الوقت- شكوك ووقائع كثيرة تؤكد أن ما سمي بمجزرة ال"هولوكوست" ليس له صلة بالحقيقة، ولكن ورغم ذلك أودّ أن أفترض أنها حصلت، هادفا للإضاءة على هذه الشماعة التي يستخدمها الصهاينة منذ عقود والتي تمكنوا من خلالها من إقناع جزء كبير من سكان المعمورة أن ما حصل هو فريد في التاريخ وكأن لا مجزرة سبقت ولا مأساة حلّت في أي من بقاع الأرض. وكأن لا شعب عانى ولا أمة اضطهدت سواهم على مرّ التاريخ.
نعم يا أعزاء لقد استطاع الصهاينة أن يقنعوا الكثير من الشعوب والحكومات أن ما حصل وصمة عار على جبين كافة الجنس البشري، ولذلك على الجميع تقديم الاعتذار والتعويضات المستمرة على الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر نفسه ولي الدم وصاحب الحق في الاقتصاص من الجنس البشري.
أتقن الصهاينة ومنذ تأسيس كيانهم الغاصب وحتى قبله وبعده فن الاتجار بالزيف، فشوهوا الحقائق التاريخية وحرّفوا الاصطلاحات ومفاهيمها. وخير مثال على ذلك قصة الهولوكوست ونشر مفهوم "معاداة السامية" الذي بات رديفا لأي حركة معاداة للصهيونية. هذا الأمر جعل من الشعوب وخاصة الأوروبية في حالة قمع فكري غريب من نوعه.
كيف ذلك؟ تمكن الصهاينة في الواقع من بناء خلفية في اللاوعي لدى الأوروبيين تقول أننا(نحن كشعوب) مقصّرين ونتحمل مسؤولية ما حلّ باليهود في الهولوكوست المزعوم، وأضافوا إلى ذلك فكرة أن أي معاداة للتطرف اليهودي بحق الفلسطينيين والعرب هو في الواقع معاداة للسامية بشكل عام. حتى وصلت الأمور إلى تشريع قوانين في الدول الأوروبية والغربية تهدّد بالسجن أي من تسوّل له نفسه التفوه بما لا يرضي الصهاينة.
هذه الكذبة ومفهوم معاداة السامية المغلوط، باتا بمثابة شماعة الصهاينة الجاهزة دوما للانقضاض على أي تطاول من أي مصدر أتى. اليوم وصلت الأمور إلى أبعد من ذلك حيث ومن خلال عملية كيّ الوعي العالمي تمكن الكيان الإسرائيلي من حرف الأنظار عن موضوع الأسلحة والرؤوس النووية التي يمتلكها، في مقابل مواجهة أعداء الكيان ومحاربتهم منعا لامتلاكهم أي مقومات قوة تخوّلهم مقاومة الصهاينة.
طبعا يعتبر بعض المحلّلين السبب الرئيسي الذي يدفع الكيان لاتباع هذه السياسة هو أزمة الهوية والتاريخ وحق وجود دولة على أرض فلسطين اسمها "إسرائيل". حيث لا يوجد أي مبرّر منطقي وأخلاقي أو حتى سياسي يعطي الحق لجماعة باحتلال أرض جماعة أخرى وتأسيس دولة. يحاول الكيان من خلال استغلال قصة الهولوكوست المزعومة أن يزوّر الواقع ويغيّر أدوار اللاعبين فيصبح الجلاد ضحيّة والضحية جلاد.
هناك مفهوم سياسي إعلامي اسمه "استثمار الخوف" يصدق أيضا في حالة الهولوكوست. ويصدق على مستويين الأول داخلي والآخر خارجي. على المستوى الداخلي يعاني الكيان الإسرائيلي ومنذ تأسيسه أزمة عدم تجانس مكوناته الداخلية. حيث استقطب إلى فلسطين في أواخر وأوائل القرنين الماضيين مئات الآلاف من اليهود من كافة أصقاع الأرض. يهود من عروق ومجتمعات مختلفة. منها المجتمعات الشرقية ومنها الغربية، منها المجتمعات المتطورة ومنها الفقيرة والمتخلفة. هذا الأمر جعل من النسيج الداخلي نسيجا غير متكامل ومنسجم.
لذلك وجد المنظرون لقيام دولة إسرائيل ضرورة إيجاد حدث يوحّد هذه الشرائح المختلفة تحت مفهوم وجداني إحساسي واحد. ولم يكن هناك أفضل من قصة الهولوكوست التي يُجمع الكيان الإسرائيلي عليها.
على رغم كل ما تقدّم بدأت المجتمعات وخاصة الغربية الأوروبية تتململ وتعلن مواقف شجاعة اتجاه هذا الأمر. ولعلّ أفضل مثال المجتمع الألماني الذي أكدّت استطلاعات رأي أن معظمه (81%) يودّ طي صفحة هذه المجزرة المزعومة وإنهاء هذا الملف الاستغلالي دون رجعة.
أيضا ازدادت في السنوات الأخيرة نشاطات الجمعيات الأوروبية المعنية بحقوق الإنسان وباتت تعلن تأييدها ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية وحتى مقاطعة الكيان الإسرائيلي ومنع شراء بضائعه في أسواقهم. كلّ ذلك نتيجة حتمية لزيف الادعاء الإسرائيلي حول الهولوكوست وبسبب التمادي في بث الرعب واستثمار مفهوم معاداة السامية لقمع أي محاولة قول للحقيقة من قبل المفكرين والناشطين الغربيين.
بعد أن أدركت الشعوب حقيقة ما يقوم به الصهاينة، وبعد أن بدأت تظهر بعض المؤشرات على انكسار الهالة التي صنعت للهولوكوست بدأ اليوم الصهاينة وكيانهم برسم استراتيجية جديدة لكيّ الوعي لدى الشعوب قائم على التهويل بخطر التطرف الإسلامي والخوف من الحركات المقاومة التي وضعت نصب أعينها تحرير فلسطين والأقصى من رجس الاحتلال الصهيوني.