الوقت- تعتبر جمهورية الشيشان من أكثر الدول تقارباً مع السعودية في القوقاز الروسي، حيث قدّم الرئيس السابق أحمد قديروف والد الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قديروف والمفتي السابق للجمهورية الشيشانية في يونيو 2004، أي بعد شهرين فقط من استلامه للمنصب، مقترحاً لتصبح الشيشان سلسلة الوصل في العلاقات الروسية السعودية.
لذلك تأتي الزيارة الأخيرة للرئيس الشيشاني رمضان أحمد قديروف قبل أيام إلى الرياض في ظل العديد من التطورات الإقليمية، لاسيّما الحرب السعودية على اليمن، اذ يعتبر قديروف من الشخصيات المقرّبة من النظام السعودي، حيث نال شرف أول رجل من رجال الدول الأجانب للمشاركة مرتين في غسل الكعبة في العام 2010، فضلاً عن كونه ضيفاً مرحباً به من قبل العديد من العائلات الملكية، حيث اجتمع مع الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في السعودية والعديد من المسؤولين في الشرق الأوسط.
لقاءات قديروف التي اقتصرت على الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد ووزير الدفاع بحضور رئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان، والعديد من الوزراء تدفعنا للتساؤل عن أسباب الزيارة؟ فهل اقتصرت الزيارة على العمرة التي يؤديها أي زائر مسلم إلى الرياض؟ أم أن لقاء بن سلمان، رأس الحربة السعودي في العدوان على اليمن، يهدف لإنقاذ بلاده من المستنقع اليمني؟
تساؤلات وإستفسارات
لم تنجح السعودية في توريط أي طرف إقليمي بالعدوان البري على اليمن، حيث تدرك سلطات الرياض أن أي هجوم بري للجيش السعودي دون مؤازرة خارجية، يعني الدخول في الربع ساعة الأخيرة من عمر النظام، لذلك عملت منذ البداية على إستجداء الأطراف الإقليمية التي رفضت الدخول في معركة مكلفة مقابل "البترودولار". وقد وضع الرفض الباكستاني والمصري الحرب السعودية في نفق المجهول فلم تستطع تحقيق أي إنتصار عسكري رغم مرور أكثر من 120 يوماً على العدوان. فالسعودية التي تدرك أن الخروج من المستنقع اليمني لن يكون إلا بالدعم العسكري الخارجي، تقدمت بطلب من حركة حماس خلال زيارة خالد مشعل إلى الرياض، لتأمين 700 مقاتل فلسطيني للمشاركة في العدوان على اليمن مقابل 20 مليون دولار شهرياً، إلا أن الحركة رفضت الطلب متذرعة بالفراغ الأمني في القطاع، حسبما تناقلت بعض وسائل الإعلام.
لا ريب في أن السعودية تبحث عن أي طريقة لضرب اللجان الشعبية والجيش اليمني والحد من إنتصاراتهم العسكرية، وبالتالي تحقيق أهداف العدوان على اليمن، فهل قدّم بن سلمان طلباً إلى الرئيس الشيشاني، لتأمين مقاتلين شيشانيين للمشاركة في العدوان على اليمن، مقابل الدعم المالي والإستثمار في هذا البلد، خاصةً أن قديروف قد قام في نوفمبر 2013 بجولة إلى الإمارات والأردن والبحرين والسعودية بغية "اجتذاب رؤوس الأموال لاستثمارها في مشاريع جديدة"، فهل وجد الطرفان في الآخر ضالته المنشودة؟
تستطيع السعودية التي فاقت تكلفة حربها الحالية على اليمن عشرات المليارات من الدولارات دون جدوى، تأمين الدعم الإقتصادي للشيشان مقابل حصولها على دعم عسكري ينهي حربها على اليمن. في المقابل يؤمن قديروف المئات من المقاتلين المدربين، وأصحاب التجربة في الحروب غير النظامية لا سيّما في سوريا، إذ نقلت صحيفة الشروق التونسية دراسات عن مؤسسات إحصائية غربية كشفت خلالها عدد الأجانب الذين يقاتلون في سوريا. وقد أوضحت الدراسة التي حملت عنوان "المقاتلون الأجانب في سوريا وجنسياتهم"، أن الشيشانيين المسلحين هم الأكثر عددا في سوريا ويبلغون نحو 14 ألفا تمت تصفية 3671 منهم، وهناك 1397 مفقودًا . كما أوردت صحيفة "وورلد تربيون" الأمريكية على لسان محللين غربيين، أن السعودية سهّلت تجنيد أكثر من ألف مقاتل إسلامي من منطقة الحكم الذاتي للشيشان في روسيا للقتال في سوريا . وقد قال المحللون الغربيون بناء على ما نشرته الصحيفة حينها، "إن الشيشان عززت وجودها بشكل كبير في سوريا، منذ أن تولت السعودية مسؤولية الحرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أواخر عام 2013".
يبدو أنه من الصعب حالياً الحكم على تفاصيل الزيارة التي لم يخرج منها إلى الإعلام سوى "بحث الأمور ذات الإهتمام المشترك"، إلا أن تجربة الرياض تؤكد سعيها للإستفادة من الخبرات الشيشانية لتأمين مصالحها في سوريا، فكيف اذا ما كانت الحرب على الحدود السعودية؟
قد لا يستطيع الرئيس الشيشاني أن يقوم بتلبية المطلب السعودي بشكل مباشر، أو عبر المؤسسات الحكومية لبلاده دون إستشارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كون الأولى تعتبر من الدول التابعة لروسيا الإتحادية في القوفاز، فلا ندري هل نسّق قديروف مسبقاً مع بوتين في الزيارة الأخيرة أم لا؟ على أي حال، من المبكر الإجابة على كافة التساؤلات، لذلك لنتريث ونراقب المشهد اليمني، وعيوننا شاخصة على السعودية تارةً والقوقاز الروسي أخرى لمعرفة الإجابة على هذه التساؤلات والإستفسارات.