الوقت- تعتبر الانتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا انتخابات هامة جدا فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لهذا البلد لأنها اول انتخابات برلمانية تجري بعد انتخاب رئيس الجمهورية عبر التصويت المباشر من قبل الناخبين، وتشير النتائج إلي ان الشعب التركي لم يسمح لاي حزب من الاحزاب السياسية بتشكيل حكومة مستقلة وان الحزب الحاكم الذي ينتمي اليه الرئيس رجب طيب اردوغان قد فقد الاغلبية في البرلمان والتي كانت تسمح له بتشكيل حكومة، وفي الحقيقة تشير نتائج الانتخابات التركية ان زمن حكم حزب العدالة والتنمية الذي دام 13 سنة قد انتهى وهناك مستقبل مجهول امام الحياة السياسة التركية حيث يمكن الرجوع مجددا الى زمن تشكيل الحكومات الائتلافية.
ورغم ان اردوغان سيقوم على الأرجح بتكليف احمد داود اوغلو بتشكيل الحكومة بصفته رئيسا لأكبر حزب سياسي في البرلمان لكن اوغلو سيحتاج الى 276 مقعدا من مقاعد البرلمان لتشكيل الحكومة ولذلك يمكن القول ان هناك 3 سيناريوهات محتملة في الفترة القادمة فيما يخص موضوع تشكيل الحكومة التركية وهي:
قيام حزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة اقلية، وفي هذه الحالة لايمكن للحكومة ان تصوت على مشاريعها والقوانين التي تريدها كما تشاء ولابد لها ان تتجه نحو التعامل البناء مع باقي الاحزاب وتشارك آرائها في القرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها.
قيام حزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة ائتلافية مع احد الاحزاب وفي هذه الحالة فإن امكانية حصول الائتلاف بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب الشعب الجمهوري او حصول ائتلاف بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب الحركة الوطنية هو احتمال ضعيف ولذلك يبقى الخيار الوحيد هو التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي، ورغم وجود حالة عداء بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي اثناء الحملة الانتخابية واتخاذ كل من الحزبين مواقف متشددة تجاه الآخر لكن هناك احتمال لايجاد تحالف بينهما الآن ويبقى على حزب العدالة والتنمية في هذه الحالة ان يقدم امتيازات كثيرة لحزب الشعوب الديمقراطي خاصة في مجال حقوق الاقلية الكردية.
عدم تشكيل حكومة خلال الـ 45 يوما المقبلة واعادة اجراء الانتخابات البرلمانية، وذلك نظرا للمعارضة الشديدة التي تبديها الاحزاب الثلاثة الأخرى لسياسات حزب العدالة والتنمية ما يؤدي الى خلق مشاكل كبيرة امام تشكيل حكومة اقلية او حكومة ائتلافية ولذلك هناك احتمال لاعادة الانتخابات في تركيا. وتتم عملية اعادة الانتخابات في تركيا بقرار من قبل البرلمان او قرار من قبل رئيس الجمهورية حيث يجب اجراء هذه الانتخابات بعد قرار البرلمان او قرار رئيس الجمهورية في فترة لاتتعدى الـ 3 اشهر.
وهكذا يبدو أن حزب العدالة والتنمية لم يستطع مواجهة الأحزاب المعارضة الثلاثة والمنظومة السياسية والإعلامية الداعمة لها وحده، خاصة أن تهم الفساد التي لاحقت بعض وزرائه بقيت سيفا مسلطا في يد المعارضة أجادت استثماره.
كما يبدو أن أردوغان وحزبه فشلا في التسويق لمشروع النظام الرئاسي للبلاد ولم ينجحا في طمأنة المواطنين الذين يخشون سير البلاد نحو مزيد من الدكتاتورية، كما أن مشاركته الفاعلة في ميادين الانتخابات قد زادت من هذه المخاوف وأعطت شعورا بعدم الثقة بداود أوغلو نفسه.
وفي مجمل الاحوال تعتبر نتائج الانتخابات التركية مؤشرا على ابتعاد الناخب التركي عن حزب العدالة والتنمية مهما قيل بان هذا الحزب لايزال اكبر الاحزاب في البرلمان، وفي هذا السياق يجب عدم نسيان تأثير السياسات الخارجية الخاطئة التي اتخذها قادة هذا الحزب الذين كانوا يحكمون تركيا بمفردهم على الرأي العام التركي الذي ادرك تضرره وتضرر بلاده جراء هذه السياسات واستعداء دول الجوار مثل سوريا والعراق خدمة لمشاريع بعض الجهات الاقليمية والدولية.