثناياها آلام الشعب السوري وقصص تهجيرهم وإغلاق الأبواب في وجههم من قبل بعض الدول العربية وطرد المهاجرين السوريين من دول عربية فقط لأنهم يحملون الجنسية السورية.
ضمن هذه المعمعة كانت إيران ترسل مئات الشحنات المحملة بالنفط والأدوية ووووو....لتخفيف معاناة السوريين في أوقاتهم العصيبة، لماذا لم يفعلها العرب عندما فعلتها إيران؟، لماذا لم تستقبل الدول الخليجية طلاب العلم والمتفوقين من الجامعات السورية لإكمال دراستهم، بينما كانت إيران تستقبل المئات منهم، ضمن ظرفها الاقتصادي الصعب؟.