الوقت- كتب "برد دبليو" في تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: إن تركيا لا تزال حليفة لأمريكا في حلف الناتو، وهناك احتمالات ضئيلة بأن يتم قبولها كعضوة في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات القليلة القادمة وهنا يمكن القول بأن الوضع الحالي والحقيقي الذي تعيش فيه تركيا معقد جداً وعلى الرغم من أن أمريكا وتركيا عضوتان في العديد من المنظمات الدولية مثل منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلا أن ما تختلفان عليه أكثر مما تتفقان عليه ولا توجد أيضاً إمكانية حقيقية بأن تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب ومع ذلك، فإن الأهمية الجغرافية لتركيا في الماضي شكّلت حزمة من الضغوط على أمريكا وكانت الحكومة التركية تستغل هذا الوضع لكسب الكثير من الدعم المالي من صندوق النقد الدولي لتعزيز احتياطاتها المالية.
ولفت "دبليو" إلى أن العديد من المصادر تشير إلى أن الحكومة التركية لا تعاني في وقتنا الحالي من الكثير من الديون، وأن معظم ديون وزارة الخزانة التركية ليست بالدولار أو اليورو وإنما هي بالليرة التركية، كما أن تركيا ليس لديها احتياطيات كافية من العملات الأجنبية وديون بنوكها الخارجية هي ديون قصيرة الأجل وبطبيعة الحال، فإن الرئيس "أردوغان" لا يريد اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن قضية اللجوء إلى الدعم الأمريكي لإنقاذ الليرة التركية ما هي إلا قضية نظرية والقضية الأهم والأكثر إثارة في الوقت الحالي، هي هل ستتمكن تركيا من خلق تحالف جغرافي استراتيجي قوي يساعدها على إجراء تغيير اقتصادي حقيقي من دون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وتعتمد الإجابة على هذا السؤال على حجم الأموال التي تحتاجها تركيا، وعلى مستوى حجم المخاطر التي يرغب أصدقاء تركيا تحملها.
وفيما يخص السؤال القائل، هل تستطيع روسيا أو قطر تقديم المساعدة لتركيا؟
أعرب "دبليو" بأن روسيا تملك 450 مليار دولار كعملة احتياطية وهذا المبلغ أكثر بحوالي 75 مليار دولار من احتياطي العملة في فترة ما بعد فرض العقوبات الاقتصادية عليه ولقد عملت موسكو خلال السنوات الماضية على رفع احتياطي النقد الأجنبي في بنوكها وتبلغ الميزانية العامة للبلاد أكثر من 75 مليار دولار في عام 2018 ولكن روسيا إذا منحت تركيا 100 مليار دولار على شكل قروض، فإنها سوف تتضرر كثيراً وسينخفض مخزون العملة الأجنبية لديها إلى أقل من 350 مليار دولار، ولفت "دبليو" إلى أن العديد من المصادر الاقتصادية ترى بأن روسيا قد تكون قادرة على تقديم حزمة بقيمة 50 مليار دولار لتركيا، وذلك من أجل الحفاظ على مستوى مناسب وغير مقلق من احتياطي العملة الأجنبية لديها وأما قطر فيرى "دبليو"، بأنها دولة غنية حقاً ولديها كمية كبيرة من الغاز والنفط بالنظر إلى عدد سكانها ولقد وعدت هذه الدول الصغيرة تقديم 15 مليار دولار لتركيا لتطوير بنيتها التحتية في كل المجالات ولكن تركيا في الوقت الحالي محتاجة جداً للأموال وليس لتطوير بنتيها التحتية، ولهذا فإن العديد من الخبراء يرجحون بأن روسيا وقطر لن تستطيعا تقديم أكثر من 50 مليار دولار لإنقاذ تركيا من الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها ويرون بأن هذا المبلغ المالي قد يساعد الحكومة التركية على تغطية نفقاتها الداخلية وإنقاذ بنوكها الحكومية والخاصة من الإفلاس وهنا يتبادر إلى الاذهان السؤال التالي، ما هي الأزمة المالية التي تعاني منها تركيا؟
وللإجابة على هذا السؤال يعتقد "دبليو" بأنه وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزي التركي، فإن تركيا لديها ديون خارجية بقيمة 180 مليار دولار وغالباً ما تكون هذه الديون بالعملة الأجنبية وفي الوقت الحاضر، تبلغ قيمة احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي التركي أكثر من 75 مليار دولار، وقد تمتلك البنوك الأخرى 25 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية من دون الوضع في الاعتبار احتياطيات تركيا من الذهب، وبجمع كل هذه الأموال، فإنها ستكون أقل بكثير من الديون الخارجية التي يجب على أنقرة دفعها خلال الفترة القادمة.

مخطط ديون تركيا الخارجية قصيرة الأجل في مقابل سيولة الاحتياطيات من النقد الأجنبي والمساعدات المحتملة (يونيو 2018 - مليار دولار)
وهنا يقول "دبليو" بأن البنوك التركية لديها حوالي 160 مليار دولار من الودائع بالعملة المحلية وتحتاج تركيا إلى 300 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية لتُبقي هيكلها المالي في وضع آمن.

يبين الرسم البياني أعلاه الديون الخارجية قصيرة الأجل وودائع السكان المقيمين في تركيا بالعملة الأجنبية مقابل سيولة الاحتياطيات من النقد الأجنبي ( يونيو 2018 – مليار دولار)

يوضح الرسم البياني أعلاه الديون الخارجية قصيرة الأجل (البنوك والحكومة) مقابل سيولة الاحتياطيات من النقد الأجنبي
وهنا يقول "دبليو"، يمكن القول بأنه ليس من الواضح، أن برنامج المنحة الروسية القطرية سيطمئن العديد من الدائنين الأجانب الذين يطالبون تركيا بالكثير من الأموال وبالإضافة إلى ذلك، يشير هذا الأمر إلى أن تركيا مصممة على الوقوف بثبات، وعدم اللجوء إلى أكبر مصادر التمويل في المنطقة وهنا تجدر الإشارة إلى أن قطر وروسيا ليس لديهما خبرة في توفير الموارد المالية الطارئة وهذا يعني أن هذا العمل سيكون محفوفاً بالمخاطر لكل من روسيا وقطر ولهذا فإني أشك بأن روسيا ستحاول قيادة صفقة الإنقاذ المالي لتركيا، لكنني لن أتفاجأ بأن الرئيس "بوتين" قام بتوجيه العديد من الأسئلة لرؤساء البنوك الروسية، حول ما الذي تحتاجه تركيا، وذلك لأن تركيا تعتبر جائزة جيوسياسية ضخمة ومهمة ولهذا فإنني اعتقد بأن تركيا تحتاج إلى الجمع بين الدعم الأوروبي ودعم صندوق النقد الدولي.

يبيّن الرسم البياني أعلاه حاجة تركيا المالية من العملة الأجنبية وتظهر بيانات البنك المركزي التركي أن لديها 20 مليار دولار من الديون بالليرة التركية.