الوقت - هز العاصمة المصرية القاهرة صباح السبت الماضي انفجارا أمام القنصلية الإيطالية بواسطة سيارة مفخخة والتي ذهب ضحيتها عدد من القتلى والجرحى، لتنتشر على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي التابعة لجماعة داعش التكفيرية والموالية له مسؤلية الجماعة عن ذلك. يأتي ذلك بعد أن سبق وتوعدت جماعة داعش في بيان أصدرته في إبريل الماضي، بأن القاهرة ستكون من ضمن العواصم المستهدفة له، وعلى الرغم من أن مصر شهدت في الآونة الأخيرة تزايدا في الهجمات التي تشنها جماعات التكفير، إلا أن الهجوم على مقر القنصلية الإيطالية هو الأول من نوعه الذي يستهدف أحد مقار البعثات الأجنبية في مصر منذ عدة سنوات خلت، هذا التفجير يختزن في طياته مجموعة من الأسئلة حول مدى تغلغل التنظيم داخل مصر؟ والأهداف الكامنة وراء هكذا نوع من الأعمال الإرهابية التي يقوم بها التنظيم؟
ركزت جماعة داعش خلال العامين الماضيين على إستهداف قوات الجيش المصري والشرطة في سيناء وهو ما عد تحديا كبيرا وجديدا واجه مصر، وقد تكاتفت الجهود وعملت وحدات الجيش المصري على رسم خطط في سبيل التصدي لمشروع جماعات داعش ليأتي، تفجير الجماعة داخل العاصمة المصرية القاهرة وبعبوة زنتها 450 كيلو غرام كاشفا عن مدى تغلغل التنظيم داخل مصر والقدرات التي يتمتع بها وحجم الدعم المخابراتي واللوجستي الذي يملكه.
استهداف للعلاقات المصرية الخارجية، واستياء للتعاون الليبي الإيطالي في ليبيا
تتمتع مصر بعلاقات دبلوماسية مميزة مع كل من دولة فرنسا وايطاليا والتي ترجمت على مدى الأعوام الماضية بتعاون وتنسيق فيما بينهم في مجمل من القضايا والمواضيع، ليأتي التفجير الذي تبنته داعش كخطوة منها في سبيل إرباك هذه العلاقات وإحداث خلل فيها، وعليه وفي السياق الذي تنتهجه جماعات التكفير في عملها ومخططاتها، ليس بعيدا أن تشهد الأيام القليلة القادمة مزيدا من هذه الأعمال التخريبية التي تصب في الخانة والهدف نفسه. هذا بالإضافة إلا استياء جماعات التكفير وعلى رأسها داعش من التعاون بين كل من مصر وايطاليا وفرنسا في ليبيا بمواجهة التنظيم هناك، ليأتي هذا العمل كرسالة واضحة إلى الطرفيين المصري من جهة والليبي والفرنسي من جهة أخرى.
ضرب السياحة المصرية، وعمليات الذئب المنفرد، وتقليب الرأي العام المصري
واحدة من أهم المسائل التي تعمل عليها جماعات التكفير في مصر ترتكز على تكثيف أعمالها الإرهابية مهما كان نوعها، يأتي ذلك ضمن مخطط بضرب السياحة المصرية التي تعد موردا أساسيا للخزينة المصرية، ولذلك هي تضرب في سيناء حينا وفي القاهرة حينا اخر، وقد لجأت منذ فترة إلى ما أسمته عمليات الذئب المنفرد بإعطاء الإجازة لعناصرها هناك الضرب داخل مصر كيفما شاءت واينما كان من دون الرجوع إلى قيادتها في تنسيق الأهداف والتوقيت، وهو في مدلول أخر يشير إلى هدف توسيع رقعة التخريب في مصر كيفما شاء وأينما كان، فالكم هو الأولوية وليس النوع، وكانت الجماعات في وقت سابق قد صرحت علانية أن دولة مصر هي ضمن الرقعة الجغرافية التي تقع ضمن مخططها التخريبي. إلى ذلك وضمن سلسلة الأعمال لجأت الجماعات إلى ضرب شبكات أمداد الكهرباء في مصر والتي كان لها تأثير واضح حيث انقطعت الكهرباء في سبع محافظات مصرية، وبالتالي فإن التنظيم يستفيد من هذه الأعمال بتقليب الرأي العام المصري على حكومته.
مخطط فتنة وحرب أهلية
إذن مخطط جماعات التكفير وعلى رأسها داعش في مصر مرتكز على ضرب العلاقات المصرية الخارجية وبالتحديد مع الدول التي تتمتع بتنسيق متبادل معها من جهة، ومن جهة أخرى تلجأ إلى إحداث فلتان أمني وإيصال المواطن المصري إلى حالة الارضا عن واقع بلده حيث الكهرباء تشهد إنقطاع، والخدمات الأساسية والضرورية تشهد إختلال، وعليه تعول في ذلك على المستقبل في إحداث فتنة داخلية يكون نتيجتها الحرب الأهلية وبالتالي يخلو لها الجو لإحداث مزيد من الأعمال التخريبية وتوسيع رقعتها داخل مصر كما حدث في سوريا والعراق وليبيا وغيرهما. إذن يمكن أن نعتبر أن مخطط داعش وجماعات التكفير في مصر وخلال السنتين الماضيتين حتى اليوم هي كانت في المرحلة الاولى من مخططها الذي انحصر حتى وقت قريب في سيناء، وعليه فمن الممكن أن تشهد الأيام القادمة مزيدا من التصعيد داخل المدن من خلال مزيد من الأعمال التفجيرية والتخريبية، وتبقى الحكومة المصرية وشعبها بوعيهما وحكمتهما الحل الوحيد للتصدي لهذا المخطط التدميري الذي يراد له أن ينتشر في المنطقة العربية والإسلامية بأسرها.