الوقت - كشف طلال سلو، أحد المنشقين رفيعي المستوى، عن القوات التي يقودها الأكراد، عن تفاصيل مهمة، بشأن تحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم "داعش" الإرهابي. قائلا إن الجيش الأمريكي، بعد تغيير موقف تركيا في التعاون مع الولايات المتحدة، سمح لآلاف المقاتلين من تنظيم "داعش" بمغادرة المدينة التي كان التنظيم يتخذها عاصمة له وذلك في صفقة سرية لمواجهة قوات بشار الاسد من قبل امريكا.
وكان سلو يشغل منصبًا حساسًا في القوات الكردية المدعومة بشكل كبير من واشنطن، إلا أنه أعلن مؤخرًا انشقاقه وانتقاله إلى تركيا. وأعلن الجنرال طلال سلو، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، التي يمثل المقاتلون الكرد الجزء الأكبر منها اضافة الى بعض العرب، ان هذه القوات تصرفت نيابة عن الولايات المتحدة التي تتواجد في سوريا لقتال تنظيم داعش.
وطردت القوات المدعومة من الولايات المتحدة عناصر تنظيم داعش من مدينة الرقة في شهر أكتوبر. وبعد أسابيع قليلة، في منتصف نوفمبر / تشرين الثاني، سلم سلو نفسه إلى تركيا، عدوة الأكراد في شمال سوريا.
وقد تحدث سلو للمرة الاولى منذ تخليه عن القيادة قائلا انَّ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سمح بخروج عددٍ كبير من المقاتلين، أكثر بكثير من الرقم الذي أعلنه سابقًا، من المدينة التي كانت محاصرة. وقال سلو لرويترز "كان هناك اتفاق على ان الارهابيين سيغادرون المدينة". وأضاف أن مسؤولًا أمريكيًا في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، وافق على الصفقة خلال اجتماع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية. وأنكرت قوات سوريا الديمقراطية كل ذلك، وقال التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، إنه "لا يعقد صفقات مع الإرهابيين"، ووصف "مزاعم تواطئه مع داعش اتهامات كاذبة". وقال التحالف قبل أسبوعين إن أحد قادته كان حاضرا في المحادثات لكنه لم يكن مشاركًا بشكل نشط في الصفقة التي قيل إنها تمخضت عن اتفاق يسمح لإرهابيي داعش المسلحين بالخروج من الرقة، بحسب رويترز.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة "توصلت إلى اتفاقٍ لخروج الإرهابيين مع عائلاتهم، وهم نحو 4 آلاف شخص"، في حين كانت الادعاءات تشير الى مغادرة 500 مقاتل داعشي فقط من المدينة.
وسُرِّبَت الأخبار لأول مرةٍ عن اتفاقٍ سري بين قوات "سوريا الديمقراطية" و"تنظيم داعش الإرهابي" الشهر الماضي، بعد تحقيقٍ استقصائي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وحينها نفى التحالف الذي تقوده أمريكا أن يكون طرفًا في أي اتفاقات. بينما رفض مسؤولون أمريكيون تلك التصريحات، وقالوا إنها "زائفة ومفبركة".
وقالت مجلة نيوزويك الامريكية في هذا الشأن "انهم يزعمون بعدم وجود أي اتفاق مع الارهابيين. لكنهم كانوا يعرفون أن حلفائهم سمحوا بمغادرة المدينة لأسباب إنسانية". وقد أشار تحقيق هيئة الاذاعة البريطانية الى "ضابط غربي" يزعم انه حضر مناقشات حول السماح بمغادرة 250 داعشي بالاضافة الى 3500 من افراد اسرهم، في حين ترك بعض هؤلاء الافراد البلاد متجهين صوب البلد المجاور اي تركيا.
ولم يقدم سلو دلائل تُثبت ادعائه الا انه قال ان قواته اوقفت اي حركة سفر الى الرقة لمدة ثلاثة ايام في شهر اكتوبر الماضي لان النزاعات والاشتباكات التي كانت قائمة جعلت اي تردد وسفر في هذه المدينة خطيراً جدا.
كما إدعى "ان ذلك كله كان مجرد مسرحية لمن كان يغادر دير الزور" ويقول: "في الواقع، كانوا يوفرون الغطاء اللازم لخروج آلاف المقاتلين والمئات من أفراد أسرهم".
في ذلك الوقت، كانت المدن الشرقية في سوريا في حالة حرب مع تنظيم داعش الارهابي، وكانت تلك المناطق تشهد اشتباكات كبيرة مع القوات السورية. وكان الجيش السوري، جنبا إلى جنب مع قوات التحالف، بما في ذلك الشيعة المدعومون من إيران، قد تخلوا تماما عن القوات المدعومة من الغرب.
وكان دعم أمريكا للمقاتلين الأكراد سببًا رئيسيًا للخلافات بين تركيا وأمريكا، حيث تقول تركيا إن وحدات حماية الشعب الكردية تمثل امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي شن حملة تمرد على مدار ثلاثة عقود في جنوب شرق تركيا وتعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية.
وفي عام 2014، أعطى الجيش الروسي، بدعم من الأسد، الجيش السوري وحلفائه الفرصة للسيطرة على أجزاء كثيرة من البلاد. ومع تضاؤل دعم الولايات المتحدة للمتمردين والتركيز على الشركاء الأكراد، حاول الجيش الديمقراطي السوري السيطرة على مدينة الرقة.
وفي نهاية المطاف، كسرت روسيا وحلفاء ايران المقاومة في أيلول / سبتمبر واستولوا على المدينة بأكملها. وتم تحرير آخر المدن الكبرى تحت سيطرة تنظيم في مطلع تشرين الثاني / نوفمبر. وقد اتهمت روسيا منذ فترة طويلة الولايات المتحدة بأنها غير فعالة في سوريا، بل إنها تدعم تنظيم داعش والجماعات الجهادية الأخرى.
وقد نفت الولايات المتحدة هذا الادعاء واتهمت روسيا وحلفاءها بانتهاك حقوق الانسان. ومع هزيمة داعش شبه الكاملة في العراق وسوريا، ستبدأ القوات المدعومة من الولايات المتحدة وروسيا حربا على ما تبقى من فلول التنظيم.
وقد تمكنت الحكومة السورية حتى الآن من توسيع سيطرتها في جميع مناطقها تقريبا، ولكن لا تزال هناك مناطق في الشمال تسيطر عليها القوات الكردية، وكذلك هنالك تحركات للمتمردين في الشمال الغربي والجنوب الغربي. وفي الأشهر الأخيرة، قامت روسيا بترأس المحادثات بين الأسد والأكراد والمتمردين.