انعكست الاضطرابات الامنية التي شهدتها المدن الايرانية في الايام القليلة الماضية على الاعلام العالمي بشكل كبير، وخصوصاً على الاعلام الغربي الامريكي، بحيث كانت تتصدر هذه الاضطرابات مقدمات نشرات الاخبار و ابحاث مراكز الدراسات الامريكية الكبيرة الى غيرها من البرامج الغربية السياسية. وتزامنت هذه التغطية الاعلامية ايضاً مع ردود افعال دولية على مستوى المسؤولين السياسيين لهذه الدول لتكشف مدى التدخل الخارجي لهذه الدول في السياسات الداخلية الايرانية.
دعم الجبهة الغربية والعبرية والعربية لزعزعة الاستقرار في إيران
وفي اولى ردود الافعال على الاضطرابات الايرانية اتت على لسان وزارة الخارجية الامريكية التي ذكرت في بيان لها بكلام الرئيس الامريكي دونالد ترامب، قبل بضعة اشهر، وبالادعاءات التي اصدرها ضد ايران بانها المصدر الرئيسي للـ "العنف وسفك الدماء والفوضى" في العالم. كما دعت واشنطن "جميع الدول" الى دعم الشعب الايراني "علنا"، رغم وصفها له بالجماعة الارهابية منذ فترة.
وفي الوقت نفسه غرد الرئيس الامريكي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي تويتر تغريدة داعمة للعنف في ايران جاء فيها: "إن العالم يراقب ما يحدث في إيران من قمع واعتداء على المتظاهرين، تقارير كثيرة حول الاحتجاجات السلمية التي يخوضها المواطنون الإيرانيون الذين تضرروا من فساد النظام وإهدار ثروات البلاد لتمويل الإرهاب في الخارج، يجب على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها، بما في ذلك حقهم في التعبير، العالم يراقب!".
وفي هذا السياق، ايدت شخصيات سياسية أمريكية بشكل عام مواقف الحزب الجمهوري تماشيا مع الرئيس ترامب ضد إيران، حيث انه في احدى اجراءات البيت الابيض ضد ايران، دعت نيكي هالي ممثلة امريكا في مجلس الامن الدولي المجلس يوم الثلاثاء الماضي الى مناقشة الوضع في ايران. غير ان التدخل الامريكي السافر في الداخل الايراني جوبه بمعارضة كبيرة من قبل الاعضاء الاخرين بما فيهم روسيا. كما رفض رئيس مجلس الامن الحالي "خيرات عمروف" وضع الطلب الامريكي على جدول اعمال المجلس.
وفي السياق نفسه، ومن اجل استفادة اعداء ايران من الاضطرابات الاخيرة، قال افغدور ليبرمان، وزير الحرب الصهيوني، يوم الثلاثاء 2 يناير الماضي: أن منفعة إسرائيل تكمن في لفت أنظار العالم إلى ما يجري في إيران لا في غزة. وسبق ليبرمان كل من الرئيس الاسرائيلي الحالي "بنيامين نتنياهو" ورئيس الاستخبارات الاسرائيلي "یسرائیل کاتز " اللذان اشادا بالمحتجين ضد الحكومة في إيران متمنيين لهم التوفيق في نيل الحرية على حد تعبيرهم.
وبصرف النظر عن التدخلات الأمريكية والصهيونية في الداخل الايراني، سعت بعض الدول العربية وبقيادة السعودية الى تضخيم الاضطرابات وتاجيج الازمة، وفي هذا الصدد كشف علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الأعلى في إيران، في مقابلة له مع قناة الميادين منذ يومين عن الدور السعودي الخفي في دعم الاضطرابات التي شهدتها ايران في الايام الماضية. و قال شمخاني: العداء الاميركي وعداء الرئيس ترامب بشكل خاص في هذه المرحلة لم يكن بعيداً عن تصورنا والحقيقة أن أميركا كل ما زرعت في منطقة الشرق الأوسط لحصده في يوم ما، خسرته بشكل كامل. بحسب رايهم فقد أنفقوا اكثر من 2 ترليون دولار ولكن ما هي الأوضاع اليوم في أفغانستان ؟ ماهي الاوضاع في العراق وسوريا ولبنان ؟ وكيف هي أوضاع أميركا ؟
اذن من الطبيعي أن يمارسوا العداء وهذا لا يختص بترامب فقط بل مراكز الأبحاث واعضاء الكونغرس ورئيسه والبيت الأبيض ووزارة الخارجية، الجميع يصدرون بيانات وأسباب هذا العداء يمكن فهمها، ولكن كما هزمت أميركا في سائر شؤون المنطقة، فإن الشعب الايراني دون شك سيخرج منتصرا جراء عملية التحريض هذه.
وعن المشكلات الاقتصادية قال شمخاني: صحيح أن ترامب يأتي الى المنطقة ويحصد 400 مليار دولار لحل مشاكله الاقتصادية الداخلية وينهب هذه الأموال ليدير بها عجلته الاقتصادية ولكن هنالك نقاط ضعف في أميركا. ونحن لدينا أيضا نقاط ضعف وهي ناتجة عن الضعف و الحرب و العقوبات ومنها بسبب سوء الادارة ونحن مطلعون على هذه المشاكل الاقتصادية ونعلم بأن الشعب بشكل طبيعي سيسأل عن اسباب هذه المشاكل.
معارضة اصدقاء طهران للتدخلات الخارجية في ايران
وخلافاً للتدخلات الامريكية في الشأن الداخلي الايراني، وقف اصدقاء ايران الخارجيين الى جانب الحكومة الايراني داعين المجتمع الغربي الى عدم التدخل في الشأن الداخلي الايراني، وعلى راس هذه الدول كانت روسيا التي دعت على لسان خارجيتها الى عدم قبولها لاي تدخل اجنبي فى الشؤون الداخلية الايرانية، والذى يمكن ان يساعد فى زعزعة الوضع في المنطقة.
والى جانب روسيا، دعت تركيا على لسان خارجيتها ايضاً أنها "تأمل في ألا تكون هناك تدخلات أجنبية في الشأن الإيراني، محذرة من إمكانية التصعيد كما نعتقد أنه من الضروري تجنب العنف وعدم الاستسلام للاستفزازات."
ولا يمكن ان ننسى كل من سوريا و العراق و فلسطين و اليمن ولبنان الذين عبروا عن رفضهم اي تدخل خارجي في الداخل الايراني قد يأدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
في الختام، اظهر التدخل الخارجي في الاحداث الاخيرة التي حدثت في ايران الدور الكبير الذي تمثله الجمهورية الاسلامية في المنطقة وتخوف الغرب و بعض الدول العربية من نجاحاتها الكبيرة في كل من سوريا والعراق واليمن وفلسطين، ومن خلال استخدام المعيشة حاول اعداء ايران الدخول اليها من اجل ارضاخ ايران في هذه الميادين. فهل ترضخ ايران؟ لا يبدو الأمر كذلك. الاحتجاج ضُبط في أطره. واستفادت الجمهورية الاسلامية من كشف المناوئين لها بسرعة.