الوقت- على وقع بدء محادثات الليكود وسائر الأحزاب المرشحة للانضمام إلى الائتلاف الحكومي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل أفيغدور ليبرمان جملة من الشروط على نتنياهو.
لم تخرج شروط ليبرمان عن شخصيته المتطرّفة، فقد نقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، عن المفاوض لحزب إسرائيل بيتنا، عضو الكنيست عوديد فورير، أن ليبرمان لن يعود إلى حكومة تقرر التوصل لتسوية مع حماس، بل إلى حكومة تسعى إلى تحقيق النصر عليها.
كذلك لم يكتفِ ليبرمان بوزارة الدفاع التي تسلّمها إثر استقالة موشيه يعالون، بل طالب أيضاً بالحصول على وزارة الداخلية.
ليبرمان الفاشي!
في الحقيقة، يتماهى ليبرمان إلى حدّ كبير مع العقلية الصهيونية التي تدعو على تهجير الفلسطينيين من أرضهم وقتل ما يمكن قتله منهم، فقد وصل به الأمر في العام 2006 إلى المطالبة بقتل كل عضو عربي في الكنيست وتهجير من لا يعترف بـ "إسرائيل" دولة يهودية صهيونية.
كذلك، قد أصدر ليبرمان قراراً بفرض عقوبات على عائلة الأسيرة الطفلة عهد باسم التميمي التي تحوّلت لأيقونة الانتفاضة الفلسطينية، مطالباً بـ "التعامل بقسوة وشدة مع عهد التميمي وعائلتها، ويجب أن تبقى بالسجن هي ووالدتها".
من يعرف ليبرمان وطموحاته يدرك جيّداً أنه يطمح لقيادة اليمين ورئاسة الوزراء في "إسرائيل"، فالرجل الذي بدأ مسيرته السياسية كمدير عام لمكتب رئيس الوزراء خلال ولاية نتنياهو الأولى عام 1996، يُعتبر من الزعماء الأكثر عنصرية وتطرفاً في الكيان الإسرائيلي، إلا أنّه في الوقت عينه أكثر الزعماء الإسرائيليين براغماتيّة، هذه البراغماتيّة التي جعلت منه رجلاً عسكرياً في الدفاع ودبلوماسيّاً - إلى حدّ ما - في الخارجية، ولعلّ هذا ما يفسّر الواقعية الأكبر التي أظهرها خلال توليه حقبة الخارجية حينما أشار علناً إلى أنه لا بدّ لـ "إسرائيل" من إطلاق أفكار السلام الخاصة بها وإلا فسيتخذ الآخرون المبادرات الخاصة بهم.
لكن ليبرمان ذاته الذي نطق بهذا الكلام لغايات سياسيّة استقال من منصبه كوزير للخارجية، احتجاجاً على ما اعتبره فشلاً من جانب نتنياهو في "محو حماس" في غزة وبناء المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية، وهو الأمر ذاته الذي استقال بسببه عندما كان وزيراً للدفاع.
لا يعدّ ليبرمان متطرّفاً في نظر العرب فحسب، بل في نظر الإسرائيليين أنفسهم، فقد حذّر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود باراك من تعزيز النزعة الفاشيّة في حكومة نتنياهو مع تولي ليبرمان حقبة وزير الحرب.
وفي حين اعتبر المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هرئيل تعيين ليبرمان على رأس الجهاز العسكري يُشبه تماماً الشكل الذي يُنظر به إلى فوز دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة من قبل الحزب الجمهوري في أمريكا"، انتقد النائب الليكودي بيني بيغن بشدة فكرة تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع، فقال إنه تنطوي على عدم المسؤولية وإنه "أمر جنوني".
عوداً على بدء، وبانتظار الائتلاف الحكومي الذي سيشكّله نتنياهو، تجدر الإشارة إلى أنّه لطالما أكّدنا على هذه الزاوية أن لا حرب مفتوحة سواء مع حماس أم مع حزب الله قبل الإعلان عن صفقة القرن، وفي حين نجحت هذه الصفقة، سيسعى الكيان الإسرائيلي وبالتعاون مع الأنظمة العربية المطبّعة إلى تصفية حركات المقاومة من الداخل.
هنا نشير إلى كلام ليبرمان نفسه قبيل أشهر من استقالته في مقابلته مع القناة الإسرائيلية الـ 12، وفي حين سرد حينها جمعاً من الوقائع على الأرض وإلى منع أي تحرّك ضد حركة المقاومة حماس، قال ليبرمان حينها: إنّ "تل أبيب تسعى إلى شقّ الصف داخل غزة وإبعاد أهالي القطاع عن حماس ليتحرّكوا لإسقاط سلطتها، وهو يشكّل هدفاً أساسياً لنا".
في المقابل، في حين فشلت صفقة القرن، كما هو متوقّع، ستكون الحرب أبرز الخيارات المطروحة على الطاولة، وعند الحديث عن خيار الحرب في ظل وجود ليبرمان في حقبة الدفاع، فهذا يعني التعجيل في هذه الحرب، الرجل الذي لم يدّخر جهداً في إطلاق تصريحات ناريّة ضد العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً منذ توليه منصب وزير الدفاع الإسرائيلي في أيار 2016.
قد يتساءل البعض لماذا لم تحصل أي حرب في حقبة ليبرمان السابقة والتي امتدّت لعامين ونصف تقريباً، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى جملة من الأمور التي حالت دون شنّ حرب.
الأول يرتبط برئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت الذي تجنّب الحرب المفتوحة لغايات سياسيّة، وقدد هدّد في إحدى المرّات بالاستقالة، كذلك، إن خلاف نتنياهو مع ليبرمان حول حماس قد تسبب في استقالة الأخير الذي كان يريد شنّ حرب قبيل الانتخابات، وهذا ما رفضه نتنياهو لغايات السياسية، كذلك، إن وصول ترامب إلى البيت الأبيض ومحاولته إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي عبر صفقة القرن يحول دون أي تحرّك إسرائيلي كون الأمر يحتاج إلى ضوء أخضر أمريكي وهذا ما يرفضه صهر الرئيس الأمريكي برنارد كوشنير الذي يعمل لتعزيز أوراقه في واشنطن عبر "صفقة القرن".
لكن الأمر بالطبع سيكون مختلفاً تماماً في مرحلة ما بعد صفقة القرن، وبالتالي إن تعيين ليبرمان في حقبة الدفاع مجدّداً، يحتّم على حركات المقاومة الاستعداد أكثر فأكثر، فالحرب ستبدأ عند أوّل نكسة لصفقة القرن.